للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكَانَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ فَإِذَا شَرَطَا الْمُنَاصَفَةَ صَارَ كَأَنَّ صَاحِبَ الدَّنَانِيرِ شَرَطَ لَهُ سُدُسَ رِبْحِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مُضَارَبَةً بِسُدُسِ الرِّبْحِ، وَهَذَا وَإِنْ خَرَجَ مَخْرَجَ الشَّرِكَةِ وَيَكُونُ الْمَالُ مَشْرُوطًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُمَا شَرِكَةً لِاشْتِرَاطِهِمَا الْعَمَلَ عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ الْمَالُ وَفِي الشَّرِكَةِ يَكُونُ الْعَمَلُ مَشْرُوطًا عَلَيْهِمَا وَكَانَ هَذَا شَرِكَةً صُورَةً وَمُضَارَبَةً مَعْنًى.

وَفَائِدَةُ قَوْلِ صَاحِبِ الدَّنَانِيرِ بِأَلْفٍ مِنْ مَالِكَ انْتِفَاءُ الضَّمَانِ عَنْ الْمُضَارِبِ إذَا خَلَطَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِمَالِ نَفْسِهِ وَلَمَّا صَارَ هَذَا مُضَارَبَةً فِي حَقِّ الدَّنَانِيرِ شُرِطَ تَسْلِيمُهَا وَإِحْضَارُهَا فَإِنْ هَلَكَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ قَبْلَ الشِّرَاءِ هَلَكَ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ هَلَكَتْ الدَّنَانِيرُ بَطَلَتْ الْمُضَارَبَةُ وَإِنْ هَلَكَتْ الدَّرَاهِمُ فَالْمُضَارَبَةُ عَلَى حَالِهَا فَإِنْ انْتَقَصَتْ قِيمَةُ الدَّنَانِيرِ فَصَارَتْ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِهَا وَبِأَلْفِ مِنْ مَالِهِ جَارِيَةً ثُمَّ بَاعَهَا بِرِبْحِ أَلْفٍ كَانَ رِبْحُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَمِائَةٍ غَيْرَ أَنَّ الْخَمْسَمِائَةِ الَّتِي هِيَ رِبْحُ الدَّنَانِيرِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهَا لِصَاحِبِ الدَّنَانِيرِ وَسُدُسُهَا لِصَاحِبِ الدَّرَاهِمِ عَلَى مَا شَرَطَا وَالْخَمْسُمِائَةِ الَّتِي هِيَ رِبْحُ الدَّرَاهِمِ لِصَاحِبِ الدَّرَاهِمِ خَاصَّةً وَلَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِكُلِّ مَالٍ سِلْعَةً عَلَى حِدَةٍ ثُمَّ بَاعَ مَا اشْتَرَى بِالدَّرَاهِمِ فَلَمْ يَرْبَحْ فِيهِ وَبَاعَ مَا اشْتَرَى بِالدَّنَانِيرِ فَرَبِحَ فِيهِ خَمْسَمِائَةٍ فَلَهُ مِنْ هَذَا الرِّبْحِ سُدُسُهُ بِحُكْمِ الشَّرْطِ وَلَوْ رَبِحَ فِيمَا اشْتَرَى بِالدَّرَاهِمِ خَمْسَمِائَةٍ وَلَمْ يَرْبَحْ فِيمَا اشْتَرَى بِالدَّنَانِيرِ شَيْئًا فَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الدَّرَاهِمِ.

