للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْفُو عَنْهَا، وَهَذَا اسْتِحْبَابٌ وَالْكَلَامُ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ مَا مَرَّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَفِي الْأَصْلِ إذَا غَصَبَ الرَّجُلُ صَبِيًّا حُرًّا، وَذَهَبَ بِهِ فَمَاتَ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ مَاتَ بِأَمْرٍ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ وَالتَّحَفُّظُ عَنْهُ بِأَنْ أَصَابَتْهُ حُمَّى، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا إنْ مَاتَ بِأَمْرٍ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ وَالتَّحَفُّظُ عَنْهُ بِأَنْ قُتِلَ، أَوْ أَصَابَهُ حَجَرٌ، أَوْ سَقَطَ عَلَيْهِ حَائِطٌ، أَوْ نَزَلَتْ صَاعِقَةٌ مِنْ السَّمَاءِ فَأَصَابَتْهُ فَقَتَلَتْهُ، أَوْ نَهَشَتْهُ حَيَّةٌ، أَوْ أَكَلَهُ سَبُعٌ، أَوْ تَرَدَّى مِنْ حَائِطٍ، أَوْ جَبَلٍ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ الصَّبِيُّ نَفْسَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ، وَفِي الْعَبْدِ يَضْمَنُ مَاتَ بِأَمْرٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ، أَوْ بِأَمْرٍ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ غَصَبَ صَبِيًّا وَقَرَّبَهُ إلَى الْمَهَالِكِ فَهَلَكَ كَانَ عَلَيْهِ دِيَتُهُ إنْ كَانَ حُرًّا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا قَتَلَ الصَّبِيُّ الْمَغْصُوبُ رَجُلًا لَمْ يَكُنْ عَلَى الَّذِي اغْتَصَبَهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

، وَإِذَا أَوْدَعَ صَبِيٌّ عَبْدًا فَقَتَلَهُ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الْقِيمَةُ، وَإِنْ أَوُدِعَ طَعَامًا فَأَكَلَهُ لَمْ يَضْمَنْ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَضْمَنُ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَعَلَى هَذَا إذَا أَوْدَعَ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ مَالًا فَاسْتَهْلَكَهُ لَا يُؤَاخَذُ بِالضَّمَانِ فِي الْحَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَيُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْإِقْرَاضُ وَالْإِعَارَةُ وَالْبَيْعُ وَالتَّسْلِيمُ فِي الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ، وَالْخِلَافُ فِي الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ فِي الصَّحِيحِ حَتَّى يَضْمَنَ غَيْرُ الْعَاقِلِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَ مَالًا مِنْ غَيْرِ إيدَاعٍ ضَمِنَ كَذَا فِي الْكَافِي.

الْأَبُ إذَا ضَرَبَ الِابْنَ فِي أَدَبٍ، أَوْ الْوَصِيُّ ضَرَبَ الْيَتِيمَ فَمَاتَ يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ ضَرَبَهُ الْمُعَلِّمُ إنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ. زَوْجٌ ضَرَبَ زَوْجَتَهُ فِي أَدَبٍ فَمَاتَتْ ضَمِنَ، وَعَلَى الْأَبِ الْكَفَّارَةُ وَالدِّيَةُ، وَعَلَى الْمُؤَدِّبِ الْكَفَّارَةُ دُونَ الدِّيَةِ، وَعَلَى الزَّوْجِ الْكَفَّارَةُ وَالدِّيَةُ جَمِيعًا كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ.

وَالْوَالِدَةُ إذَا ضَرَبَتْ وَلَدَهَا الصَّغِيرَ لِلتَّأْدِيبِ فَلَا شَكَّ أَنَّهَا تَضْمَنُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ عَلَى قَوْلِهِمَا بَعْضُهُمْ قَالُوا: لَا تَضْمَنُ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: هِيَ ضَامِنَةٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

رَجُلٌ ضَرَبَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ فِي تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ الْوَالِدُ دِيَتَهُ، وَلَا يَرِثُهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَرِثُ الْوَالِدُ، وَلَا يَضْمَنُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

الْحَجَّامُ، أَوْ الْفَصَّادُ أَوْ الْبَزَّاغُ، أَوْ الْخَتَّانُ إذَا حَجَمَ، أَوْ فَصَدَ أَوْ بَزَغَ، أَوْ خَتَنَ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ فَسَرَى إلَى النَّفْسِ وَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ الْبَزَّاغُ، أَوْ الْفَصَّادُ، أَوْ الْحَجَّامُ إذَا بَزَغَ، أَوْ فَصَدَ، أَوْ حَجَمَ وَكَانَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى فِي الْعَبْدِ، أَوْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ فِي الصَّبِيِّ وَسَرَى إلَى النَّفْسِ، وَمَاتَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ الْخَتَّانُ فِي هَذَا فَهَؤُلَاءِ لَا يَضْمَنُونَ السِّرَايَةَ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أَنَّ خَتَّانًا خَتَنَ صَبِيًّا بِأَمْرِ وَالِدِهِ فَجَرَتْ الْحَدِيدَةُ فَقَطَعَتْ الْحَشَفَةَ فَمَاتَ الصَّبِيُّ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْخَتَّانِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ عَاشَ الصَّبِيُّ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْخَتَّانِ كَمَالُ الدِّيَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا فِيمَا إذَا قُطِعَتْ الْحَشَفَةُ وَمَاتَ أَنَّهُ يَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ رَوَاهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ وَذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ إنْ مَاتَ، وَهَكَذَا ذُكِرَ فِي جِنَايَاتِ الْعَتَاقِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْجَنِينِ]

(الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْجَنِينِ) إذَا ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ حَامِلٍ مُسْلِمَةٍ، أَوْ كَافِرَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا حُرًّا ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الْغُرَّةُ وَهِيَ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ أَوْ فَرَسٌ قِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَيَكُونُ مَوْرُوثًا عَنْ الْوَلَدِ وَلَوْ كَانَ الضَّارِبُ وَارِثًا لَمْ يَرِثْ، وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

وَإِنْ أَلْقَتْ مَيِّتَيْنِ فَغُرَّتَانِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَالْجَنِينُ الَّذِي قَدْ اسْتَبَانَ بَعْضُ خَلْقِهِ كَالظُّفْرِ وَالشَّعْرِ بِمَنْزِلَةِ الْجَنِينِ التَّامِّ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ كَذَا فِي الْكَافِي وَإِنْ خَرَجَ الْجَنِينُ بَعْدَ الضَّرْبَةِ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً وَالْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

إنْ أَلْقَتْ مَيِّتًا ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمُّ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>