للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيَّانِ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ فَدَفَعَ أَحَدُهُمَا إلَى صَاحِبِهِ مَالًا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ ثُمَّ دَخَلَ أَحَدُهُمَا دَارَ الْحَرْبِ لَمْ تُنْتَقَضْ الْمُضَارَبَةُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ دَفَعَ حَرْبِيٌّ إلَى مُسْلِمٍ مَالًا مُضَارَبَةً ثُمَّ دَخَلَ الْمُسْلِمُ دَارَ الْحَرْبِ بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ فَهُوَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَلَوْ دَفَعَ أَحَدُ الْحَرْبِيَّيْنِ إلَى صَاحِبِهِ مَالًا مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَالْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةٌ وَهُمَا فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْلِمَيْنِ وَالذِّمِّيَّيْنِ وَقَدْ الْتَزَمُوا أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْمُعَامَلَاتِ حِينَ دَخَلُوا دَارَنَا بِأَمَانٍ لِلتِّجَارَةِ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْمُسْلِمَيْنِ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَدَارِ الْإِسْلَامِ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

إذَا دَخَلَ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَدَفَعَ إلَى حَرْبِيٍّ مَالًا مُضَارَبَةً بِرِبْحِ مِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ دَفَعَهُ إلَيْهِ الْحَرْبِيُّ فَهُوَ جَائِزٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا حَتَّى إذَا لَمْ يَرْبَحْ إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ فَهِيَ كُلُّهَا لِمَنْ شَرَطَ وَالْوَضِيعَةُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةٌ وَلِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ إلَّا مِائَةٌ فَهِيَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ مِائَةٍ فَذَلِكَ لَهُ وَلَيْسَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ شَيْءٌ آخَرُ، كَذَا فِي الْحَاوِي.

وَإِذَا دَفَعَ الْمُسْلِمُ الْمُسْتَأْمَنُ فِي دَارِ الْحَرْبِ مَالًا مُضَارَبَةً إلَى رَجُلٍ قَدْ أَسْلَمَ هُنَاكَ وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا بِرِبْحِ مِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ أَخَذَهُ مِنْهُ بِذَلِكَ جَازَ عَلَى مَا اشْتَرَطَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعُشْرُونَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]

(الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعُشْرُونَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) . لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ الثِّيَابَ وَيَقْطَعَهَا بِيَدِهِ وَيَخِيطَهَا عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا اشْتَرَطَا؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ الْمَشْرُوطَ عَلَيْهِ مِمَّا يَصْنَعُهُ التُّجَّارُ عَلَى قَصْدِ تَحْصِيلِ الرِّبْحِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ الْجُلُودَ وَالْأُدْمَ يَخْرُزُهَا خِفَافًا وَدِلَاءً وَرِدَاءً بِيَدِهِ وَأَجْزَائِهِ فَكُلُّ هَذَا مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ فَيَجُوزُ شَرْطُهُ عَلَى الْمُضَارِبِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ شَرْطِ الْمُضَارِبِ.

لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَحْتَطِبَ وَيَحْتَشَّ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَإِنَّ الْمُضَارَبَةَ لَا تَجُوزُ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ جَائِزَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِذَا دَفَعَ فِي مَرَضِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَعَمِلَ الْمُضَارِبُ وَرَبِحَ أَلْفًا ثُمَّ مَاتَ رَبُّ الْمَالِ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ وَأَجْرُ مِثْلِ الْمُضَارِبِ أَقَلُّ مِمَّا شَرَطَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ فِيمَا عَمِلَ وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ فَلِلْمُضَارِبِ نِصْفُ الرِّبْحِ يَبْدَأُ بِهِ قَبْلَ دَيْنِ الْمَرِيضِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى لِلْمُضَارِبِ رِبْحًا كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ وَذَلِكَ دَيْنٌ عَلَى الْمَرِيضِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ فَيَضْرِبُ بِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ فِي تَرِكَتِهِ وَلَا حَقَّ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الرِّبْحِ لَوْ دَفَعَ الصَّحِيحُ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً إلَى مَرِيضٍ عَلَى أَنَّ لِلْمُضَارِبِ عُشْرَ الرِّبْحِ، وَأَجْرُ مِثْلِهِ خَمْسُمِائَةٍ فَرَبِحَ أَلْفًا ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ كَثِيرٌ فَلِلْمُضَارِبِ عُشْرُ الرِّبْحِ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ شِرَاءِ الْمُضَارِبِ وَبَيْعِهِ.

وَإِذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا عَشَرَةَ أَشْهُرٍ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ لِيَشْتَرِيَ لَهُ الْبُرَّ جَازَ، فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ فِي الْمُدَّةِ مَالًا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَعَمِلَ وَرَبِحَ فِيهِ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمَالُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَهُ الْأَجْرُ الْمَشْرُوطُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَهُ نِصْفُ الرِّبْحِ وَسَقَطَ أَجْرُ هَذِهِ الْمُدَّةِ كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ غَيْرُ الْمُسْتَأْجِرِ مَالًا مُضَارَبَةً فَإِنَّهَا تَصِحُّ وَيَسْقُطُ أَجْرُ قَدْرِ مُدَّةِ عَمَلِهِ لِلْمُضَارَبَةِ، كَذَا فِي الْكَافِي.

وَلَوْ كَانَ الْأَجِيرُ دَفَعَ إلَى رَبِّ الْمَالِ مَالًا مُضَارَبَةً يَعْمَلُ بِهِ عَلَى النِّصْفِ جَازَ وَالْأَجِيرُ عَلَى الْإِجَارَةِ وَالْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، فَإِنْ اسْتَبْضَعَ رَبُّ الْمَالِ الْأَجِيرَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ يَشْتَرِي بِهِ وَيَبِيعُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ فَقَبَضَهُ الْأَجِيرُ فَاشْتَرَى بِهِ وَبَاعَ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا اشْتَرَطَا فِي الْمُضَارَبَةِ وَالْأَجْرُ عَلَى حَالِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ شُرُوطِ الْمُضَارَبَةِ.

وَمَنْ دَفَعَ إلَى غَيْرِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً، وَقَالَ: هَذَا مُضَارَبَةٌ عِنْدكَ شَهْرًا، فَإِذَا مَضَى الشَّهْرُ فَهُوَ قَرْضٌ فَهُوَ كَذَلِكَ، فَإِذَا مَضَى الشَّهْرُ وَهُوَ عِنْدَهُ وَرِقٌ كَانَ قَرْضًا يَعْنِي إذَا قَبَضَهُ، وَإِنْ كَانَ عَرَضًا لَمْ يَكُنْ قَرْضًا حَتَّى يَبِيعَهُ فَيَصِيرَ وَرِقًا فَيَكُونُ قَرْضًا عِنْدَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ أَقْرَضَهُ شَهْرًا ثُمَّ بَنَى مُضَارَبَةً لَمْ يَكُنْ مُضَارَبَةً، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>