وَلَوْ كَانَتْ الدَّنَانِيرُ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا فَصَارَتْ تُسَاوِي ثَمَانَمِائَةٍ فَاشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِهِمَا عَبْدًا فَخَمْسَةُ أَتْسَاعِ الْعَبْدِ لِلْمُضَارَبَةِ وَأَرْبَعَةُ أَتْسَاعِهِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ فَإِنْ بَاعَ الْمُضَارِبُ الْعَبْدَ وَرَبِحَ فِيهِ وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَأْسَ مَالِهِ وَأَخَذَ الْمُضَارِبُ خَمْسَةَ أَتْسَاعِ الرِّبْحِ حِصَّةَ رَأْسِ مَالِهِ فَيَكُونُ لَهُ خَاصَّةً وَأَرْبَعَةُ أَتْسَاعِ الرِّبْحِ حِصَّةُ الْمُشْتَرِي بِالدَّنَانِيرِ فَيَكُونُ مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا أَسْدَاسًا لِلشَّرْطِ الَّذِي شَرَطَاهُ فِي الْعَقْدِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ لَمْ يَبِعْهُ الْمُضَارِبُ حَتَّى صَارَتْ قِيمَةُ الدَّنَانِيرِ أَلْفًا ثُمَّ بَاعَهُ بِثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ اقْتَسَمَا الثَّمَنَ عَلَى تِسْعَةِ أَسْهُمٍ خَمْسَةُ أَتْسَاعِهِ وَهِيَ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةٍ وَسِتٌّ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ حِصَّةُ الْمُضَارِبِ فَيَكُونُ لَهُ أَلْفٌ مِنْ ذَلِكَ رَأْسُ مَالِهِ وَالْبَاقِي رِبْحٌ فَيَكُونُ لَهُ خَاصَّةً وَأَرْبَعَةُ أَتْسَاعِ الثَّمَنِ وَذَلِكَ أَلْفٌ وَثَلَثُمِائَةٍ وَثَلَاثُ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثُ حِصَّةِ الْمُضَارَبَةِ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ رَأْسُ الْمَالِ وَالْبَاقِي رِبْحٌ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا سُدَاسًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي نَفَقَةِ الْمُضَارِبِ]

(الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي نَفَقَةِ الْمُضَارِبِ) إذَا عَمِلَ الْمُضَارِبُ فِي الْمِصْرِ فَلَيْسَتْ نَفَقَتُهُ فِي الْمَالِ وَإِنْ سَافَرَ فَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ وَكِسْوَتُهُ وَرُكُوبُهُ مَعْنَاهُ شِرَاءٌ وَكِرَاءٌ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَلَوْ بَقِيَ شَيْءٌ فِي يَدِهِ بَعْدَمَا قَدِمَ مِصْرَهُ رَدَّهُ فِي الْمُضَارَبَةِ وَلَوْ كَانَ خُرُوجُهُ دُونَ السَّفَرِ إنْ كَانَ بِحَيْثُ يَغْدُو ثُمَّ يَرُوحُ فَيَبِيتُ بِأَهْلِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السُّوقِيِّ فِي مِصْرٍ وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يَبِيتُ بِأَهْلِهِ فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَالنَّفَقَةُ هِيَ مَا يُصْرَفُ إلَى الْحَاجَةِ الرَّاتِبَةِ وَهِيَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ وَالْكِسْوَةُ وَفِرَاشٌ يَنَامُ عَلَيْهِ وَالرُّكُوبُ وَعَلَفُ دَابَّتِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَمِنْ ذَلِكَ غَسْلُ ثِيَابِهِ وَالدُّهْنُ فِي مَوْضِعٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ كَالْحِجَازِ وَأُجْرَةُ الْحَمَّامِ وَالْحَلَّاقِ وَإِنَّمَا يُطْلَقُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِالْعُرْفِ حَتَّى يَضْمَنَ الْفَضْلَ إنْ جَاوَزَهُ هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ اللَّحْمِ فَقَالَ كَمَا كَانَ يَأْكُلُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

فَأَمَّا الدَّوَاءُ وَالْحِجَامَةُ وَالْكُحْلُ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَفِي مَالِهِ خَاصَّةً دُونَ مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَكَذَلِكَ جَارِيَةُ الْوَطْءِ وَالْخِدْمَةِ لَا تُحْتَسَبُ بِثَمَنِهَا فِي الْمُضَارَبَةِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا يَخْدُمُهُ فِي سَفَرِهِ وَفِي مِصْرِهِ الَّذِي أَتَاهُ فَيَخْبِزُ لَهُ وَيَطْبُخُ

<<  <  ج: ص:  >  >>