للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا، هَذَا هُوَ الْمُخْلَصُ وَالْمُخْتَارُ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَنْهَ عَنْهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ مَكَانَ الْحِفْظِ نَصًّا، وَإِنْ نَهَاهُ نَصًّا وَعَيَّنَ مَكَانَهُ فَسَافَرَ بِهَا وَلَهُ مِنْهُ بُدٌّ ضَمِنَ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ.

إنْ أَمْكَنَهُ حِفْظُ الْوَدِيعَةِ فِي الْمِصْرِ الَّذِي أُمِرَ بِالْحِفْظِ فِيهَا مَعَ السَّفَرِ بِأَنْ يَتْرُكَ عَبْدًا لَهُ فِي الْمِصْرِ الْمَأْمُورِ بِهِ أَوْ بَعْضَ مَنْ فِي عِيَالِهِ، فَإِذَا سَافَرَ بِهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِيَالٌ أَوْ كَانَ، إلَّا أَنَّهُ احْتَاجَ إلَى نَقْلِ الْعِيَالِ فَسَافَرَ فَلَا ضَمَانَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

الْوَدِيعَةُ لَوْ كَانَتْ طَعَامًا كَثِيرًا فَسَافَرَ بِهَا فَهَلَكَ الطَّعَامُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.

وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ سَافَرَ الْوَدِيعَةِ فِي الْبَحْرِ يَضْمَنُ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.

وَالْأَبُ وَالْوَصِيُّ سَافَرَ بِمَالِ الصَّبِيِّ وَهَلَكَ لَا يَضْمَنَانِ إلَّا إذَا تَرَكَا زَوْجَتَيْهِمَا هَهُنَا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْمُطْلَقِ إذَا سَافَرَ بِهِ لَا يَضْمَنُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ، وَإِنْ كَانَ ضَمِنَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَإِذَا دَفَعَ الرَّجَلُ إلَى غَيْرِهِ وَدِيعَةً، وَقَالَ لَهُ: لَا تَدْفَعْهَا إلَى امْرَأَتِكَ فَإِنَى أَتَّهِمُهَا، أَوْ قَالَ: إلَى ابْنِكَ، أَوْ قَالَ: إلَى عَبْدِكَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَدَفَعَ إلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ لَا يَجِدُ الْمُودَعُ بُدًّا مِنْ الدَّفْعِ إلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِيَالٌ سِوَاهُ لَمْ يَضْمَنْ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يَجِدُ بُدًّا مِنْهُ فَهُوَ ضَامِنٌ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

الْمُودَعُ إذَا وَضَعَ الْوَدِيعَةَ فِي حَانُوتِهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهَا: لَا تَضَعْ فِي الْحَانُوتِ فَإِنَّهُ مَخُوفٌ فَتَرَكَهَا فِيهِ حَتَّى سُرِقَتْ لَيْلًا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ أَحْرَزُ مِنْ الْحَانُوتِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ أَحْرَزُ مِنْ الْحَانُوتِ فَهُوَ ضَامِنٌ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الْحِمْلِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

رَجُلٌ دَفَعَ إلَى آخَرَ مَرًّا، وَقَالَ لَهُ: اسْقِ بِهِ أَرْضِي وَلَا تَسْقِ بِهِ أَرْضَ غَيْرِي فَسَقَى أَرْضَ الْآمِرِ ثُمَّ سَقَى أَرْضَ الْغَيْرِ فَضَاعَ الْمَرُّ إنْ ضَاعَ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ السَّقْيِ الثَّانِي ضَمِنَ، وَإِنْ ضَاعَ بَعْدَمَا فَرَغَ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

