وَلَوْ قَالَ مَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ قَتِيلًا، فَلَهُ سَلَبُهُ، فَأَسْلَمَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مُشْرِكًا أَوْ قَتَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ سُوقِ الْعَسْكَرِ مُشْرِكًا فَلَا شَيْءَ لَهُ قِيَاسًا، وَلَهُ سَلَبُهُ اسْتِحْسَانًا
وَلَوْ قِيلَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَدَخَلَ عَسْكَرٌ آخَرُ مِنْ أَرْضِ الْإِسْلَامِ مَدَدًا لَهُمْ فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ قَتِيلًا كَانَ لَهُ سَلَبُهُ إذَا كَانَ الْأَوَّلُ أَمِيرًا عَلَى الْعَسْكَرَيْنِ جَمِيعًا.
الْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ قَتْلُهُ مُبَاحًا فِي الْجُمْلَةِ يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ بِقَتْلِهِ بِالتَّنْفِيلِ، وَكُلُّ سَلَبٍ لَوْلَا التَّنْفِيلُ فِيهِ يُسْتَحَقُّ بِالْغَنِيمَةِ يَصِحُّ فِيهِ التَّنْفِيلُ وَمَا لَا يُسْتَحَقُّ بِالْغَنِيمَةِ لَا يَصِحُّ فِيهِ التَّنْفِيلُ فَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، فَقَتَلَ أَجِيرًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ لَمْ يُقَاتِلْ أَوْ تَاجِرًا فِي عَسْكَرِهِمْ أَوْ الذِّمِّيَّ الَّذِي نَقَضَ الْعَهْدَ، وَخَرَجَ إلَيْهِمْ أَوْ مَرِيضًا مِنْهُمْ لَا يَسْتَطِيعُ الْقِتَالَ، فَلَهُ سَلَبُهُ؛ لِأَنَّ قَتْلَ هَؤُلَاءِ مُبَاحٌ، وَلَوْ قَتَلَ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَا مُقَاتِلَيْنِ وَإِنْ قَتَلَ شَيْخًا فَانِيًا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ قَاتَلَ مُسْلِمٌ مَعَ الْكَفَرَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَتَلَهُ رَجُلٌ مُنْفَلٌ لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَلَبُهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ وَمَا فِي يَدِهِ لَا يُغْنَمُ، وَإِنْ كَانَ السَّلَبُ مِمَّا أَعَارَهُ الْمُشْرِكُونَ فَقَتَلَهُ إنْسَانٌ فَلَهُ سَلَبُهُ، وَلَوْ كَانَ السَّلَبُ عَارِيَّةً عِنْدَ الْمُشْرِكِ لِصَبِيٍّ أَوْ امْرَأَةٍ، فَهُوَ كَاَلَّذِي لِلْبَالِغِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَإِنْ أَعَارَ الْمُسْلِمُ أَوْ الذِّمِّيُّ سِلَاحَهُ مِنْ الْحَرْبِيِّ، فَقَاتَلَ الْمُسْلِمُونَ فَقَتَلَهُ مُسْلِمٌ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمُسْلِمُ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا فَسَلَبُهُ لِلْقَاتِلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَالَهُ يُغْنَمُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَا يُغْنَمُ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ لَا يُغْنَمُ مَالُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا، فَأَخَذَ مُشْرِكٌ سِلَاحَهُ غَصْبًا، فَقَاتَلَ بِهِ فَقَتَلَهُ مُسْلِمٌ لَيْسَ لَهُ سَلَبُهُ، وَلَوْ دَخَلَ الْمُسْلِمُ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ، فَأَخَذَ مُشْرِكٌ سِلَاحَهُ غَصْبًا، فَقَاتَلَ، فَقَتَلَهُ مُسْلِمٌ فَلَهُ سَلَبُهُ، وَلَوْ رَمَى مُسْلِمٌ مُشْرِكًا فِي صَفِّهِمْ فَأَخَذَ الْمُشْرِكُونَ سَلَبَهُ، ثُمَّ انْهَزَمُوا، فَوَجَدُوا السَّلَبَ فِي الْغَنِيمَةِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي الْغَنِيمَةِ، وَلَا شَيْءَ لِلْقَاتِلِ وَلَوْ انْهَزَمُوا، وَلَا يَدْرِي أَنَّهُمْ هَلْ أَخَذُوا سَلَبَهُ أَمْ لَا؟ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ وُجِدَ السَّلَبُ قَدْ نَزَعُوهُ، فَهُوَ فَيْءٌ وَلَوْ لَمْ يَنْزِعُوا شَيْئًا مِنْ نَفْسِ الْمَقْتُولِ يَكُونُ لِلْقَاتِلِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ جَرَّهُ الْمُشْرِكُونَ حِينَ قُتِلَ وَسَلَبُهُ عَلَيْهِ لَمْ يُنْزَعْ، وَهَرَبُوا فَسَلَبُهُ لِلْقَاتِلِ، وَلَوْ وَجَدُوهُ عَلَى دَابَّةٍ بَعْدَ مَا سَارَ الْعَسْكَرُ مَرْحَلَةً أَوْ مَرْحَلَتَيْنِ لَا يَدْرِي أَكَانَ فِي يَدِ أَحَدٍ أَمْ لَمْ يَكُنْ فَهُوَ لِلْقَاتِلِ قِيَاسًا، وَلَا يَكُونُ لَهُ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَخَذُوا دَابَّتَهُ فَحَمَلُوا عَلَيْهَا الْقَتِيلَ وَعَلَيْهَا سِلَاحَهُ، فَهُوَ لِلْقَاتِلِ، وَلَوْ حَمَلُوا عَلَى الدَّابَّةِ الْقَتِيلَ وَسِلَاحَهُ وَسِلَاحَهُمْ وَأَمْتِعَتَهُمْ فَهَذَا يَكُون فَيْئًا إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا يَسِيرًا كَإِدَاوَةِ وَنَحْوِهَا، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لِلْقَاتِلِ، وَلَوْ أَخَذَ الْوَرَثَةُ الدَّابَّةَ فَحَمَلُوا عَلَيْهَا الْقَتِيلَ وَسِلَاحَهُ فَهَذَا يَكُونُ فَيْئًا، كَذَلِكَ الْوَصِيُّ بِمَنْزِلَةِ الْوَارِثِ، وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ فَرَسُهُ فَقَتَلَ رَجُلٌ مُشْرِكًا عَلَى بِرْذَوْنٍ، فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ سَلَبَهُ، وَلَوْ كَانَ عَلَى حِمَارٍ أَوْ بَغْلٍ أَوْ جَمَلٍ لَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ بِرْذَوْنُهُ، فَقَتَلَ رَجُلًا عَلَى فَرَسٍ لَا يَسْتَحِقُّ فَرَسَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَرْفَعَ بِتَنْفِيلِ أَلِأَوْضَعِ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، فَلَهُ دَابَّتُهُ فَقَتَلَ رَجُلًا عَلَى حِمَارٍ أَوْ بَغْلٍ أَوْ فَرَسٍ فَلَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ عَلَى بَعِيرٍ لَا يَسْتَحِقُّهُ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا عَلَى حِمَارٍ، فَهُوَ لَهُ فَقَتَلَ رَجُلًا عَلَى أَتَانٍ كَانَ لَهُ، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا عَلَى أَتَانٍ فَقَتَلَ رَجُلًا عَلَى حِمَارٍ ذَكَرٍ لَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْأُنْثَى لَا يَتَنَاوَلُ الذَّكَرَ، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ وَالنَّاقَةُ بِخِلَافِ الْبَغْلِ وَالْبَغْلَةِ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْمُ جِنْسٍ فَيَتَنَاوَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى جَمِيعًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ]
ِ إذَا غَلَبَ كُفَّارُ التُّرْكِ عَلَى كُفَّارِ الرُّومِ فَسَبَوْهُمْ، وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ مَلَكُوهَا، فَإِنْ غَلَبْنَا عَلَى التُّرْكِ حَلَّ لَنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute