للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَامِلِ وَكَانَتْ الْمُزَارَعَةُ عَلَى النِّصْفِ مَثَلًا فَزَادَ الْمُزَارِعُ صَاحِبَ الْأَرْضِ السُّدُسَ فِي حِصَّتِهِ وَجَعَلَ لَهُ الثُّلُثَيْنِ وَرَضِيَ بِهِ صَاحِبُ الْأَرْضِ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ وَإِنْ زَادَ صَاحِبُ الْأَرْضِ الْمُزَارِعَ السُّدُسَ فِي حِصَّتِهِ وَتَرَاضَيَا فَالزِّيَادَةُ جَائِزَةٌ لِأَنَّ الْأَوَّلَ زِيَادَةٌ عَلَى الْأَجْرِ بَعْدَ انْتِهَاءِ عَمَلِ الْمُزَارِعِ بِاسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ وَإِنَّهَا لَا تَجُوزُ وَالثَّانِي حَطُّ عَنْ الْأُجْرَةِ وَإِنَّهُ لَا يَسْتَدْعِي قِيَامَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ هَذَا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ وَإِذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَزَادَ صَاحِبَ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ زَادَ الْمُزَارِعَ جَازَ هَذَا إذَا زَادَ أَحَدُهُمَا بَعْدَمَا اسْتَحْصَدَ الزَّرْعَ فَإِنْ زَادَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَحْصِدَ جَازَ أَيُّهُمَا كَانَ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ الْمُزَارَعَةِ]

(الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ) (أَنْوَاعِ الْمُزَارَعَةِ) الْأَصْلُ أَنَّ اسْتِئْجَارَ الْأَرْضِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ مِنْهَا جَائِزٌ وَكَذَلِكَ اسْتِئْجَارُ الْعَامِلِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ مِنْهَا جَائِزٌ وَأَمَّا اسْتِئْجَارُ غَيْرِهِمَا بِبَعْضِ الْخَارِجِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ الْمُزَارَعَةُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجِيزُ الْمُزَارَعَةَ عَلَى نَوْعَيْنِ: أَحَدِهِمَا أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ لِأَحَدِهِمَا وَالثَّانِي أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ لَهُمَا فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لِأَحَدِهِمَا وَالْبَذْرُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَهُوَ عَلَى سِتَّةِ وُجُوهٍ: ثَلَاثَةٌ مِنْهَا جَائِزَةٌ وَثَلَاثَةٌ مِنْهَا فَاسِدَةٌ أَمَّا الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ: فَأَحَدُهَا أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْبَذْرُ وَالْبَقَرُ وَالْعَمَلُ مِنْ الْآخَرِ وَشَرَطَا لِصَاحِبِ الْأَرْضِ شَيْئًا مَعْلُومًا مِنْ الْخَارِجِ جَازَ لِأَنَّ صَاحِبَ الْبَذْرِ يَكُونُ مُسْتَأْجِرًا الْأَرْضَ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْخَارِجِ.

وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْبَاقِي مِنْ الْآخَرِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْبَذْرِ يَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا لِلْعَامِلِ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْخَارِجِ لِيَعْمَلَ فِي أَرْضِهِ بِبَقَرِهِ وَبَذْرِهِ، وَالثَّالِثُ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْعَمَلُ وَالْبَقَرُ مِنْ الْآخَرِ فَذَلِكَ جَائِزٌ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ يَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا لِلْعَامِلِ لِيَعْمَلَ الْعَامِلُ بِبَقَرِهِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ رَوُّ الْبَذْرِ وَأَمَّا الثَّلَاثَةُ الْفَاسِدَةُ فَأَحَدُهَا أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ وَالْبَقَرُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْبَاقِي مِنْ الْآخَرِ فَذَلِكَ فَاسِدٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَكَانِ الْعُرْفِ وَالْفَتْوَى عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ لَا تُجَانِسُ مَنْفَعَةَ الْبَقَرِ فَإِنَّ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ إنْبَاتُ الْبَذْرَةِ لِقُوَّةٍ فِي طَبْعِهَا وَمَنْفَعَةَ الْبَقَرِ الْعَمَلُ.

فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَنْفَعَةُ الْبَقَرِ مِنْ جِنْسِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ لَا يَكُونُ الْبَقَرُ تَبَعًا لِلْأَرْضِ فَيَبْقَى اسْتِئْجَارُ الْبَقَرِ مَقْصُودًا بِشَيْءٍ مِنْ الْخَارِج وَذَلِكَ فَاسِدٌ كَمَا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا الْبَقَرُ فَقَطْ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْبَاقِي مِنْ الْآخَرِ وَذَلِكَ فَاسِدٌ لِأَنَّ صَاحِبَ الْبَذْرِ يَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا الْأَرْضَ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّخْلِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ وَهِيَ فِي يَدِ الْعَامِلِ لَا فِي يَدِ صَاحِبِ الْبَذْرِ وَعَلَى هَذَا لَوْ اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ وَمِنْ الْبَعْضِ الْبَقَرُ وَحْدَهُ أَوْ الْبَذْرُ وَحْدَهُ كَانَ فَاسِدًا وَالثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ وَالْبَقَرُ مِنْ وَاحِدٍ وَالْعَمَلُ وَالْأَرْضُ مِنْ الْآخَرِ وَإِنَّهُ فَاسِدٌ هَذَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ لِأَحَدِهِمَا وَالْبَذْرُ مِنْ أَحَدِهِمَا.

فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لِأَحَدِهِمَا وَشَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْهُمَا إنْ شَرَطَا الْعَمَلَ عَلَى غَيْرِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَشَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَانَتْ فَاسِدَةً لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ يَصِيرُ قَائِلًا لِلْعَامِلِ: ازْرَعْ أَرْضِي بِبَذْرِي عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِي وَازْرَعْ بِبَذْرِك عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لَك كَانَ فَاسِدًا لِأَنَّ هَذِهِ مُزَارَعَةٌ بِجَمِيعِ الْخَارِجِ بِشَرْطِ إعَارَةِ نِصْفِ الْأَرْضِ مِنْ الْعَامِلِ وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِلْعَامِلِ وَثُلُثُهُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ كَانَ فَاسِدًا لِأَنَّ فِيهِ إعَارَةَ الْأَرْضِ.

وَإِذَا فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ كَانَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ بَذْرِهِمَا وَيُسَلِّمُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ مَا أَخَذَ مِنْ الْخَارِجِ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ حَصَلَ فِي أَرْضِهِ وَلَهُ عَلَى الْآخَرِ أَجْرُ مِثْلِ نِصْفِ الْأَرْضِ لِأَنَّ الْآخَرَ اسْتَوْفَى مَنْفَعَةَ أَرْضِهِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ وَمَا أَخَذَ مِنْ الْخَارِجِ يَطِيبُ لَهُ مِقْدَارُ بَذْرِهِ وَيُرْفَعُ مِنْ الْبَاقِي أَجْرُ نِصْفِ الْأَرْضِ وَمَا أَنْفَقَ أَيْضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>