للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُسْتَبْضَعُ، كَذَا فِي الْكَافِي.

فَأَمَّا الَّذِي يَبِيعُ بِالْأَجْرِ كَالْبَيَّاعِ وَالسِّمْسَارِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ وَيُجْعَلَ بِمَنْزِلَةِ الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ بِحُكْمِ الْعَادَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَإِذَا صَارَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ دَيْنًا عَلَى النَّاسِ فَنَهَاهُ رَبُّ الْمَالِ عَنْ التَّقَاضِي، وَقَالَ: أَنَا أَتَقَاضَى مَخَافَةَ أَنْ يَأْكُلَ الْمُضَارِبُ، فَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ فَالتَّقَاضِي يَكُونُ لِلْمُضَارِبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ رِبْحٌ فَلِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ التَّقَاضِي وَيُجْبَرُ الْمُضَارِبُ عَلَى أَنْ يُحِيلَ رَبَّ الْمَالِ عَلَى الْغُرَمَاءِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

ثُمَّ إنْ كَانَ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ رِبْحٌ وَأُجْبِرَ الْمُضَارِبُ عَلَى التَّقَاضِي هَلْ تَكُونُ نَفَقَتُهُ حَالَ التَّقَاضِي فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ إنْ كَانَ الدَّيْنُ فِي مِصْرِ الْمُضَارِبِ فَلَا، وَإِنْ كَانَ فِي مِصْرٍ آخَرَ فَإِنَّ نَفَقَةَ سَفَرِهِ وَنَفَقَةَ ذَلِكَ الْمَسِيرِ مَا دَامَ فِي حَالِ التَّقَاضِي - فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَإِنْ طَالَ سَفَرُ الْمُضَارِبِ وَمُقَامُهُ حَتَّى أَتَتْ النَّفَقَةُ عَلَى جَمِيعِ الدَّيْنِ، فَإِنْ فَضَلَ عَلَى الدَّيْنِ حَسَبَ لَهُ النَّفَقَةَ مِقْدَارَ الدَّيْنِ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ يَكُونُ عَلَى الْمُضَارِبِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ التَّاسِع عَشَرَ فِي مَوْتِ الْمُضَارِبِ وَإِقْرَارِهِ فِي الْمَرَضِ]

(الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي مَوْتِ الْمُضَارِبِ وَإِقْرَارِهِ فِي الْمَرَضِ) . إذَا مَاتَ الْمُضَارِبُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَمَالُ الْمُضَارَبَةِ فِي يَدِهِ مَعْرُوفٌ وَهُوَ دَرَاهِمُ وَكَانَ رَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمَ بُدِئَ بِرَبِّ الْمَالِ قَبْلَ الْغُرَمَاءِ بِأَخْذِ رَأْسِ الْمَالِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَهَلْ يَأْخُذُ الرِّبْحَ إنْ كَانَ الرِّبْحُ ظَاهِرًا وَقَدْ عُرِفَ وُصُولُهُ إلَى الْمُضَارِبِ كَانَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ مِنْ الرِّبْحِ قَبْلَ الْغُرَمَاءِ ثُمَّ مَا بَقِيَ مِنْ حِصَّةِ الْمُضَارِبِ مِنْ الرِّبْحِ يَكُونُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

فَإِنْ قَالَ وَرَثَةُ الْمُضَارِبِ وَالْغُرَمَاءُ: الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى الْمُضَارِبِ مِنْ الْمُضَارَبَةِ وَكَذَّبَهُمْ رَبُّ الْمَالِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ حِينَ مَاتَ الْمُضَارِبُ عُرُوضًا أَوْ دَنَانِيرَ فَأَرَادَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَبِيعَهَا مُرَابَحَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَاَلَّذِي يَلِي بَيْعَهَا وَصِيُّ الْمُضَارِبِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ جَعَلَ الْقَاضِي لَهُ وَصِيًّا يَبِيعُهَا فَيُوَفِّي رَبَّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ وَحِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ وَيُعْطِي حِصَّةَ الْمُضَارِبِ مِنْ الرِّبْحِ غُرَمَاءَهُ وَقَالَ فِي الْمُضَارَبَةِ الصَّغِيرُ: يَبِيعُهَا وَصِيُّ الْمَيِّتِ وَرَبُّ الْمَالِ وَمَا ذُكِرَ هُنَا أَصَحُّ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

