للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مُدَبَّرٌ لَهُ بَطَلَ عَنْ الْمُدَبَّرِ الدَّيْنُ حَتَّى يَعْتِقَ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْغَارِّ مِنْ قِيمَةِ رَقَبَتِهِ، وَلَا مِنْ كَسْبِهِ، وَلَوْ قُتِلَ الْمُدَبَّرُ فِي يَدَيْ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ ضَمِنَ الْغَارُّ قِيمَتَهُ مُدَبَّرًا لِلْغُرَمَاءِ.

وَلَوْ أَتَى بِجَارِيَةٍ إلَى السُّوقِ، فَقَالَ: هَذِهِ أَمَتِي فَبَايِعُوهَا فَلَحِقَهَا دَيْنٌ يُحِيطُ بِرَقَبَتِهَا ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا فَاسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ، وَأَخَذَهَا وَوَلَدَهَا ضَمِنَ الْغَارُّ قِيمَتَهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ اُسْتُحِقَّتْ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ أَمَرَهُمْ بِمُبَايَعَتِهَا أَوْ أَقَلَّ ضَمِنَ الْغَارُّ قِيمَتَهَا يَوْمَ اُسْتُحِقَّتْ، وَلَوْ أَقَامَ الْغَارُّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ أَنَّهُ قَدْ أَذِنَ لَهَا فِي التِّجَارَةِ قَبْلَ أَنْ يَغُرَّهُمْ أَوْ بَعْدَمَا غَرَّهُمْ قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَهُ دَيْنٌ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي جِنَايَةِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ]

(الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي جِنَايَةِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَجِنَايَةِ عَبْدِهِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ) إذَا جَنَى الْمَأْذُونُ عَلَى حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ جِنَايَةً خَطَأً، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ قِيلَ لِمَوْلَاهُ ادْفَعْهُ بِالْجِنَايَةِ أَوْ افْدِهِ فَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَقَدْ طَهُرَ الْعَبْدُ مِنْ الْجِنَايَةِ فَبَقِيَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ فِيهِ فَيُبَاعُ فِي دَيْنِهِمْ، وَإِنْ دَفَعَهُ بِالْجِنَايَةِ أَتْبَعَهُ الْغُرَمَاءُ فِي أَيْدِي أَصْحَابِ الْجِنَايَةِ فَبَاعُوهُ فِي دَيْنِهِمْ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ أَوْلِيَاءُ الْجِنَايَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ ثُمَّ إذَا بِيعَ الْعَبْدُ لِلْغُرَمَاءِ بَعْدَمَا دُفِعَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ لَا يَكُونُ لِأَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَى الْمَوْلَى بِشَيْءٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ الْمَأْذُونِ قَبْلَ لُحُوقِ الدَّيْنِ، وَبِيعَ الْعَبْدُ لِلْغُرَمَاءِ بَعْدَمَا دُفِعَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ حَيْثُ يَكُونُ لِأَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَى الْمَوْلَى بِقِيمَةِ الْمَأْذُونِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ جَنَى عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ فَقَتَلَ رَجُلًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا خَطَأً فَإِنَّهُ يُخَاطَبُ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ بِالدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ لَا الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمُغْنِي.

إذَا كَانَتْ لِلْمَأْذُونِ جَارِيَةٌ مِنْ تِجَارَةٍ فَقَتَلَتْ قَتِيلًا خَطَأً فَإِنْ شَاءَ الْمَأْذُونُ دَفَعَهَا، وَإِنْ شَاءَ فَدَاهَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ نَفْسًا وَقِيمَةُ الْجَارِيَةِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَفَدَاهَا الْمَأْذُونُ بِعَشَرَةِ آلَافٍ فَهُوَ جَائِزٌ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَجُوزُ فِي قَوْلِهِمَا، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا فَوَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَيْهَا فَصَالَحَ الْمَأْذُونُ جَازَ، وَإِنْ كَانَ الْمَأْذُونُ هُوَ الْقَاتِلُ فَصَالَحَ عَنْ نَفْسِهِ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، إذَا أَبْطَلَ الْقَاضِي صُلْحَهُ عَنْ نَفْسِهِ لَيْسَ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ أَنْ يَقْتُلَ الْعَبْدَ، وَلَا يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِمَّا صَالَحَهُ حَتَّى يُعْتَقَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ رَجُلًا عَمْدًا، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَصَالَحَ الْمَوْلَى عَلَى أَنْ يَجْعَلَ الْعَبْدَ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ بِحَقِّهِمْ لَمْ يَجُزْ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَقْتُلُوهُ، وَقَدْ سَقَطَ الْقِصَاصُ، وَيُبَاعُ فِي الدَّيْنِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ كَانَ لِصَاحِبِ الْجِنَايَةِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ كَذَا فِي الْمُغْنِي.

وَلَوْ كَانَ لِلْمَأْذُونِ دَارٌ مِنْ تِجَارَتِهِ فَوُجِدَ فِيهَا قَتِيلٌ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ مُحِيطٌ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ فَفِي الْقِيَاسِ لَا شَيْءَ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى، وَلَكِنْ يُخَاطَبُ بِدَفْعِ الْعَبْدِ أَوْ الْفِدَاءِ، وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ، وَجَعَلَ الدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى، وَعَلَى هَذَا لَوْ شَهِدَ عَلَى الْمَأْذُونِ فِي حَائِطٍ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ مَائِلٍ فَلَمْ يَنْقُضْهُ حَتَّى وَقَعَ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى، وَقَالَا: هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْقَتِيلِ يُوجَدُ فِي هَذِهِ الدَّارِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقِيلَ هُوَ كَذَلِكَ عَلَى جَوَابِ الِاسْتِحْسَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ عَلَى دَابَّةٍ فَقَتَلَهَا فَإِنَّ قِيمَتَهَا فِي عُنُقِ الْعَبْدِ فَيُبَاعُ فِيهَا أَوْ يَفْدِيَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ دَيْنٌ فَجَنَى جِنَايَةً فَبَاعَهُ مَوْلَاهُ مِنْ أَصْحَابِ الدُّيُونِ بِدُيُونِهِمْ إنْ كَانَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْأَرْشِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمْ بِالْجِنَايَةِ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَرْشُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَبِعْ الْمَوْلَى الْعَبْدَ مِنْ الْغُرَمَاءِ حَتَّى جَاءَ أَصْحَابُ الْجِنَايَةِ فَدَفَعَهُ الْمَوْلَى إلَى أَصْحَابِ الْجِنَايَةِ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ فَالْقِيَاسُ أَنْ يُضَمِّنَ قِيمَتَهُ لِلْغُرَمَاءِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يُضَمِّنُ لِلْغُرَمَاءِ شَيْئًا، إذَا جَازَ الدَّفْعُ، وَلَمْ يَضْمَنْ اسْتِحْسَانًا كَانَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَبِيعُوهُ بِدَيْنِهِمْ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ أَصْحَابُ الْجِنَايَةِ بِالدَّيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>