للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَوْضِعِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاطُ لِحِشْمَةِ مِلْكِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

[الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي]

(الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي) إذَا تَقَدَّمَ رَجُلٌ إلَى الْقَاضِي فَسَأَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ بَيِّنَةً عَلَى حَقٍّ عَلَى رَجُلٍ فِي بَلَدٍ آخَرَ لِيَكْتُبَ لَهُ كِتَابًا إلَى قَاضِي ذَلِكَ الْبَلْدَةِ فَالْقَاضِي يَسْمَعُ شُهُودَهُ عَلَى حَقِّهِ الَّذِي يَدَّعِي، وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي أَنَّ الْقَاضِيَ يَكْتُبُ عِنْدَ شَطْرِ الشَّهَادَةِ بِأَنْ أَقَامَ رَجُلٌ عِنْدَ الْقَاضِي شَاهِدًا وَاحِدًا بِحَقٍّ لَهُ قِبَلَ رَجُلٍ أَوْ شَهِدَتْ لَهُ امْرَأَةٌ أَوْ شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ فَالْقَاضِي يَكْتُبُ بِذَلِكَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

يَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ كِتَابَ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي صَارَ حُجَّةً شَرْعًا فِي الْمُعَامَلَاتِ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ قَدْ يُفْتَعَلُ وَيُزَوَّرُ وَالْخَطُّ يُشْبِهُ الْخَطَّ وَالْخَاتَمُ يُشْبِهُ الْخَاتَمَ، وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ حُجَّةً بِالْإِجْمَاعِ وَلَكِنْ إنَّمَا يَقْبَلُهُ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ عِنْدَ وُجُودِ شَرَائِطِهِ وَمِنْ جُمْلَةِ الشَّرَائِطِ الْبَيِّنَةُ، حَتَّى أَنَّ الْقَاضِيَ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ لَا يَقْبَلُ كِتَابَ الْقَاضِي مَا لَمْ يَثْبُتْ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ كِتَابُ الْقَاضِي، وَمِنْ جُمْلَةِ مَا عُمِلَ فِيهِ بِالْقِيَاسِ الْحُدُودُ وَالْقِصَاصُ وَالْمَنْقُولَاتُ نَحْوُ الْعُرُوضِ وَالثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ وَالْجَوَارِي عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ، حَتَّى لَمْ يُجَوِّزُوا كِتَابَ الْقَاضِي فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، ثُمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ: يَجُوزُ فِي الْعَبِيدِ فِي الْإِبَاقِ وَلَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهِمْ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ يَجُوزُ فِي جَمِيعِ الْمَنْقُولَاتِ وَبِهِ أَخَذَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا، وَحُكِيَ عَنْ الْقَاضِي الْإِمَامِ الْمُنْتَسِبِ إلَى إسْبِيجَابَ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي وَيُجَوِّزُ كِتَابَ الْقَاضِي فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَفِي كُلِّ حُكْمٍ يُمْكِنُ تَحَقُّقُ شَرَائِطِ كِتَابِ الْقَاضِي فِيهِ مِنْ إعْلَامِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَفِي سَائِرِ النَّقْلِيَّاتِ إنَّمَا لَمْ يَجُزْ كِتَابُ الْقَاضِي عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ إعْلَامَ الْمَشْهُودِ بِهِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِالْإِشَارَةِ وَلَا إشَارَةَ عِنْدَ الْكِتَابِ فَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ فَلَمْ يَجُزْ الْكِتَابُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.

إذَا قَالَ الرَّجُلُ: إنَّ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ بِبَلَدِ كَذَا زَوْجَتِي وَإِنَّهَا تَجْحَدُ نِكَاحِي وَإِنْ شُهُودِي عَلَى النِّكَاحِ هَهُنَا فَلَا يُمْكِنِّي الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ شُهُودِي؛ فَاكْتُبْ لِي فِي هَذَا كِتَابًا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْمَعُ شَهَادَةَ شُهُودِهِ وَيَكْتُبُ لَهُ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّهَا امْرَأَةُ فُلَانٍ الْغَائِبِ أَوْ ادَّعَى وَلَاءَ عَتَاقَةٍ أَوْ وَلَاءَ مُوَالَاةٍ. وَكَذَا لَوْ ادَّعَى نَسَبًا بِأَنْ قَالَ رَجُلٌ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ أَبِي وَهُوَ يُنْكِر نَسَبِي وَلِي بَيِّنَةٌ هَهُنَا أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُمِّي وَأَنِّي قَدْ وُلِدْت عَلَى فِرَاشِهِ وَنُسِبْتُ إلَيْهِ فَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَإِنَّهُ يَكْتُبُ لَهُ كِتَابًا.

وَكَذَا لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ: أَنَّهُ أَبُو فُلَانٍ الْغَائِبِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَطَلَبَ مِنْهُ الْكِتَابَ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخُو فُلَانٍ الْغَائِبِ، أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ عَمُّهُ وَطَلَبَ الْكِتَابَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَكْتُبُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ إرْثًا أَوْ نَفَقَةً أَوْ يَدَّعِيَ مِنْ الْحَضَانَةِ وَالتَّرْبِيَةِ فِي اللَّقِيطِ أَوْ فِي الْأَبِ وَالِابْنِ يَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَلَوْ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>