فَإِنْ أَرَادَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الدَّنَانِيرِ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ فَأَعْطَاهُ الْوَصِيُّ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِنْ كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ لَا تُعْرَفُ بِعَيْنِهَا فَرَبُّ الْمَالِ أُسْوَةٌ لِلْغُرَمَاءِ فِي جَمِيعِ تَرِكَتِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَمَنْ دَفَعَ إلَى آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَأَقَرَّ الْمُضَارِبُ عِنْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ بَاعَ بِالْمَالِ وَاشْتَرَى فَرَبِحَ أَلْفًا ثُمَّ مَاتَ الْمُضَارِبُ وَالْمُضَارَبَةُ غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ وَلِلْمُضَارِبِ مَالٌ فِيهِ وَفَاءٌ بِالْمُضَارَبَةِ وَبِالرِّبْحِ فَإِنَّ رَبَّ الْمَالِ يَأْخُذُ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ رَأْسَ مَالِهِ أَلْفًا وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَلَوْ أَقَرَّ الْمُضَارِبُ أَنَّهُ قَبَضَ الرِّبْحَ حَتَّى تَثْبُتَ يَدُهُ عَلَى الرِّبْحِ يَصِيرُ ضَامِنًا حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَلَوْ أَنَّ الْمُضَارِبَ قَالَ فِي مَرَضِهِ: قَدْ رَبِحْتُ فِي الْمُضَارَبَةِ أَلْفًا وَوَصَلَ إلَيَّ فَضَاعَ الْمَالُ كُلُّهُ وَكَذَّبَهُ رَبُّ الْمَالِ، وَقَالَ: لَا بَلْ عِنْدَكَ وَقَدْ صِرْتُ ضَامِنًا بِالْجُحُودِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُضَارِبِ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْلَافِ فَإِنَّهُ يَسْتَحْلِفُ الْوَرَثَةَ عَلَى الْعِلْمِ، فَإِنْ حَلَفُوا بَرِئُوا وَإِنْ نَكَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَنْ الْيَمِينِ لَزِمَهُ رَأْسُ الْمَالِ وَحِصَّةُ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ مِنْ نَصِيبِهِ خَاصَّةً، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْمُضَارِبُ فِي مَرَضِهِ: قَدْ دَفَعْتُ رَأْسَ الْمَالِ إلَى رَبِّ الْمَالِ وَحِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَكَذَّبَهُ رَبُّ الْمَالِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُضَارِبِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُضَارِبُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَحْلِفَ فَلِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَسْتَحْلِفَ الْوَرَثَةَ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّ هَذَا يُخَالِفُ الْفَصْلَ الْأَوَّلَ فِي شَيْءٍ وَهُوَ أَنَّ مَا فِي يَدِ الْمُضَارِبِ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ فِي زَعْمِهِ فَإِنَّ رَبَّ الْمَالِ يَأْخُذُ مِنْهُ رَأْسَ مَالِهِ، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ اقْتَسَمَاهُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمُضَارِبِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ وَحِصَّةُ الْمُضَارِبِ مِنْ الرِّبْحِ غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْمُضَارِبَ قَدْ رَبِحَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَوَصَلَ إلَيْهِ فَإِنَّ رَبَّ الْمَالِ يُحَاصُّ الْغُرَمَاءَ بِمَا فِي يَدِ الْمُضَارِبِ مِنْ الرِّبْحِ وَلَا يَحَاصُّهُمْ بِمِقْدَارِ رَأْسِ مَالِهِ وَحِصَّتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>