للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُمْ بِجِنَانِهِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَوَى ابْنُ مُقَاتِلٍ عَنْ عُلَمَائِنَا أَنَّهُمْ لَا يَبْرَءُونَ وَلَوْ قَالَ: كُلُّ غَرِيمٍ لِي فَهُوَ فِي حِلٍّ. قَالَ ابْنُ مُقَاتِلٍ لَا يَبْرَأُ غُرَمَاؤُهُ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَا لَوْ قَالَ لَيْسَ لِي بِالرَّيِّ شَيْءٌ ثُمَّ جَاءَ فِي الْغَدِ وَادَّعَى أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِي مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً وَهِيَ بِالرَّيِّ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ ابْنُ مُقَاتِلٍ أَمَّا عِنْدِي فَفِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا يَبْرَأُ غُرَمَاؤُهُ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

رَجُلٌ قَالَ أَعْطُوا ابْنَ فُلَانٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فَإِنِّي أَكَلْت مِنْ مَالِهِ شَيْئًا فَإِنْ لَمْ تَجِدُوهُ فَأَعْطُوا وَرَثَتَهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا وَرَثَتَهُ فَتَصَدَّقُوا عَنْهُ فَوَجَدُوا امْرَأَتَهُ لَا غَيْرُ. قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ إنْ ادَّعَتْ مَهْرَهَا عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْرِفْ وَارِثٌ سِوَاهَا يَدْفَعُ إلَيْهَا مَهْرَهَا وَإِنْ لَمْ تَدَّعِ الْمَهْرَ فَلَهَا الرُّبْعُ مِنْهَا إذَا قَالَتْ لَا وَلَدَ لَهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

وَمَنْ وَضَعَ دِرْهَمًا عِنْدَ بَقَّالٍ لِيَأْخُذَ مِنْهُ مَا شَاءَ يُكْرَهُ ذَلِكَ وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنَّ رَجُلًا فَقِيرًا لَهُ دِرْهَمٌ يَخَافُ أَنْ لَوْ كَانَ فِي يَدِهِ يَهْلَكُ أَوْ يُصْرَفُ إلَى حَاجَتِهِ لَكِنَّ حَاجَتَهُ إلَى الْمُعَامَلَةِ مَعَ الْبَقَّالِ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهَا كَمَا فِي شِرَاءِ التَّوَابِلِ وَالْمِلْحِ وَالْكِبْرِيتِ وَلَيْسَ لَهُ فُلُوسٌ حَتَّى يَشْتَرِيَ بِهَا مَا سَخَطَ مِنْ الْحَاجَةِ كُلَّ سَاعَةٍ فَيُعْطِيَ الدِّرْهَمَ الْبَقَّالَ لِأَجْلِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِمَّا ذَكَرْنَا بِحِسَابِهِ جُزْءًا فَجُزْءًا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَا يُقَابِلُ الدِّرْهَمَ وَهَذَا الْفِعْلُ مِنْهُ مَكْرُوهٌ لِأَنَّ حَاصِلَ هَذَا الْفِعْلِ رَاجِعٌ إلَى أَنْ يَكُونَ هُوَ قَرْضًا فِيهِ جَرُّ نَفْعٍ وَهُوَ مَكْرُوهٌ وَلَكِنَّ الْحِيلَةَ فِيهِ لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَوْدِعَ الْبَقَّالَ دِرْهَمًا ثُمَّ يَأْخُذَ مِنْهُ مَا شَاءَ فَإِذَا ضَاعَ فَهُوَ وَدِيعَةٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ثُمَّ لَمَّا أَخَذَ الْمُودِعُ مِنْ الْبَقَّالِ شَيْئًا فَشَيْئًا يَمْلِكُهُ مَا أَعْطَاهُ جُزْءًا فَجُزْءًا بِمُقَابَلَةِ مَا يَأْخُذُهُ فَيَحْصُلُ لَهُ الْمَقْصُودُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.

