للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي إذَا قَبَضَهُ وَمَاتَ عِنْدَهُ اتِّفَاقًا كَذَا فِي الْكَافِي.

وَلَوْ بَاعَ مَالًا مُتَقَوِّمًا بِمُكَاتَبٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ وَقَبَضَ الْمَالَ مَلَكَهُ مِلْكًا فَاسِدًا وَيَجُوزُ بَيْعُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ نَفْسِهَا وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ مِنْ نَفْسِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَلَوْ اشْتَرَى بِمَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ لَا يَمْلِكُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ لِعَدَمِ تَمَوُّلِهِمَا فَعَلَى هَذَا لَوْ اشْتَرَى بِجِلْدِ الْمَيْتَةِ وَذَلِكَ جِلْدٌ يُمْسِكُهُ النَّاسُ لِلدِّبَاغَةِ يَنْعَقِدُ، وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِمَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ وَقَبَضَهُ وَهَلَكَ هَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ ذَكَرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَضْمَنُ عِنْدَهُمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانِ وَأَوْلَادُ الْإِمَاءِ مِنْ أُولَئِكَ بِمَنْزِلَةِ الْأُصُولِ وَكَذَلِكَ الْوَلَدُ الْمُشْتَرَى فِي حَالِ الْكِتَابَةِ وَالْوَالِدَانِ وَأَمَّا مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ فَلَا يَدْخُلُونَ فِي الْكِتَابَةِ وَيَجُوزُ بَيْعُهُمْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْحَاوِي.

[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي تَفْسِيرِ الرِّبَا وَأَحْكَامِهِ]

(الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي تَفْسِيرِ الرِّبَا وَأَحْكَامِهِ) وَهُوَ فِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ فَضْلِ مَالٍ لَا يُقَابِلُهُ عِوَضٌ فِي مُعَاوَضَةِ مَالٍ بِمَالٍ وَهُوَ مُحَرَّمٌ فِي كُلِّ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ بِيعَ مَعَ جِنْسِهِ وَعِلَّتُهُ الْقَدْرُ وَالْجِنْسُ وَنَعْنِي بِالْقَدْرِ الْكَيْلَ فِيمَا يُكَالُ وَالْوَزْنَ فِيمَا يُوزَنُ فَإِذَا بِيعَ الْمَكِيلُ كَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالْمِلْحِ أَوْ الْمَوْزُونُ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَمَا يُبَاعُ بِالْأَوَاقِيِ بِجِنْسِهِ مِثْلًا بِمِثْلٍ صَحَّ وَإِنْ تَفَاضَلَ أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ وَجَيِّدُهُ وَرَدِيئُهُ سَوَاءٌ حَتَّى لَا يَصِحَّ بَيْعُ الْجَيِّدِ بِالرَّدِيءِ مِمَّا فِيهِ الرِّبَا إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْحَفْنَةِ بِالْحَفْنَتَيْنِ وَالتُّفَّاحَةِ بِالتُّفَّاحَتَيْنِ وَمَا دُونَ نِصْفِ صَاعٍ فِي حُكْمِ الْحَفْنَةِ وَلَوْ تَبَايَعَا مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا غَيْرَ مَطْعُومٍ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا كَالْجَصِّ وَالْحَدِيدِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَنَا وَإِنْ وُجِدَ الْقَدْرُ وَالْجِنْسُ حُرِّمَ الْفَضْلُ وَالنَّسَاءُ وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا وَعُدِمَ الْآخَرُ حَلَّ الْفَضْلُ وَحُرِّمَ النَّسَاءُ وَإِنْ عُدِمَا حَلَّ الْفَضْلُ وَالنَّسَاءُ كَذَا فِي الْكَافِي وَكُلُّ شَيْءٍ نَصَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ فِيهِ كَيْلًا فَهُوَ مَكِيلٌ أَبَدًا وَإِنْ تَرَكَ النَّاسُ الْكَيْلَ فِيهِ مِثْلُ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالْمِلْحِ وَكُلِّ شَيْءٍ نُصَّ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَزْنًا فَهُوَ مَوْزُونٌ أَبَدًا وَإِنْ تَرَكَ النَّاسُ الْوَزْنَ فِيهِ مِثْلُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَمَا لَا نَصَّ فِيهِ وَلَكِنْ عُرِفَ كَوْنُهُ كَيْلًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ مَكِيلٌ أَبَدًا وَإِنْ اعْتَادَ النَّاسُ بَيْعَهُ وَزْنًا فِي زَمَانِنَا وَمَا عُرِفَ كَوْنُهُ مَوْزُونًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَهُوَ مَوْزُونٌ أَبَدًا وَمَا لَا نَصَّ فِيهِ وَلَمْ يُعْرَفْ حَالُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يُعْتَبَرُ فِيهِ عُرْفُ النَّاسِ فَإِنْ تَعَارَفُوا كَيْلَهُ فَهُوَ كَيْلِيٌّ وَإِنْ تَعَارَفُوا وَزْنَهُ فَهُوَ وَزْنِيٌّ وَإِنْ تَعَارَفُوا كَيْلَهُ وَوَزْنَهُ فَهُوَ كَيْلِيٌّ وَوَزْنِيٌّ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

فَعَلَى هَذَا لَوْ بَاعَ الْبُرَّ بِجِنْسِهِ مُتَسَاوِيًا وَزْنًا أَوْ الذَّهَبَ بِجِنْسِهِ مُتَسَاوِيًا كَيْلًا لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُمَا وَإِنْ تَعَارَفُوا ذَلِكَ كَذَا فِي الْكَافِي.

فَلَوْ بَاعَ الْمَكِيلَ وَزْنًا أَوْ الْمَوْزُونَ كَيْلًا لَا يَجُوزُ وَإِنْ تُسَاوَيَا فِيمَا بِيعَا بِهِ حَتَّى يُعْلَمَ تُسَاوِيهِمَا بِالْأَصَالَةِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.

قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَا ثَبَتَ كَيْلُهُ بِالنَّصِّ إذَا بِيعَ وَزْنًا بِالدَّرَاهِمِ يَجُوزُ وَكَذَلِكَ مَا ثَبَتَ وَزْنُهُ بِالنَّصِّ إذَا بِيعَ كَيْلًا بِالدَّرَاهِمِ يَجُوزُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ

وَكُلُّ مَا يُبَاعُ بِالْأَمْنَاءِ أَوْ بِالْأَوَاقِيِ كَالدُّهْنِ وَنَحْوِهِ فَوَزْنِيٌّ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى فَلَوْ بِيعَ مَا يُنْسَبُ إلَى الرِّطْلِ وَالْأُوقِيَّةِ كَيْلًا بِكَيْلٍ مُتَسَاوِيَيْنِ يُعْرَفُ قَدْرُهُمَا كَيْلًا وَلَا يُعْرَفُ وَزْنُ مَا يَحِلُّهُمَا لَا يَجُوزُ وَلَوْ تَبَايَعَا كَيْلًا مُتَفَاضِلًا وَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِي الْوَزْنِ صَحَّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

وَفِي الْمَبْسُوطِ الْحِنْطَةُ الْعَفِنَةُ مَعَ الْحِنْطَةِ الْجَيِّدَةِ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ السَّقْيُ مَعَ النَّجَسِيِّ وَالْفَارِسِيِّ مَعَ الدَّقَلِ فِي التَّمْرِ جِنْسٌ وَاحِدٌ مَعَ اخْتِلَافِ الْوَصْفِ وَكَذَلِكَ الْعِلْكَةُ مَعَ الرَّخْوَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَقَدْ اعْتَبَرُوا الْجَوْدَةَ فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ فِي مَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>