للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَفِي الْفَتَاوَى وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْبَسَ الْخَاتَمَ فِي خِنْصَرِهِ الْيُسْرَى دُونَ سَائِرِ أَصَابِعِهِ وَدُونَ الْيُمْنَى؛ لِأَنَّ اللُّبْسَ فِي الْيُمْنَى عَلَامَةُ الرَّفْضِ، وَأَمَّا الْجَوَازُ فَثَابِتٌ فِي الْيَمِينِ وَالْيَسَارِ جَمِيعًا وَبِكُلِّ ذَلِكَ وَرَدَ الْأَثَرُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَا يَشُدُّ الْأَسْنَانَ بِالذَّهَبِ وَيَشُدُّهَا بِالْفِضَّةِ يُرِيدُ بِهِ إذَا تَحَرَّكَتْ الْأَسْنَانُ وَخِيفَ سُقُوطُهَا فَأَرَادَ صَاحِبُهَا أَنْ يَشُدَّهَا يَشُدُّهَا بِالْفِضَّةِ، وَلَا يَشُدُّهَا بِالذَّهَبِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَشُدُّهَا بِالذَّهَبِ أَيْضًا، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قِيلَ: هُوَ مَعَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقِيلَ: هُوَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي الْمُنْتَقَى لَوْ تَحَرَّكَتْ سِنُّ رَجُلٍ وَخَافَ سُقُوطُهَا فَشَدَّهَا بِالذَّهَبِ أَوْ بِالْفِضَّةِ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ السِّنِّ وَالْأَنْفِ فَقَالَ فِي السِّنِّ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَشُدَّهَا بِالذَّهَبِ، وَفِي الْأَنْفِ كُرِهَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِأَنْ يُعِيدَ سِنَّ نَفْسِهِ وَأَنْ يَشُدَّهَا، وَإِنْ كَانَ سِنَّ غَيْرِهِ يُكْرَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. قَالَ بِشْرٌ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مَجْلِسٍ آخَرَ سَأَلْتُ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَرَ بِإِعَادَتِهَا بَأْسًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

قُطِعَتْ أُنْمُلَتُهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَّخِذَهَا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ أُصْبُعُهُ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْكَرَاهَةِ فِي الْأَكْلِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ]

(الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْكَرَاهَةِ فِي الْأَكْلِ، وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ) أَمَّا الْأَكْلُ فَعَلَى مَرَاتِبَ: فَرْضٌ، وَهُوَ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ الْهَلَاكُ، فَإِنْ تَرَكَ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ حَتَّى هَلَكَ فَقَدْ عَصَى. وَمَأْجُورٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَا زَادَ عَلَيْهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الصَّلَاةِ قَائِمًا وَيَسْهُلَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ. وَمُبَاحٌ، وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إلَى الشِّبَعِ لِتَزْدَادَ قُوَّةُ الْبَدَنِ، وَلَا أَجْرَ فِيهِ، وَلَا وِزْرَ وَيُحَاسَبُ عَلَيْهِ حِسَابًا يَسِيرًا إنْ كَانَ مِنْ حِلٍّ. وَحَرَامٌ، وَهُوَ الْأَكْلُ فَوْقَ الشِّبَعِ إلَّا إذَا قَصَدَ بِهِ التَّقَوِّيَ عَلَى صَوْمِ الْغَدِ أَوْ لِئَلَّا يَسْتَحْيِيَ الضَّيْفُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ فَوْقَ الشِّبَعِ، وَلَا تَجُوزُ الرِّيَاضَةُ بِتَقْلِيلِ الْأَكْلِ حَتَّى يَضْعُفَ عَنْ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ، فَأَمَّا تَجْوِيعُ النَّفْسِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَعْجِزُ عَنْ أَدَاءِ الْعِبَادَاتِ فَهُوَ مُبَاحٌ، وَفِيهِ رِيَاضَةُ النَّفْسِ وَبِهِ يَصِيرُ الطَّعَامُ مُشْتَهًى بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ إهْلَاكُ النَّفْسِ، وَكَذَا الشَّابُّ الَّذِي يَخَافُ الشَّبَقَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْأَكْلِ لِيَكْسِرَ شَهْوَتَهُ بِالْجُوعِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَعْجِزُ عَنْ أَدَاءِ الْعِبَادَاتِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.

وَإِنْ أَكَلَ الرَّجُلُ مِقْدَارَ حَاجَتِهِ أَوْ أَكْثَرَ لِمَصْلَحَةِ بَدَنِهِ لَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.

إذَا أَكَلَ الرَّجُلُ أَكْثَرَ مِنْ حَاجَتِهِ لِيَتَقَيَّأَ قَالَ الْحَسَنُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَأْكُلُ أَلْوَانًا مِنْ الطَّعَامِ وَيُكْثِرُ، ثُمَّ يَتَقَيَّأُ وَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

مِنْ السَّرَفِ الْإِكْثَارُ فِي الْبَاجَّاتِ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ بِأَنْ يَمَلَّ مِنْ بَاجَّةٍ فَيَسْتَكْثِرَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ شَيْئًا فَيَجْتَمِعُ لَهُ قَدْرَ مَا يَتَقَوَّى عَلَى الطَّاعَةِ أَوْ قَصَدَ أَنْ يَدْعُوَ الْأَضْيَافَ قَوْمًا بَعْدَ قَوْمٍ إلَى أَنْ يَأْتُوا إلَى آخِرِ الطَّعَامِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَاِتِّخَاذُ أَلْوَانِ الْأَطْعِمَةِ وَوَضْعُ الْخُبْزِ عَلَى الْمَائِدَةِ أَكْثَرَ مِنْ الْحَاجَةِ سَرَفٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ قَصْدِهِ أَنْ يَدْعُوَ الْأَضْيَافَ قَوْمًا بَعْدَ قَوْمٍ حَتَّى يَأْتُوا عَلَى آخِرِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ فَائِدَةً، وَمِنْ الْإِسْرَافِ أَنْ يَأْكُلَ وَسَطَ الْخُبْزِ وَيَدَعَ حَوَاشِيَهُ أَوْ يَأْكُلَ مَا انْتَفَخَ مِنْهُ وَيَتْرُكَ الْبَاقِيَ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَوْعُ تَجَبُّرٍ إلَّا يَكُونُ غَيْرُهُ يَتَنَاوَلُهُ فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>