للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَتَلَهُ أَوْ نَهَشَتْهُ حَيَّةٌ فَمَاتَ فَإِنَّ عَلَى عَاقِلَةِ الْغَاصِبِ الدِّيَةَ، وَجُمْلَةُ هَذَا أَنَّ الْحُرَّ لَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْغَصْبِ يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ وَالْحُرُّ لَا يَصْلُحُ فِيهِ التَّمْلِيكُ وَيُضْمَنُ بِالْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ إتْلَافٌ فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَمَتَى مَاتَ الصَّغِيرُ بِسَبَبٍ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ وَإِنْ مَاتَ بِسَبَبٍ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ فَالضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فَإِنْ قَتَلَهُ رَجُلٌ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَإِنَّ لِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يَتْبَعُوا أَيَّهُمَا شَاءُوا فَإِنْ شَاءُوا أَتْبَعُوا الْغَاصِبَ بِالدِّيَةِ وَإِنْ شَاءُوا الْقَاتِلَ فَإِنْ أَتْبَعُوا الْغَاصِبَ رَجَعَ عَلَى الْقَاتِلِ وَإِنْ أَتْبَعُوا الْقَاتِلَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْغَاصِبِ وَكُلُّ هَذَا عَلَى الْعَاقِلَةِ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ جِنَايَةٍ وَلَوْ أَنَّ الصَّبِيَّ قَتَلَ نَفْسَهُ أَوْ وَقَعَ فِي بِئْرٍ أَوْ سَقَطَ عَلَيْهِ حَائِطٌ فَمَاتَ، الْغَاصِبُ ضَامِنٌ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ وَلَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبِ الْحَائِطِ إنْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ الْغَاصِبُ بِنَقْضِهِ وَلَوْ قَتَلَهُ رَجُلٌ عَمْدًا كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا قَتَلُوا الْقَاتِلَ وَبَرِئَ الْغَاصِبُ وَإِنْ شَاءُوا أَتْبَعُوا الْغَاصِبَ بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَتَرْجِعُ عَاقِلَةُ الْغَاصِبِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ عَمْدًا وَلَا يَكُونُ لَهُمْ الْقِصَاصُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

وَلَوْ غَصَبَ حُرًّا صَغِيرًا فَغَرِقَ أَوْ احْتَرَقَ ضَمِنَ لَا إذَا مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَإِنْ قَتَلَ الصَّبِيُّ نَفْسَهُ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْغَاصِبِ وَلَا يَرْجِعُونَ بِهَا عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ وَكَذَلِكَ لَوْ أَتَى عَلَى شَيْءٍ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إذَا رَكِبَ دَابَّةً فَأَلْقَى نَفْسَهُ مِنْهَا وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ بِجِنَايَةِ الصَّبِيِّ عَلَى نَفْسِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ أَنَّ الصَّبِيَّ قَتَلَ رَجُلًا فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَرَدَّهُ عَلَى أَبِيهِ فَضَمِنَ عَاقِلَةُ الصَّبِيِّ دِيَةَ الرَّجُلِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَى الْغَاصِبِ بِشَيْءٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

إذَا غَصَبَ عَبْدًا وَمَعَهُ مَالُ الْمَوْلَى فَإِنَّهُ يَصِيرُ غَاصِبًا لِلْمَالِ حَتَّى لَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ يَضْمَنُ الْغَاصِبُ الْمَالَ وَقِيمَةَ الْعَبْدِ.

مَنْ غَصَبَ حُرًّا وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ فَإِنَّهُ لَا يُوجَبُ عَلَى الْغَاصِبِ ضَمَانُ ثِيَابِهِ؛ لِمَا أَنَّهَا تَحْتَ يَدِهِ أَمَّا لَوْ غَصَبَ عَبْدًا وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ ضَمَانُ الثِّيَابِ كَمَا يَجِبُ ضَمَانُ عَيْنِهِ وَكَانَ ضَمَانُ ثَوْبِهِ تَبَعًا لِضَمَانِ عَيْنِهِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

وَلَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مُدَبَّرًا وَأَبَقَ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ وَلَكِنْ لَا يَصِيرُ مِلْكًا لِلْغَاصِبِ حَتَّى لَوْ ظَهَرَ يَرُدُّهُ عَلَى الْمَوْلَى وَيَسْتَرِدُّ مِنْهُ الْقِيمَةَ وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ حَبْسَهُ لِأَجْلِ الْقِيمَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

رَجُلٌ غَصَبَ مُدَبَّرًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ فَزَادَتْ قِيمَتُهُ فِي يَدِهِ فَصَارَتْ أَلْفَيْنِ فَغَصَبَ مِنْهُ آخَرُ فَأَبَقَ مِنْ يَدِ الثَّانِي أَوْ مَاتَ فَالْمَالِكُ يُضَمِّنُ أَيَّهُمَا شَاءَ مُذْ غُصِبَ أَيْ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ أَلْفًا وَغَاصِبَ الْغَاصِبِ أَلْفَيْنِ فَإِنْ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ أَلْفًا رَجَعَ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي بِأَلْفَيْنِ وَطَابَ لَهُ الْأَلْفُ وَوُقِفَ الْأَلْفُ الْآخَرُ فَإِنْ ظَهَرَ يَعُودُ عَلَى مِلْكِ الْمَوْلَى وَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ الْأَلْفِ عَلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ وَيَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ رَدُّ الْأَلْفَيْنِ إلَى الثَّانِي، ثُمَّ الْمَالِكُ إذَا ضَمَّنَ الْأَوَّلَ وَعَادَ الْمُدَبَّرُ إلَى يَدِ الثَّانِي بَعْدَ إتْبَاعِ الْمَوْلَى الْأَوَّلَ الْأَلْفَ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ فَمَاتَ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ بَرِئَ عَنْ ضَمَانِ غَصْبِهِ حَيْثُ اخْتَارَ الْمَوْلَى تَضْمِينَ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَحْدُثْ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْعٌ حَتَّى لَوْ طَلَبَ الْمَوْلَى وَمُنِعَهُ، ثُمَّ مَاتَ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الْمَالِكِ غَصْبٌ مُبْتَدَأٌ أَوْ كَذَا إذَا قَتَلَهُ الثَّانِي خَطَأً فَلِلْمَوْلَى أَنْ يَرُدَّ الْأَلْفَ إلَى الْأَوَّلِ وَيَتْبَعُ عَاقِلَةَ الثَّانِي بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَلَوْ لَمْ يُضَمِّنْ الْمَوْلَى الْأَوَّلَ شَيْئًا حَتَّى قَتَلَهُ الثَّانِي، ثُمَّ ضُمِّنَ الْأَوَّلُ وَهُوَ يَعْلَمُ بِقَتْلِ الثَّانِي أَوْ لَا يَعْلَمْ بَرِئَ الثَّانِي وَخُيِّرَ الْأَوَّلُ فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ الثَّانِي ضَمَانَ الْغَصْبِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ عَاقِلَتَهُ ضَمَانَ الْجِنَايَةِ كَذَا فِي الْكَافِي

وَإِنْ غَصَبَ أُمَّ وَلَدٍ فَمَاتَتْ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا مَاتَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا وَإِنْ مَاتَتْ بِبَعْضِ مَا يُضْمَنُ بِهِ الصَّبِيُّ الْحُرُّ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا حَالَّةً فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهَا أَحَقُّ أَنْ تُضْمَنَ؛ لِأَنَّهَا أَوْلَى أَنْ تَكُونَ مَالًا مِنْ الصَّبِيِّ الْحُرِّ وَإِنْ غَصَبَ مُدَبَّرَةً فَمَاتَتْ فِي يَدِهِ ضَمِنَ قِيمَتَهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

[الْبَابُ الرَّابِع عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]

(الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) إذَا بَاعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مِنْ رَجُلٍ وَأَجَازَ الْمَالِكُ بَيْعَهُ صَحَّتْ الْإِجَازَةُ إذَا اسْتَجْمَعَتْ الْإِجَازَةُ شَرَائِطَهَا وَهِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>