للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّصِيبَيْنِ وَهُوَ النِّصْفُ لِلزَّوْجِ وَالرُّبْعُ لِلْمَرْأَةِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَقَلُّ النَّصِيبَيْنِ. وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُضْطَرِبٌ وَالْمَسْأَلَةُ فِيمَا إذَا ثَبَتَ الدَّيْنُ وَالْإِرْثُ بِالشَّهَادَةِ، أَمَّا إذَا ثَبَتَ الدَّيْنُ وَالْإِرْثُ بِالْإِقْرَارِ فَيُؤْخَذُ الْكَفِيلُ بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ.

وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ رَجُلٍ وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ فُلَانٍ الْغَائِبِ قَضَى لَهُ بِالنِّصْفِ وَتَرَكَ النِّصْفَ الْآخَرَ فِي يَدِ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ وَلَا يَسْتَوْثِقُ مِنْهُ بِكَفِيلٍ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا: إنْ كَانَ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ جَاحِدًا أُخِذَ مِنْهُ وَجُعِلَ فِي يَدِ أَمِينٍ وَإِنْ لَمْ يَجْحَدْ تُرِكَ فِي يَدِهِ. وَلَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي مَنْقُولٍ فَقَدْ قِيلَ: يُؤْخَذُ مِنْهُ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْحِفْظِ. وَالنِّزَاعُ أَبْلَغُ فِيهِ بِخِلَافِ الْعَقَارِ؛ لِأَنَّهُ مُحْصَنٌ بِنَفْسِهِ وَلِهَذَا يَمْلِكُ الْوَصِيُّ بَيْعَ الْمَنْقُولِ عَلَى الْكَبِيرِ الْغَائِبِ دُونَ الْعَقَارِ، وَكَذَا حُكْمُ وَصِيِّ الْأُمِّ وَالْأَخِ وَالْعَمِّ عَلَى الصَّغِيرِ وَقِيلَ: الْمَنْقُولُ عَلَى الْخِلَافِ أَيْضًا، وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ أَظْهَرُ لِحَاجَتِهِ إلَى الْحِفْظِ، وَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ. وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَيُسَلَّمُ النِّصْفُ إلَيْهِ بِذَلِكَ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِينَ فِيمَا يَسْتَحِقُّ لَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنًا كَانَ أَوْ عَيْنًا؛ لِأَنَّ الْمَقْضِيَّ لَهُ وَعَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ الْمَيِّتُ فِي الْحَقِيقَةِ وَوَاحِدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ يَصْلُحُ خَلِيفَةً عَنْهُ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الِاسْتِيفَاءِ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ عَامَلَ فِيهِ لِنَفْسِهِ فَلَا يَصْلُحُ نَائِبًا عَنْ غَيْرِهِ فَلِهَذَا لَا يَسْتَوْفِي الدَّارَ إلَّا نَصِيبَهُ، وَصَارَ كَمَا إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِدَيْنِ الْمَيِّتِ إلَّا أَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ اسْتِحْقَاقُ الْكُلِّ عَلَى أَحَدِ الْوَرَثَةِ إذَا كَانَ الْكُلُّ فِي يَدِهِ ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

[الْبَابُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْحَبْسِ وَالْمُلَازَمَةِ]

(الْبَابُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْحَبْسِ وَالْمُلَازَمَةِ) وَإِذَا جَاءَ رَجُلٌ بِرَجُلٍ إلَى الْقَاضِي وَأَثْبَتَ عَلَيْهِ مَالَهُ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ أَقَرَّ الرَّجُلُ لَهُ فَالْقَاضِي لَا يَحْبِسُهُ مِنْ غَيْرِ سُؤَالِ الْمُدَّعِي هَذَا هُوَ مَذْهَبُنَا. وَإِذَا سَأَلَ الْمُدَّعِيَ ذَلِكَ ذُكِرَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْبِسُهُ فِي أَوَّلِ الْوَهْلَةِ وَلَكِنْ يَقُولُ لَهُ: قُمْ فَأَرْضِهِ، فَإِنْ عَادَ مَرَّةً أُخْرَى حَبَسَهُ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ الدَّيْنِ الثَّابِتِ بِالْإِقْرَارِ وَبَيْنَ الدَّيْنِ الثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخَصَّافِ وَالْمَذْهَبُ عِنْدَنَا أَنَّ فِي فَصْلِ الْبَيِّنَةِ يُحْبَسُ فِي أَوَّلِ الْوَهْلَةِ.

وَفِي فَصْلِ الْإِقْرَارِ لَا يُحْبَسُ فِي أَوَّلِ الْوَهْلَةِ وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ حَتَّى تَظْهَرَ مُمَاطَلَتُهُ ثُمَّ فِي فَصْلِ الْإِقْرَارِ إذَا لَمْ يَحْبِسْهُ فِي أَوَّلِ الْوَهْلَةِ هَلْ يَحْبِسُهُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ يَحْبِسُهُ وَفِي بَعْضِهَا أَنَّهُ لَا يَحْبِسُهُ، إنَّمَا يَحْبِسُهُ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ، ثُمَّ إذَا جَاءَ أَوَانُ الْحَبْسِ فَإِنْ عَرَفَ الْقَاضِي يَسَارَهُ حَبَسَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ يَسَارَهُ لَا يَسْأَلُهُ: أَلِك مَالٌ؟ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَلْ يَسْأَلُ الْمُدَّعِيَ أَلَهُ مَالٌ؟ فَظَاهِرُ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يَسْأَلُ إلَّا إذَا طَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فَإِنْ سَأَلَ الْمَدْيُونَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ صَاحِبَ الدَّيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>