امْرَأَةٌ قَالَتْ لِأَكَّارِهَا لَا تَطْرَحْ أَنْزَالِي فِي مَنْزِلِكَ فَوَضَعَ الْأَكَّارُ فِي مَنْزِلِهِ فَجَنَى الْأَكَّارُ جِنَايَةً وَهَرَبَ فَرَفَعَ السُّلْطَانُ مَا كَانَ فِي مَنْزِلِهِ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَ مَنْزِلُهُ قَرِيبًا مِنْ مَوْضِعِ الْبَيْدَرِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَكَّارِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَمَّا إذَا قَالَ الْمُبْضِعُ لِلتَّاجِرِ ضَعْهَا فِي هَذَا الْعِدْلِ وَأَشَارَ إلَيْهِ فَوَضَعَهَا فِي الْحَقِيبَةِ، قَالَ: ضَمِنَ، وَإِنْ قَالَ ضَعْهَا فِي الْجُوَالِقِ مِنْ غَيْرِ إشَارَةٍ فَوَضَعَهَا فِي الْحَقِيبَةِ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.

الْمُودِعُ إذَا شَرَطَ الْأُجْرَةَ لِلْمُودَعِ عَلَى حِفْظِ الْوَدِيعَةِ صَحَّ وَلَزِمَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.

وَلَوْ أَوْدَعَ غَاصِبُ الْمَغْصُوبِ عِنْدَ رَجُلٍ وَشَرَطَ الْأَجْرَ عَلَى حِفْظِهِ يَصِحُّ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا يَكُونُ تَضْيِيعًا لِلْوَدِيعَةِ وَمَا لَا يَكُونُ]

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا يَكُونُ تَضْيِيعًا لِلْوَدِيعَةِ وَمَا لَا يَكُونُ وَمَا يَضْمَنُ بِهِ الْمُودَعُ وَمَا لَا يَضْمَنُ) . فِي النَّوَازِلِ إذَا قَالَ الْمُودَعُ: سَقَطَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ (بيفتادا زَمَنْ) لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ قَالَ: أَسْقَطْتُ أَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ (بيفكندم) ضَمِنَ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَضْمَنُ فِي الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُودَعَ لَا يَضْمَنُ بِالْإِسْقَاطِ إذَا لَمْ يَتْرُكْ الْوَدِيعَةَ وَلَمْ يَذْهَبْ وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَلَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي أَضَاعَتْ أَوْ لَمْ تَضِعْ، لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي أَضَعْتُهَا أَوْ لَمْ أُضِعْ يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ

رَجُلٌ دَفَعَ إلَى دَلَّالٍ ثَوْبًا لِيَبِيعَهُ، ثُمَّ قَالَ الدَّلَّالُ: وَقَعَ الثَّوْبُ مِنْ يَدَيَّ وَضَاعَ وَلَا أَدْرِي كَيْفَ ضَاعَ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ: نَسِيتُ وَلَا أَدْرِي فِي أَيِّ حَانُوتٍ وَضَعْتُ، يَكُونُ ضَامِنًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَفِي الْفَتَاوَى سُئِلَ ابْنُ الْفَضْلِ عَمَّنْ دَفَعَ جَوَاهِرَ إلَى رَجُلٍ لِيَبِيعَهَا، فَقَالَ الْقَابِضُ: أَنَا أُرِيهَا تَاجِرًا لِأَعْرِفَ قِيمَتَهَا فَضَاعَتْ الْجَوَاهِرُ قَبْلَ أَنْ يُرِيَهَا، قَالَ: إنْ ضَاعَتْ أَوْ سَقَطَتْ بِحَرَكَتِهِ ضَمِنَ، وَإِنْ سُرِقَتْ مِنْهُ أَوْ سَقَطَتْ لِمُزَاحَمَةٍ أَصَابَتْهُ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.

قَالَ: لَوْ قَالَ الْمُودَعُ: وَضَعْتُ الْوَدِيعَةَ بَيْنَ يَدَيَّ فَقُمْتُ وَنَسِيتُهَا فَضَاعَتْ ضَمِنَ، وَبِهِ يُفْتَى، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.

وَلَوْ قَالَ وَضَعْتُ بَيْنَ يَدَيَّ فِي دَارِي ثُمَّ قُمْتُ وَنَسِيتُهَا فَضَاعَتْ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَالًا يُحْفَظُ فِي عَرْصَةِ الدَّارِ وَلَا تُعَدُّ حِرْزًا

<<  <  ج: ص:  >  >>