للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَحْوَطُ أَنْ يُسَلِّمَ أَوَّلًا ثُمَّ يَبِيعَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو النَّصْرِ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ الْبَلْخِيّ يُجَوِّزُ الْبَيْعَ بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَقَبْلَهُ إذَا لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ مُدَّةٌ طَوِيلَةٌ بِأَنْ سَلَّمَ بَعْدَ الْبَيْعِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَلَوْ سَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا يَجُوزُ وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ مَشَايِخِ مَا وَرَاءِ النَّهْرِ ثُمَّ إذَا جَازَ الْبَيْعُ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الرُّؤْيَةِ إذَا رَآهَا حِينَ وَقَعَ التَّسْلِيمُ فَإِنْ رَآهَا بَعْدَمَا وَقَعَ التَّسْلِيمُ فَإِنْ وَقَعَ لِتَمَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَإِنْ وَقَعَ التَّسْلِيمُ قَبْلَ ذَلِكَ يَبْقَى لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ إلَى تَمَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِذَا بَاعَ الشِّرْبَ وَحْدَهُ لَا يَجُوزُ وَإِذَا بَاعَ الشِّرْبَ مَعَ الْأَرْضِ يَجُوزُ وَإِذَا بَاعَ أَرْضًا مَعَ شِرْبِ أَرْضٍ أُخْرَى لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ وَحَكَى عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي نَصْرِ بْنِ سَلَّامٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجُوزُ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ إلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ السِّقَاءِ كَذَا وَكَذَا قِرْبَةً مِنْ مَاءٍ الْفُرَاتِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَتْ الْقِرْبَةُ بِعَيْنِهَا جَازَ لِمَكَانِ التَّعَامُلِ وَكَذَا الرِّوَايَةُ وَالْجَرَّةُ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ لَا يَعْرِفُ قَدْرَهَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَإِذَا قَالَ لِغَيْرِهِ اسْقِ دَوَابِّي كَذَا شَهْرًا بِدِرْهَمٍ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ قَالَ كُلُّ شَهْرٍ كَذَا قِرْبَةً فَهُوَ جَائِزٌ إذَا أَرَاهُ الْقِرْبَةَ وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَسْقِيك مِلْءَ قَرَاحِك مَاءً فَفَتَحَ لَهُ مِنْ نَهْرٍ وَسَقَاهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَوْ قَالَ اسْقِ دَوَابَّك مِنْ نَهْرِي أَوْ مِنْ حَوْضِي كَذَا فَذَلِكَ جَائِزٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

[الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي جَهَالَةِ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ]

وَمَنْ أَطْلَقَ الثَّمَنَ فِي الْبَيْعِ بِأَنْ ذَكَرَ الْقَدْرَ دُونَ الصِّفَةِ كَانَ عَلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَإِنْ كَانَتْ النُّقُودُ مُخْتَلِفَةً فَسَدَ الْبَيْعُ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ أَحَدَهَا أَوْ يَكُونَ أَرْوَجَ فَيَنْصَرِفُ إلَيْهِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فِي الْمَالِيَّةِ فَإِنْ كَانَتْ سَوَاءً فِيهَا جَازَ الْبَيْعُ إذَا أَطْلَقَ اسْمَ الدَّرَاهِمِ وَيَنْصَرِفُ إلَى مَا قُدِّرَ بِهِ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ شَاءَ وَذَا بِأَنْ يَكُونَ الْوَاحِدُ أُحَادِيًّا وَالْآخَرُ ثُنَائِيًّا أَوْ ثُلَاثِيًّا فَمَالِيَّةُ الِاثْنَيْنِ أَوْ الثَّلَاثِ كَمَالِيَّةِ الْوَاحِدِ مِنْ الْأُحَادِيِّ وَلَا يُسَمَّى الْوَاحِدُ مِنْ الثُّنَائِيِّ أَوْ الثُّلَاثِيِّ دِرْهَمًا بَلْ يَنْصَرِفُ الدِّرْهَمُ فِي عُرْفِهِمْ إلَى أَحَدِ الْأَشْيَاءِ وَهُوَ الْوَاحِدُ مِنْ الْأُحَادِيِّ الِاثْنَانِ مِنْ الثُّنَائِيِّ وَالثَّلَاثُ مِنْ الثُّلَاثِيِّ كَذَا فِي الْكَافِي.

وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ شَيْئًا مِنْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ ثَمَنًا كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا وَلَوْ أَنَّ الْبَائِعَ قَالَ بِعْت مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِلَا ثَمَنٍ وَقَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلْته كَانَ الْمَبِيعُ بَاطِلًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

رَجُلٌ قَالَ لِمَدْيُونِهِ الَّذِي عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ بِعْتنِي هَذَا الثَّوْبَ بِبَعْضِ الْعَشَرَةِ وَبِعْتنِي هَذَا الثَّوْبَ الْآخَرَ بِمَا بَقِيَ مِنْ الْعَشَرَةِ فَقَالَ نَعَمْ قَدْ بِعْتُك فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ قَالَ بِعْتَنِي هَذَا بِبَعْضِ الْعَشَرَةِ وَبِعْتَنِي هَذَا الْآخَرَ بِبَعْضِ الْعَشَرَةِ فَقَالَ نَعَمْ قَدْ بِعْتُك كَانَ فَاسِدًا لِأَنَّهُ بَقِيَ مِنْ الْعَشَرَةِ شَيْءٌ مَجْهُولٌ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْعَشَرَةِ شَيْءٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

جَهَالَةُ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ مَانِعُهُ جَوَازُ الْبَيْعِ إذَا كَانَ يَتَعَذَّرُ مَعَهَا التَّسْلِيمُ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَعَذَّرُ لَمْ يَفْسُدْ الْعَقْدُ كَجَهَالَةِ كَيْلِ الصُّبْرَةِ بِأَنْ بَاعَ صُبْرَةً مُعَيَّنَةً وَلَمْ يَعْرِفْ قَدْرَ كَيْلِهَا وَكَجَهَالَةِ عَدَدِ الثِّيَابِ الْمُعَيَّنَةِ بِأَنْ بَاعَ أَثْوَابًا مُعَيَّنَةً وَلَمْ يَعْرِفْ عَدَدَهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِذَا قَالَ بِعْتُ مِنْك هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلَّ قَفِيزٍ مِنْهَا بِدِرْهَمٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي قَفِيزٍ مِنْهَا بِدِرْهَمٍ وَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي إلَّا إذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي جُمْلَةَ الْقُفْزَانِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَ كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَيَلْزَمُهُ الْبَيْعُ بِدِرْهَمٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي جَمِيعِ الصُّبْرَةِ كُلُّ قَفِيزٍ مِنْهَا بِدِرْهَمٍ سَوَاءٌ عَلِمَ الْجُمْلَةَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ بِعْتُ مِنْكَ هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلُّ قَفِيزَيْنِ مِنْهَا بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ كُلُّ ثَلَاثَةِ أَقْفِزَةٍ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَهُوَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ كَذَا فِي شَرْحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>