للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْبَابُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي التَّوْكِيلِ فِي الْإِجَارَةِ]

(الْبَابُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي التَّوْكِيلِ فِي الْإِجَارَةِ) إذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلًا بِأَنْ يَسْتَأْجِرَ لَهُ دَارًا بِعَيْنِهَا بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ فَفَعَلَ فَالْآجِرُ يُطَالِبُ الْوَكِيلَ بِالْأُجْرَةِ وَالْوَكِيلُ يُطَالِبُ الْمُوَكِّلَ وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُوَكِّلَ بِالْأُجْرَةِ، وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الْآجِرُ وَإِذَا وُهِبَ الْآجِرُ مِنْ الْوَكِيلِ صَحَّ وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ بِالْأَجْرِ عَلَى الْآمِرِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ

وَلَا يَضْمَنُ الْوَكِيلُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَالْوَكِيلُ بِالْإِجَارَةٍ الطَّوِيلَةِ يُطَالِبُ بِمَالِ الْإِجَارَةِ عِنْدَ الْفَسْخِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَالْوَكِيلُ بِالْإِجَارَةٍ إذَا اسْتَأْجَرَ الدَّارَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ آجِرًا وَمُسْتَأْجِرًا وَقِيلَ كَانَ يُفْتِي بِهِ أَوَّلًا ثُمَّ نَقَلَ عَنْهُمْ الرُّجُوعَ وَالْإِفْتَاءَ بِالْجَوَازِ. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.

الْمُوَكِّلُ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ إذَا تَفَاسَخَا يَنْفَسِخُ وَهَلْ يَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْوَكِيلِ بِمَالِ الْإِجَارَةِ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ بَدِيعُ الدِّينِ لَا لِأَنَّ الْفَسْخَ لَمْ يَظْهَرْ فِي حَقِّهِ وَفِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ رَجُلٍ آجَرَ أَرْضَ رَجُلٍ فَسَمِعَ ذَلِكَ فَقَالَ لَا أُجِيزُ هَذَا الْعَقْدَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَيَّامٍ أَجَزْته هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا فَقَالَ إنْ رَدَّهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجِيزَهُ مِنْ بَعْدُ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هَذَا لَيْسَ بِجَوَابٍ لِلسُّؤَالِ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا رَدَّ الْعَقْدَ عِنْدَنَا. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

الْوَكِيلُ بِاسْتِئْجَارِ دَارٍ بِعَيْنِهَا بِعَشَرَةٍ إذَا اسْتَأْجَرَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَدَفَعَهَا إلَى الْمُوَكِّلِ وَقَالَ إنَّمَا اسْتَأْجَرْتهَا بِعَشَرَةٍ فَلَا أَجْرَ عَلَى الْآمِرِ وَعَلَى الْوَكِيلِ الْأَجْرُ لِرَبِّ الدَّارِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْعَقِدُ بِالتَّعَاطِي. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

[الْبَابُ الثَّلَاثُونَ الْإِجَارَة الطَّوِيلَة]

(الْبَابُ الثَّلَاثُونَ فِي الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ الْمَرْسُومَةِ بِبُخَارَى) الْإِجَارَةُ الطَّوِيلَةُ الَّتِي يَفْعَلُهَا النَّاسُ بِبُخَارَى أَنَّهُمْ يُؤَجِّرُونَ الدَّارَ وَالْأَرْضَ ثَلَاثِينَ سَنَةً مُتَوَالِيَةً غَيْرَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ وَيَجْعَلُ لِكُلِّ سَنَةٍ مِنْ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً أَجْرًا قَلِيلًا وَبَقِيَّةُ الْأَجْرِ لِلسَّنَةِ الْأَخِيرَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِهَا قِيلَ لَا تَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهَا إجَارَةٌ وَاحِدَةٌ شُرِطَ فِيهَا الْخِيَارُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَهَذَا يُفْسِدُ الْإِجَارَةَ وَقِيلَ تَجُوزُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فِي الْإِجَارَةِ بَلْ هُوَ اسْتِثْنَاءُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ آخِرَ كُلِّ سَنَةٍ مِنْ الْإِجَارَةِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْإِجَارَةِ وَلَمْ يَثْبُتْ حُكْمُ الْإِجَارَةِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُسْتَثْنَاةِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ الَّذِينَ قَالُوا بِجَوَازِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ أَنَّهَا تُعْتَبَرُ عَقْدًا وَاحِدًا أَوْ عُقُودًا مُخْتَلِفَةً بَعْضُهُمْ قَالُوا تُعْتَبَرُ عُقُودًا حَتَّى لَا تَزِيدَ مُدَّةُ الْخِيَارِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَيَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبَعْضُهُمْ قَالُوا تُعْتَبَرُ عَقْدًا وَاحِدًا لِأَنَّهَا لَوْ اعْتَبَرْنَاهَا عُقُودًا فَمَا سِوَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ يَكُونُ مُضَافًا وَفِي الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ لَا تُمَلَّكُ الْأُجْرَةُ بِالتَّعْجِيلِ وَلَا بِالشَّرْطِ وَالْغَرَضُ مِنْ هَذِهِ الْإِجَارَةِ تَمَلُّكُ الْأُجْرَةِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا آجَرَ أَرْضَ الْيَتِيمِ ثَلَاثَ سِنِينَ وَكَانَتْ الْأُجْرَةُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ أَقَلَّ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهَا وَفِي الْأَخِيرَةِ بِأَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ وَفِي الِاسْتِئْجَارِ لِلْيَتِيمِ وَكَانَتْ الْأُجْرَةُ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهَا فَتَفْسُدُ الْإِجَارَةُ فِي الْأَوَّلِ فِي السَّنَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَفِي الثَّانِي فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَيَتَعَدَّى الْفَسَادُ إلَى غَيْرِهَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُهَا عَقْدًا وَاحِدًا وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُهَا عُقُودًا لَا يَتَعَدَّى. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

قَالَ الصَّدْرُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الشَّهِيدُ الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهَا تُعْتَبَرُ عُقُودًا فِي حَقِّ سَائِرِ الْأَحْكَامِ وَعَقْدًا وَاحِدًا فِي حَقِّ مِلْكِ الْأُجْرَةِ بِالتَّعْجِيلِ أَوْ بِاشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ وَالْحِيلَةِ لِجَوَازِ اسْتِئْجَارِ الدَّارِ إذَا كَانَتْ لِلصَّغِيرِ أَنْ يَجْعَلَ مَالَ الْإِجَارَةِ بِتَمَامِهِ لِلسَّنَةِ الْأَخِيرَةِ وَيَجْعَلَ بِمُقَابَلَةِ السِّنِينَ الْمُتَقَدِّمَةِ مَا هُوَ أَجْرُ مِثْلِهِ أَوْ أَكْثَرُ ثُمَّ يُبْرِئُ وَالِدُ الصَّغِيرِ الْمُسْتَأْجِرَ عَنْ أَجْرِ السِّنِينَ الْمُتَقَدِّمَةِ وَيَصِحُّ إجْرَاؤُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَصِيرَ مَجْمَعًا عَلَيْهِ يُلْحِقُ بِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ وَالْحِيلَةِ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ الْأَبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>