للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخَرَ سِوَى الْمَكْتُوبَةِ وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ قَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: إنَّ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ السَّنَةَ أَيْضًا وَاتَّفَقُوا أَنَّهُ لَا يُؤَدِّيَ نَفْلًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَفِي غَرِيبِ الرِّوَايَةِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْمُسْتَأْجِرُ لَا يَمْنَعُ الْأَجِيرَ فِي الْمِصْرِ مِنْ إتْيَانِ الْجُمُعَةِ فَيُسْقِطُ مِنْ الْأَجْرِ بِقَدْرِ اشْتِغَالِهِ بِذَلِكَ إنْ كَانَ بَعِيدًا، وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا لَمْ يُحَطَّ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْرِ فَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فَاشْتَغَلَ قَدْرَ رُبْعِ النَّهَارِ حَطَّ عَنْهُ رُبُعَ الْأَجْرِ فَإِنْ قَالَ الْأَجِيرُ: حُطَّ مِنْ الرُّبُعِ مِقْدَارَ اشْتِغَالِي بِالصَّلَاةِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَتَحَمَّلَ مِنْ الرُّبُعِ مِقْدَارَ اشْتِغَالِهِ بِالصَّلَاةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا شَهْرًا لِيَعْمَلَ لَهُ كَذَا لَا يَدْخُلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِلْعُرْفِ وَابْتِدَاؤُهُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.

اسْتَأْجَرَ نَجَّارًا يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ فَأَمَرَهُ آخَرُ أَنْ يَتَّخِذَ لَهُ دَوَّارَةً بِدِرْهَمٍ فَاِتَّخَذَ، إنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَجِيرٌ لَا يَحِلُّ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَا بَأْسَ وَيُنْقِصُ مِنْ أَجْرِ النَّجَّارِ قَدْرَهُ إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ فِي حِلٍّ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

وَإِذَا وَجَدَ الْأَجِيرُ مَكَانًا خَيْرًا مِنْ الْأَوَّلِ مِنْ حَيْثُ الطَّعَامُ وَنَحْوُهُ، أَوْ كَانَ الْأَوَّلُ بِدِرْهَمٍ وَالثَّانِي بِدِرْهَمَيْنِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ يَدْفَعُ لَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي تَصَرُّفِ الْأَجِيرِ فِي الْأُجْرَةِ]

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي تَصَرُّفِ الْأَجِيرِ فِي الْأُجْرَةِ) إذَا أَبْرَأَ الْمُؤَجِّرُ الْمُسْتَأْجِرَ مِنْ الْأُجْرَةِ أَوْ وَهَبَهَا مِنْهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ تَعْجِيلَ الْأُجْرَةِ فِي الْعَقْدِ لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَيْنًا كَانَتْ الْأُجْرَةُ أَوْ دَيْنًا وَالْإِجَارَةُ عَلَى حَالِهَا لَا تَنْفَسِخُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ دَيْنًا جَازَ ذَلِكَ قَبِلَ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ وَلَا تُنْتَقَضُ الْإِجَارَةُ، وَإِنْ كَانَ عَيْنًا فَوَهَبَهَا وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَتَقَايَضَا فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْهِبَةِ تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ، وَإِنْ رَدَّ الْهِبَةَ لَمْ تَبْطُلْ وَعَادَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى حَالِهَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْأَجْرِ أَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ دَيْنًا وَشَرَطَ التَّعْجِيلَ صَحَّ بِالْإِجْمَاعِ وَالْعَقْدُ بِحَالِهِ وَلَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْكُلِّ إلَّا دِرْهَمًا صَحَّ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَطِّ وَلَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَيْنًا لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ مِنْ الْمُؤَجِّرِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ جَازَتْ بِلَا خِلَافٍ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ

ذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ فِي نَوَازِلِهِ لَوْ وَهَبَ الْمُؤَجِّرُ أَجْرَ رَمَضَانَ هَلْ يَجُوزُ قَالَ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ اسْتَأْجَرَ سَنَةً يَجُوزُ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ مُشَاهَرَةً يَجُوزُ إذَا دَخَلَ رَمَضَانُ وَلَا يَجُوزُ قَبْلَهُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَبِهِ نَأْخُذُ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

وَلَوْ مَضَى مِنْ السَّنَةِ نِصْفُهَا ثُمَّ أَبْرَأَهُ عَنْ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ أَوْ وَهَبَهَا مِنْهُ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ الْكُلِّ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَجُوزُ الْبَرَاءَةُ عَنْ الْكُلِّ وَلَا تَجُوزُ عَنْ النِّصْفِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

ذَكَرَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ آجَرَ أَرْضَهُ مِنْ رَجُلٍ بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ فَلَمْ يَزْرَعْ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ حَتَّى وَهْبَ الْآجِرُ الْأَجْرَ لَلْمُسْتَأْجِرِ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ ثُمَّ انْتَقَضَتْ الْإِجَارَةُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآجِرِ بِمَا أَعْطَاهُ مِنْ الْأَجْرِ إلَّا بِحِصَّةِ مَا مَضَى مِنْ السَّنَةِ وَالْأَرْضُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ وَهَبَ لَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ اشْتَرَى الْمُؤَجِّرُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ عَيْنًا مِنْ الْأَعْيَانِ جَازَ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَيَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِمِثْلِ الْأُجْرَةِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بَيْنَ الثَّمَنِ وَبَيْنَ الْأُجْرَةِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فَإِنْ تَعَذَّرَ إيفَاءُ الْعَمَلِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِالدَّرَاهِمِ دُونَ الْمَتَاعِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَلَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ دَرَاهِمَ فَأَخَذَ مَكَانَهَا دَقِيقًا أَوْ زَيْتًا أَوْ عِوَضًا آخَرَ جَازَ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.

وَإِذَا تَصَارَفَ الْآجِرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ الْأُجْرَةَ فَأَخَذَ بِالدَّرَاهِمِ دَنَانِيرَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ كَانَا شَرَطَا التَّعْجِيلَ فِي الْأُجْرَةِ حَتَّى وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ جَازَتْ الْمُصَارَفَةُ إجْمَاعًا، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَلَمْ يَشْتَرِطَا التَّعْجِيلَ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَجُوزُ وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ الصَّرْفُ بَاطِلٌ إذَا افْتَرَقَا قَبْلَ إيفَاءِ الْعَمَلِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ دَيْنًا فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَيْنًا بِأَنْ كَانَتْ نُقْرَةً بِعَيْنِهَا فَأَعْطَاهُ الْمُسْتَأْجِرُ مَكَانَهُ دَنَانِيرَ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَتْ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَسَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ اشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ أَوْ بَعْدَهُ فِي الْأَصْلِ إذَا وَقَعَتْ الْمُصَارَفَةُ بِالْأُجْرَةِ وَقَدْ عَقَدَ الْإِجَارَةَ عَلَى حَمْلِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَحْمِلَ شَيْئًا أَوْ بَعْدَمَا سَارَ

<<  <  ج: ص:  >  >>