للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الَّذِي الْعَبْدُ فِي يَدَيْهِ فَصَالَحَهُ عَنْ دَعْوَاهُ عَلَى إنْ رَدَّ عَلَيْهِ الثَّمَنَ وَقَبَضَهُ ثُمَّ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ فَالْعَبْدُ لَهُ وَالثَّمَنُ لِلَّذِي قَبَضَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

لَوْ صَالَحَهُ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى عَبْدٍ وَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ وَقَبَضَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى الدَّيْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الْخِيَارِ فِي الصُّلْحِ.

لَهُ عَلَى آخَرَ أَلْفٌ فَدَفَعَ الْمَدْيُونُ إلَيْهِ نِصْفَهَا مِنْ جِهَةِ الصُّلْحِ بِلَا تَلَفُّظٍ بِالصُّلْحِ ثُمَّ أَرَادَ الِاسْتِرْدَادَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ أَعْطَاهُ عَرْضًا لَا يَمْلِكُ الِاسْتِرْدَادَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَيْسَتْ بِمَالٍ.

الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ إذَا صَالَحَ عَلَى مَالٍ عَلَى أَنْ يُبَرِّئَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ، وَهَلْ تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ فِيهِ رِوَايَتَانِ تَسْقُطُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ بَابًا]

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِير الْمُضَارَبَة وَرُكْنِهَا وَشَرَائِطِهَا وَحُكْمِهَا]

(كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ)

(وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ بَابًا)

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهَا وَرُكْنِهَا وَشَرَائِطِهَا وَحُكْمِهَا)

أَمَّا تَفْسِيرُهَا شَرْعًا فَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ عَقْدٍ عَلَى الشَّرِكَةِ فِي الرِّبْحِ بِمَالٍ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَالْعَمَلِ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ حَتَّى لَوْ شَرَطَ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِرَبِّ الْمَالِ كَانَ بِضَاعَةً وَلَوْ شَرَطَ كُلَّهُ لِلْمُضَارِبِ كَانَ قَرْضًا هَكَذَا فِي الْكَافِي. فَلَوْ قَبَضَ الْمُضَارِبُ الْمَالَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَرَبِحَ أَوْ وَضَعَ أَوْ هَلَكَ الْمَالُ بَعْدَ مَا قَبَضَهُ الْمُضَارِبُ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ كَانَ الرِّبْحُ لِلْمُضَارِبِ وَالْوَضِيعَةُ وَالْهَالِكُ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

(وَأَمَّا) (رُكْنُهَا) فَالْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَذَلِكَ بِأَلْفَاظٍ تَدُلُّ عَلَيْهَا مِنْ لَفْظِ الْمُضَارَبَةِ وَالْمُقَارَضَةِ وَالْمُعَامَلَةِ وَمَا يُؤَدِّي مَعَانِيَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ بِأَنْ يَقُولَ رَبُّ الْمَالِ خُذْ هَذَا الْمَالَ مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ أَوْ أَطْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ مِنْ رِبْحٍ فَهُوَ بَيْنَنَا عَلَى كَذَا مِنْ نِصْفٍ أَوْ رُبُعٍ أَوْ ثُلُثٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْزَاءِ الْمَعْلُومَةِ وَكَذَا إذَا قَالَ مُقَارَضَةً أَوْ مُعَامَلَةً وَيَقُولُ الْمُضَارِبُ أَخَذْت أَوْ رَضِيت أَوْ قَبِلْت أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ يَتِمُّ الرُّكْنُ بَيْنَهُمَا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَلَوْ قَالَ خُذْ هَذَا الْأَلْفَ فَاعْمَلْ بِالنِّصْفِ أَوْ بِالثُّلُثِ أَوْ بِالْعُشْرِ أَوْ قَالَ خُذْ هَذَا الْأَلْفَ وَابْتَعْ بِهِ مَتَاعًا فَمَا كَانَ مِنْ فَضْلٍ فَلَكَ النِّصْفُ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا شَيْئًا أَوْ قَالَ خُذْ هَذَا الْمَالَ عَلَى النِّصْفِ أَوْ بِالنِّصْفِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا جَازَتْ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ قَالَ اعْمَلْ بِهِ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْ مَا كَانَ مِنْ فَضْلٍ فَهُوَ بَيْنَنَا جَازَتْ الْمُضَارَبَةُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ قَالَ خُذْ الْأَلْفَ تَشْتَرِي بِهِ هَرَوِيًّا بِالنِّصْفِ أَوْ قَالَ تَشْتَرِي بِهِ رَقِيقًا فَهَذَا فَاسِدٌ وَمَا اشْتَرَى بِهِ يَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا اشْتَرَى وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مَا اشْتَرَى إلَّا بِأَمْرِ رَبِّ الْمَالِ فَإِنْ بَاعَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَحُكْمُهُ كَحُكْمِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْمَالِكِ فَإِنْ تَلِفَ مَا بَاعَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَهُوَ ضَامِنٌ لَقِيمَتِهِ حِينَ بَاعَ وَالثَّمَنُ الَّذِي بَاعَ بِهِ لِلْمُضَارِبِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَلَى الْقِيمَةِ الَّتِي غَرِمَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ وَإِذَا أَجَازَ رَبُّ الْمَالِ بَيْعَ الْمُضَارِبِ فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ نَفَذَ بَيْعُهُ كَذَلِكَ إنْ كَانَ لَا يَدْرِي أَنَّهُ قَائِمٌ أَمْ هَالِكٌ، وَالثَّمَنُ لِرَبِّ الْمَالِ طَيِّبٌ لَا يَتَصَدَّقُ مِنْهُ بِشَيْءٍ كَمَا لَوْ كَانَ أَمَرَهُ بِالْبَيْعِ فِي الِابْتِدَاءِ وَإِنْ عَلِمَ هَلَاكَهُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ فَإِجَازَتُهُ بَاطِلَةٌ فَإِذَا بَطَلَتْ الْإِجَازَةُ كَانَ الْمُضَارِبُ ضَامِنًا لِلْقِيمَةِ يَوْمَ بَاعَهُ وَالثَّمَنُ لَهُ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ إنْ كَانَ فِيهِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ قَالَ خُذْ هَذَا الْأَلْفَ مُضَارَبَةً وَاشْتَرِ بِهِ هَرَوِيًّا بِالنِّصْفِ أَوْ قَالَ رَقِيقًا بِالنِّصْفِ هَلْ يَجُوزُ مُضَارَبَةً أَمْ لَا؟ لَا رِوَايَةَ لَهَا فِي الْكُتُبِ وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَلْخِيّ يَقُولُ بِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ تَجُوزَ الْمُضَارَبَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

. وَأَمَّا شَرَائِطُهَا الصَّحِيحَةُ فَكَثِيرَةٌ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. (مِنْهَا) أَنْ يَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>