للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَسْخُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: كَانَ لَا يَعْمَلُ بِالِاجْتِهَادِ إلَى أَنْ يَنْقَطِعَ طَمَعُهُ عَنْ الْوَحْيِ فَإِذَا انْقَطَعَ حِينَئِذٍ كَانَ يَجْتَهِدُ فَإِذَا اجْتَهَدَ صَارَ ذَلِكَ شَرِيعَةً لَهُ فَإِذَا أُنْزِلَ الْوَحْيُ بِخِلَافِهِ يَصِيرُ نَاسِخًا لَهُ وَنَسْخُ السُّنَّةِ بِالْكِتَابِ جَائِزٌ عِنْدَنَا وَكَانَ لَا يَنْقُضُ مَا أَمْضَى بِالِاجْتِهَادِ وَكَانَ يَسْتَأْنِفُ الْقَضَاءَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي التَّقْلِيدِ وَالْعَزْلِ]

إذَا قَلَّدَ السُّلْطَانُ رَجُلًا قَضَاءَ بَلْدَةِ كَذَا لَا يَصِيرُ قَاضِيًا فِي سَوَادِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ مَا لَمْ يُقَلَّدْ قَضَاءَ الْبَلْدَةِ وَنَوَاحِيهَا، وَهَذَا الْجَوَابُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى رِوَايَةِ النَّوَادِرِ؛ لِأَنَّ - عَلَى رِوَايَةِ النَّوَادِرِ - الْمِصْرَ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِنَفَاذِ الْقَضَاءِ.

أَمَّا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَالْمِصْرُ شَرْطٌ لِنَفَاذِ الْقَضَاءِ فَلَا يَصِيرُ مُقَلَّدًا عَلَى الْقُرَى، وَإِنْ كُتِبَ فِي مَنْشُورِهِ ذَلِكَ.

إذَا عَلَّقَ السُّلْطَانُ الْإِمَارَةَ، وَالْقَضَاءَ بِالشَّرْطِ أَوْ أَضَافَهَا إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِأَنْ قَالَ: إذَا قَدِمْت بَلْدَةَ كَذَا فَأَنْت قَاضِيهَا، إذَا أَتَيْت مَكَّةَ فَأَنْتَ إمَامٌ لِمَكَّةَ، أَوْ قَالَ جَعَلْتُك قَاضِيًا رَأْسَ الشَّهْرِ جَعَلْتُك أَمِيرًا رَأْسَ الشَّهْرِ فَذَلِكَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.

بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَيَجُوزُ تَعْلِيقُ عَزْلِ الْقَاضِي بِالشَّرْطِ أَيْضًا.

وَإِذَا قَلَّدَ السُّلْطَانُ رَجُلًا قَضَاءَ يَوْمٍ يَجُوزُ وَيَتَأَقَّتُ، وَإِذَا قَيَّدَهُ بِالْمَكَانِ يَجُوزُ، وَيَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ الْمَكَانِ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَيَّدَ الْقَاضِي إنَابَةَ نَائِبِهِ فِي مَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ لَا يَكُونُ لِلنَّائِبِ أَنْ يَقْضِيَ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.

وَتَعْلِيقُ التَّحْكِيمِ لِإِنْسَانٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَالْإِضَافَةُ إلَى وَقْتِ الْمُسْتَقْبَلِ لَا يَصِحُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

وَكَذَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ سَمَاعِ بَعْضِ الْحُكُومَاتِ كَدَعْوَى التَّلْجِئَةِ فِي زَمَانِنَا، أَوْ دَعْوَى شَيْءٍ سَأَلَهُ، أَوْ سَمَاعِ خُصُومَةِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ وَلَا يَصِيرُ قَاضِيًا فِي الْمُسْتَثْنَى وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَا تَسْمَعْ خُصُومَةَ فُلَانٍ حَتَّى أَرْجِعَ مِنْ سَفَرِي لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْمَعَ وَيَقْضِيَ حَتَّى يَرْجِعَ وَلَوْ قَضَى لَا يَنْفُذُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

الْقَاضِي إذَا قَضَى فِي حَادِثَةٍ فِي حَقٍّ، ثُمَّ أَمَرَ السُّلْطَانُ أَنْ يَسْمَعَ هَذِهِ الْحَادِثَةَ ثَانِيًا بِمَشْهَدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ لَا يُفْتَرَضُ عَلَى الْقَاضِي ذَلِكَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ

وَالْمِصْرُ شَرْطٌ لِنَفَاذِ الْقَضَاءِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فِي النَّوَادِرِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ السُّلْطَانُ إذَا قَالَ: جَعَلْتُك قَاضِيًا وَلَمْ يَذْكُرْ فِي أَيِّ بَلْدَةٍ لَا يَصِيرُ قَاضِيًا فِي الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَصِيرُ قَاضِيًا لِجَمِيعِ بِلَادِ السُّلْطَانِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَالْأَشْبَهُ.

وَإِذَا اجْتَمَعَ أَهْلُ بَلْدَةٍ عَلَى رَجُلٍ وَجَعَلُوهُ قَاضِيًا يَقْضِي فِيمَا بَيْنَهُمْ لَا يَصِيرُ قَاضِيًا وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ وَعَقَدُوا مَعَهُ عَقْدَ السَّلْطَنَةِ، أَوْ عَقْدَ الْخِلَافَةِ يَصِيرُ خَلِيفَةً وَسُلْطَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

السُّلْطَانُ إذَا قَالَ لِرَجُلٍ: جَعَلْتُك قَاضِيًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ صَرِيحًا، أَوْ دَلَالَةً بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: جَعَلْتُك قَاضِيَ الْقُضَاةِ؛ لِأَنَّ قَاضِيَ الْقُضَاةِ هُوَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِي الْقُضَاةِ تَقْلِيدًا وَعَزْلًا كَذَا ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ.

وَأَجَابَ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ مَحْضَرٍ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ ذُكِرَ فِيهِ أَنَّ هَذَا الْقَاضِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>