وَفِي التَّجْرِيدِ وَلَوْ أَمَرَ صَائِغًا أَنْ يَصُوغَ لَهُ خَاتَمًا فِيهِ وَزْنُ دِرْهَمٍ مِنْ عِنْدِهِ وَجَعَلَ لَهُ أَجْرَ دَانِقٍ فَصَاغَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

قَرْضُ الْمُشَاعِ جَائِزٌ بِأَنْ أَعْطَاهُ أَلْفًا وَقَالَ نِصْفُهَا مُضَارَبَةٌ عِنْدَك بِالنِّصْفِ وَنِصْفُهَا قَرْضٌ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

وَاسْتِقْرَاضُ الْخَلِّ وَالْمُرَبَّى وَالرُّبِّ وَالْعَصِيرِ وَالْعَسَلِ وَالدُّهْنِ وَالسَّمْنِ يَجُوزُ كَيْلًا وَاسْتِقْرَاضُ الْحَدِيدِ يَجُوزُ وَزْنًا.

وَكَذَا الصُّفْرُ وَالنُّحَاسُ وَالْمَرّ وَالْفَاسُ وَالْمِنْشَارُ وَالْمِنْشَرَةُ وَأَوَانِي الْخَزَفِ وَالْحَبَّابُ كُلُّهَا لَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهَا وَاسْتِقْرَاضُ الْغَزْلِ وَزْنًا يَجُوزُ وَلَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُ الزُّجَاجِ وَلَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُ الْفَاكِهَةِ كُلِّهَا حُزَمًا وَلَا الْقَتِّ وَلَا التِّبْنِ أَوَقَارًا أَوَقَارًا وَلَا يَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي الْقُرُوضِ عِنْدَنَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَفِي النَّوَازِلِ كَانَ عَلَى الرَّجُلِ دَيْنٌ فَجَاءَ لِقَبْضِهِ فَدَفَعَهُ إلَى الطَّالِبِ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَنْقُدَهُ فَهَلَكَ فِي يَدِ الطَّالِبِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمَطْلُوبِ وَالدَّيْنُ عَلَى حَالِهِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ الْمَطْلُوبُ شَيْئًا فَأَخَذَ الطَّالِبُ ثُمَّ دَفَعَ إلَى الْمَطْلُوبِ لِيَنْقُدَ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الطَّالِبِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَاب الثَّامِن وَالْعُشْرُونَ فِي مُلَاقَاة الْمُلُوك وَالتَّوَاضُع لَهُمْ وَتَقْبِيل أيديهم]

(الْبَابُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ فِي مُلَاقَاةِ الْمُلُوكِ وَالتَّوَاضُعِ لَهُمْ وَتَقْبِيلِ أَيْدِيهِمْ أَوْ يَدِ غَيْرِهِمْ وَتَقْبِيلِ الرَّجُلِ وَجْهَ غَيْرِهِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ) عَنْ أَبِي اللَّيْثِ الْحَافِظِ أَنَّهُ يُكْرَهُ الدُّخُولُ عَلَى السَّلَاطِينِ وَيُفْتِي بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ وَأَفْتَى بِإِبَاحَتِهِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.

رَجُلٌ دَعَاهُ الْأَمِيرُ فَسَأَلَهُ عَنْ أَشْيَاءَ إنْ تَكَلَّمَ بِمَا يُوَافِقُ الْحَقَّ يُصِيبُهُ الْمَكْرُوهُ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِمَا يُخَالِفُ الْحَقَّ وَهَذَا إذَا كَانَ لَا يَخَافُ الْقَتْلَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا إتْلَافَ عُضْوٍ وَلَا إتْلَافَ غَيْرِهِ وَلَا مَالِهِ فَإِنْ خَافَ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَالتَّوَاضُعُ لِغَيْرِ اللَّهِ حَرَامٌ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.

مَنْ سَجَدَ لِلسُّلْطَانِ عَلَى وَجْهِ التَّحِيَّةِ أَوْ قَبَّلَ الْأَرْضَ بَيْنَ يَدَيْهِ لَا يَكْفُرُ وَلَكِنْ يَأْثَمُ لِارْتِكَابِهِ الْكَبِيرَةَ هُوَ الْمُخْتَارُ.

قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>