للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ مَا إذَا أَبْهَمَ الْإِحْرَامَ فَلَمْ يُعَيِّنْ حَجَّةً أَوْ عُمْرَةً فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ مَا شَاءَ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ وَإِنْ أَطْلَقَ بِأَنْ سَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ مُعَيَّنًا وَمُبْهَمًا قَالَ فِي الْكَافِي: لَا نَصَّ فِيهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ التَّعْيِينُ هُنَا إجْمَاعًا لِعَدَمِ الْمُخَالَفَةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

وَإِذَا أَمَرَ غَيْرَهُ بِالْإِفْرَادِ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ فَقَرَنَ فَهُوَ مُخَالِفٌ ضَامِنٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: يُجْزِئُ عَنْ الْآمِرِ اسْتِحْسَانًا وَهَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا قَرَنَ عَنْ الْآمِرِ، وَأَمَّا لَوْ نَوَى بِأَحَدِهِمَا عَنْ شَخْصٍ آخَرَ أَوْ عَنْ نَفْسِهِ؛ فَهُوَ مُخَالِفٌ ضَامِنٌ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْحَجِّ فَاعْتَمَرَ ثُمَّ حَجَّ مِنْ مَكَّةَ فَهُوَ مُخَالِفٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْعُمْرَةِ فَاعْتَمَرَ أَوَّلًا ثُمَّ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ؛ لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا وَإِنْ كَانَ حَجَّ أَوَّلًا ثُمَّ اعْتَمَرَ فَهُوَ مُخَالِفٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ

وَلَوْ أَمَرَهُ أَحَدُهُمَا بِالْحَجِّ وَالْآخَرُ بِالْعُمْرَةِ وَلَمْ يَأْمُرَاهُ بِالْجَمْعِ فَجَمَعَ يَرُدُّ مَا لَهُمَا وَإِنْ أَمَرَهُ بِالْجَمْعِ جَازَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ

الْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ يُنْفِقُ مِنْ مَالِ الْآمِرِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ

وَلَوْ أَحَجَّ رَجُلًا يُؤَدِّي الْحَجَّ وَيُقِيمُ بِمَكَّةَ جَازَ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَحُجَّ وَيَرْجِعَ وَإِذَا فَرَغَ الْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ مِنْ الْحَجِّ وَنَوَى الْإِقَامَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَصَاعِدًا أَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَلَوْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِ الْآمِرِ يَضْمَنُ فَإِنْ أَقَامَ بِهَا أَيَّامًا مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا: إنَّهُ إنْ أَقَامَ إقَامَةً مُعْتَادَةً مِقْدَارَ مَا يُقِيمُ النَّاسُ بِهَا عَادَةً؛ فَالنَّفَقَةُ فِي مَالِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ، وَإِنْ أَقَامَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَالنَّفَقَةُ فِي مَالِهِ وَهَذَا كَانَ فِي زَمَانِهِمْ فَأَمَّا فِي زَمَانِنَا فَلَا يُمْكِنُ الْخُرُوجُ لِلْأَفْرَادِ وَالْآحَادِ وَلَا لِجَمَاعَةٍ قَلِيلَةٍ مِنْ مَكَّةَ إلَّا مَعَ الْقَافِلَةِ فَمَا دَامَ مُنْتَظِرًا خُرُوجَ الْقَافِلَةِ فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ وَكَذَا فِي إقَامَتِهِ بِبَغْدَادَ وَالتَّعْوِيلِ فِي الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ عَلَى ذَهَابِ الْقَافِلَةِ وَإِيَابِهِمْ فَإِنْ نَوَى الْإِقَامَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَصَاعِدًا حَتَّى سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ مِنْ مَالِ الْآمِرِ ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ تَعُودُ نَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْآمِرِ؟ . ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَعُودُ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَعُودُ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ اتَّخَذَ مَكَّةَ دَارًا، وَإِنْ اتَّخَذَ مَكَّةَ دَارًا ثُمَّ عَادَ لَا تَعُودُ النَّفَقَةُ فِي مَالِ الْآمِرِ بِلَا خِلَافٍ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ

وَلَوْ خَرَجَ الْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَيَّامِ الْحَجِّ يَنْبَغِي أَنْ يُنْفِقَ مِنْ مَالِ الْآمِرِ إلَى بَغْدَادَ أَوْ إلَى الْكُوفَةِ ثُمَّ يُقِيمَ بِهَا وَيُنْفِقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ حَتَّى جَاءَ أَوَانُ الْحَجِّ ثُمَّ يَرْتَحِلَ وَيُنْفِقَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ السَّبَبُ وَهُوَ الْإِنْفَاقُ فِي الطَّرِيقِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ

وَلَوْ أَنَّ الْحَاجَّ عَنْ الْغَيْرِ تَشَاغَلَ بِحَوَائِجِ نَفْسِهِ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ؛ ضَمِنَ الْمَالَ فَإِنَّ حَجَّ بِمَالِ نَفْسِهِ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ عَامٍ قَابِلٍ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ سَقَطَ مِنْ الْبَعِيرِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَضْمَنُ النَّفَقَةَ الْمَاضِيَةَ وَنَفَقَتُهُ فِي رُجُوعِهِ فِي مَالِهِ خَاصَّةً، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ إذَا أَخَذَ طَرِيقًا آخَرَ أَبْعَدَ وَأَكْثَرَ نَفَقَةً فَإِنْ كَانَ الْحَاجُّ يَسْلُكُهُ فَلَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

[الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْحَجِّ]

(الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْحَجِّ) مَنْ عَلَيْهِ الْحَجُّ إذَا مَاتَ قَبْلَ أَدَائِهِ فَإِنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ يَأْثَمُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ أَحَبَّ الْوَارِثُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ حَجّ وَأَرْجُو أَنْ يُجْزِئَهُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا ذَكَرَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ مَاتَ عَنْ وَصِيَّةٍ لَا يَسْقُطُ الْحَجُّ عَنْهُ وَإِذَا حَجَّ عَنْهُ يَجُوزُ عِنْدَنَا بِاسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِ الْجَوَازِ وَهِيَ نِيَّةُ الْحَجِّ وَأَنْ يَكُونَ الْحَجُّ بِمَالِ الْمُوصِي أَوْ بِأَكْثَرِهِ لَا تَطَوُّعًا وَأَنْ يَكُونَ رَاكِبًا لَا مَاشِيًا وَيَحُجُّ عَنْهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ سَوَاءٌ قَيَّدَ الْوَصِيَّةَ بِالثُّلُثِ بِأَنْ أَوْصَى أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>