للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِأَحَدٍ عَنْهُ وَلَا مُخَلِّصَ وَلَا مَنَاصَ وَمَضَى لِسَبِيلِهِ صُرِفَ مَا كَانَ مَصْرُوفًا إلَيْهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ مِنْ ذَلِكَ الْفَاضِلِ فَيُبْدَأُ مِنْهُ أَوَّلًا بِمَا يَحُجُّ عَنْهُ رَجُلٌ مُصْلِحٌ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ فَيُعْطَى كِفَايَتُهُ لِذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ وَمَا فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ بُدِئَ بِالتَّضْحِيَةِ بِكَذَا شِيَاهٍ إحْدَاهَا عَنْ سَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالثَّانِي عَنْ وَالِدِ هَذَا الْوَاقِفِ فُلَانٍ وَالثَّالِثَةُ عَنْ وَالِدَةِ هَذَا الْوَاقِفِ فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ، وَالرَّابِعَةُ عَنْ هَذَا الْوَاقِفِ فَيُضَحِّي بِذَلِكَ كُلِّهِ كُلَّ سَنَةٍ فِي أَيَّامِ الْأَضَاحِيِّ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَانْقِرَاضِ حَيَاتِهِ تَبَرُّكًا إلَى اللَّهِ وَوَسِيلَةً بِهَا إلَيْهِ وَيُعْطَى أَجْرُ السَّلَّاخِ مِنْ الْفَاضِلِ وَيُتَصَدَّقُ بِلُحُومِهَا وَشُحُومِهَا وَدُسُومِهَا وَأَكَارِعِهَا وَسَقَطِهَا عَلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَمَحَاوِيجِهِمْ، وَمَا فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ يُصْرَفُ إلَى مَرْسُومَاتِ عَاشُورَاءَ الَّتِي تَعْرِفُهَا الْأَغْنِيَاءُ فِي هَذَا الْيَوْمِ مِنْ شِرَاءِ الرُّغْفَانِ وَاِتِّخَاذِ الْخَبِيصِ وَشِرَاءِ الْكِيزَانِ وَالْمِلْحِ وَالْكِبْرِيتِ بِكَذَا مُوسِعُ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى هَذَا الْقَيِّمِ.

وَمَا فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ يُصْرَفُ كَذَا كَذَا إلَى فَوَائِتِ صَلَوَاتِهِ وَكَذَا كَذَا إلَى فَوَائِتِ زَكَوَاتِهِ وَكَذَا إلَى فَوَائِتِ نُذُورِهِ وَكَفَّارَاتِهِ وَلَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَ هَذَا الْأَمْرَ أَنْ يَأْكُلَ بِنَفْسِهِ مِنْهَا وَأَنْ يُؤَكِّلَ مَنْ شَاءَ وَمَا فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ يُصْرَفُ إلَى مَصَالِحِ السِّقَايَةِ الَّتِي هِيَ بِمَحَلَّةِ كَذَا وَإِلَى شِرَاءِ الْجَمْدِ وَأُجْرَةِ السُّقَاةِ وَيُتَّخَذُ مَاءُ الْجَمْدِ فِيهَا أَيَّامَ الصَّيْفِ وَمَا يُحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ، وَصَارَتْ هَذِهِ صَدَقَةً مَاضِيَةً صَافِيَةً لَا يَزِيدُهَا مُرُورُ الْأَيَّامِ إلَّا تَسْدِيدًا وَلَا مُضِيُّ الْأَعْوَامِ إلَّا تَأْكِيدًا وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ مِنْ الْوُلَاةِ وَالْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ تَبْدِيلُ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهَا وَلَا تَغْيِيرُ شَيْءٍ مِنْهَا وَلَا تَعْطِيلُهَا {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ} [البقرة: ١٨١] وَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ.

وَالْأَحْوَطُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُلْحِقَ فِي الْوَقْفِ حُكْمُ قَاضٍ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَزُولَ الْخِلَافُ، وَصُورَةُ جَرَيَانِ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ أَنْ يَكْتُبَ عَلَى ظَهْرِ الصَّكِّ لِلْوَقْفِ يَقُولُ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْمُتَوَلِّي لِعَمَلِ الْقُضَاةِ وَالْأَحْكَامِ وَالْأَوْقَافِ بِكُورَةِ كَذَا وَنَوَاحِيهَا نَافِذُ الْقَضَاءِ وَالْإِمْضَاءِ وَالِاسْتِنَابَةِ فِيمَا بَيْنَ أَهْلِهَا: حَكَمْت بِصِحَّةِ هَذَا الْوَقْفِ الْمُبَيَّنِ الْمَوْصُوفِ فِي بَطْنِ هَذَا الصَّكِّ وَجَوَازِهِ وَلُزُومِهِ فِي جَمِيعِ مَا بُيِّنَ مَوْضِعُهُ وَحُدُودُهُ فِيهِ مِنْ الْحَوَانِيتِ وَالرِّبَاطَاتِ وَالْخَانَاتِ وَالْحَمَّامَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ بِجَمِيعِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَبْنِيَةِ فِي سُفْلِهِ وَعُلُوِّهِ مِنْ الْحُجُرَاتِ وَالْمَنَازِلِ وَالصَّحْنِ وَالْمَرَابِطِ عَلَى السُّبُلِ وَالْوُجُوهِ وَالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ عَمَلًا بِقَوْلِ مَنْ يَرَى صِحَّةَ هَذَا الْوَقْفِ وَجَوَازِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ بِشُرُوطِهَا وَسُبُلِهَا الْمُفَسَّرَةِ فِيهِ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَأَئِمَّةِ الدِّينِ بَعْدَ خُصُومَةٍ صَحِيحَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ جَرَتْ بَيْنَ يَدَيْ هَذَا الْوَاقِفِ الْمُسَمَّى فِيهِ وَبَيْنَ مَنْ خَاصَمَهُ فِيهِ مِمَّنْ لَهُ حَقُّ الْخُصُومَةِ فِي جَوَازِ هَذَا الْوَقْفِ وَصِحَّتِهِ.

وَجَوَابُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْإِنْكَارِ لِصِحَّتِهِ وَجَوَازُهُ وَمَيْلُهُ إلَى جِهَةِ الْفَسَادِ حُكْمًا أَبْرَمْته وَقَضَاءً نَفَّذْته عَلَى هَذَا الْوَاقِفِ بِحَضْرَتِهِ فِي وَجْهِهِ وَوَجْهِ مَنْ خَاصَمَهُ فِيهِ، بَعْدَ مَا عَرَفْت مَوَاضِعَ الِاخْتِلَافِ وَوَقَعَ اجْتِهَادِي عَلَى صِحَّتِهِ وَنَفَاذِهِ وَكَلَّفْت هَذَا الْوَاقِفَ قَصْرَ يَدِهِ عَنْ جَمِيعِ هَذِهِ الْمَحْدُودَاتِ وَتَسْلِيمَهَا إلَى هَذَا الْقَيِّمِ الْمُسَمَّى فِيهِ وَتَرْكَ التَّعَرُّضِ لَهُ مِنْهُ فِيمَا يُخَالِفُ مُقْتَضَى الصِّحَّةِ وَالْجَوَازِ لِهَذَا الْوَقْفِ وَهَذِهِ الصَّدَقَةِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَجْلِسِ قَضَائِي عَلَى سَبِيلِ الشُّهْرَةِ وَالْإِعْلَانِ دُونَ الْخِفْيَةِ وَالْكِتْمَانِ، وَأَمَرْت بِكِتَابَةِ هَذَا السِّجِلِّ عَلَى ظَهْرِ هَذَا الصَّكِّ حُجَّةً لَهُ فِي ذَلِكَ وَأَشْهَدْت مَنْ حَضَرَنِي مِنْ الثِّقَاتِ بِتَارِيخِ كَذَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةَ.

[كِتَابُ الْحِيَلِ وَفِيهِ فُصُولٌ]

[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ جَوَازِ الْحِيَلِ]

(كِتَابُ الْحِيَلِ) وَفِيهِ فُصُولٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>