للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ كَانَ لَهُمَا أَنْ يَقْتَسِمَاهَا لِلْحِفْظِ حَتَّى يَصِيرَ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفُ، وَلَوْ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا جَمِيعَ الْوَدِيعَةِ إلَى صَاحِبِهِ فَضَاعَتْ ضَمِنَ الْمُسَلِّمُ نِصْفَ الْوَدِيعَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَضْمَنُ الْقَابِضُ شَيْئًا وَعِنْدَهُمَا لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَإِنَّهُمَا يَتَهَايَآنِ فِي الْحِفْظِ وَلَا يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالتَّسْلِيمِ إلَى صَاحِبِهِ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

أَوْدَعَ رَجُلَانِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبَائِعِ مَعَ آخَرَ أَنَّهُ مِلْكُ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ نَقْضَ مَا عَقَدَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

رَجُلٌ اسْتَوْدَعَ رَجُلَيْنِ جَارِيَةً فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَهَا الَّذِي فِي يَدِهِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي فَوَلَدَتْ لَهُ ثُمَّ جَاءَ سَيِّدُهَا، قَالَ: يَأْخُذُهَا وَعُقْرَهَا وَقِيمَةَ الْوَلَدِ، ثُمَّ رَدُّ قِيمَةِ الْوَلَدِ كَرَدِّ عَيْنِ الْوَلَدِ فِي جَبْرِ نُقْصَانِ الْوِلَادَةِ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قِيمَةِ الْوَلَدِ وَفَاءٌ بِالنُّقْصَانِ أَخَذَ تَمَامَ ذَلِكَ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ، وَإِنْ شَاءَ رَبُّ الْجَارِيَةِ ضَمَّنَ الْبَائِعَ نِصْفَ النُّقْصَانِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْجَارِيَةَ لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ إلَّا بِقَوْلِ الْمُسْتَوْدَعِينَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا فِي ذَلِكَ وَلَكِنَّ الْجَارِيَةَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْمُشْتَرِي بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ وَيَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَنِصْفَ عُقْرِهَا فَيَدْفَعُهُ إلَى شَرِيكِهِ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي جَارِيَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ يَسْتَوْلِدُهَا أَحَدُهُمَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ التَّاسِعُ الِاخْتِلَاف الْوَاقِعِ فِي الْوَدِيعَةِ وَالشَّهَادَة فِيهَا]

(الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ فِي الْوَدِيعَةِ وَالشَّهَادَةِ فِيهَا) . فِي الْمُنْتَقَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ وَدِيعَةً وَجَحَدَهَا الْمُودَعُ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ وَأَقَامَ الْمُودَعُ بَيِّنَةً عَلَى الْمُدَّعِي أَنَّهُ، قَالَ " مَا لِي عَلَى فُلَانٍ شَيْءٌ "، قَالَ: إنْ كَانَ مُدَّعِي الْوَدِيعَةِ يَدَّعِي أَنَّ الْوَدِيعَةَ قَائِمَةٌ بِعَيْنِهَا عِنْدَ الْمُودَعِ فَهَذِهِ الْبَرَاءَةُ لَا تُبْطِلُ حَقَّهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

إذَا أَقَامَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِيدَاعِ بَعْدَمَا جَحَدَ الْمُودَعُ وَأَقَامَ الْمُودَعُ بَيِّنَةً عَلَى الضَّيَاعِ، فَإِنْ جَحَدَ الْمُودَعُ الْإِيدَاعَ بِأَنْ يَقُولَ لِلْمُودِعِ: لَمْ تُودِعْنِي، فَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْمُودَعُ ضَامِنٌ وَبَيِّنَتُهُ عَلَى الضَّيَاعِ بَعْدَ الْجُحُودِ مَرْدُودَةٌ، سَوَاءٌ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الضَّيَاعِ قَبْلَ الْجُحُودِ أَوْ بَعْدَ الْجُحُودِ، وَإِنْ جَحَدَ الْوَدِيعَةَ بِأَنْ قَالَ: لَيْسَ لَكَ عِنْدِي وَدِيعَةٌ، ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الضَّيَاعِ إنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الضَّيَاعِ بَعْدَ الْجُحُودِ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الضَّيَاعِ قَبْلَ الْجُحُودِ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الضَّيَاعِ مُطْلَقًا وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِمَا قَبْلَ الْجُحُودِ وَلِمَا بَعْدَ الْجُحُودِ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَفِي الْقُدُورِيِّ إذَا قَالَ الْمُودَعُ لِلْقَاضِي: حَلَفَ الْمُودِعُ مَا هَلَكَتْ قَبْلَ جُحُودِي، حَلَّفَهُ الْقَاضِي وَيُحَلِّفُهُ عَلَى الْعِلْمِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ جَحَدَ الْوَدِيعَةَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ رَدَّهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَدَّهَا قَبْلَ الْجُحُودِ، وَقَالَ: غَلِطْتُ فِي الْجُحُودِ، أَوْ نَسِيتُ، أَوْ ظَنَنْتُ أَنِّي دَفَعْتُهُ وَأَنَا صَادِقٌ فِي قَوْلِي لَمْ تَسْتَوْدِعْنِي قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ أَيْضًا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَلَوْ طَلَبَ الْوَدِيعَةَ، فَقَالَ: مَا أَوْدَعْتَنِي، ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ لَا يُصَدَّقُ، وَلَوْ قَالَ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ، ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ يُسْمَعُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

رَجُلٌ أَوْدَعَ رَجُلًا عَبْدًا جَحَدَهُ الْمُودَعُ وَمَاتَ فِي يَدِهِ ثُمَّ أَقَامَ الْمُودِعُ بَيِّنَةً عَلَى الْإِيدَاعِ وَعَلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الْجُحُودِ قُضِيَ عَلَى الْمُودَعِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْجُحُودِ، وَلَوْ قَالُوا: لَا نَعْلَمُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْجُحُودِ وَلَكِنْ عُلِمَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْإِيدَاعِ وَهِيَ كَذَا قَضَى الْقَاضِي عَلَى الْمُودَعِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ بِحُكْمِ الْإِيدَاعِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

إذَا قَالَ الْمُودَعُ: قَدْ أَعْطَيْتُكَهَا، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَيَّامٍ: لَمْ أُعْطِكَهَا وَلَكِنَّهَا ضَاعَتْ، فَهُوَ ضَامِنٌ وَلَا يُصَدَّقُ فِيمَا قَالَ، وَفِي الْخَانِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَلَوْ قَالَ الْمُودَعُ: إنَّهَا قَدْ ضَاعَتْ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: بَلْ كُنْتُ رَدَدْتُهَا إلَيْكَ لَكِنِّي أُوهِمْتُ، لَمْ يُصَدَّقْ وَهُوَ ضَامِنٌ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَلَوْ قَالَ الْمُودَعُ: ضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ مُنْذُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَأَقَامَ الْمُودِعُ بَيِّنَةً أَنَّهَا فِي يَدِهِ مُنْذُ يَوْمَيْنِ، فَقَالَ الْمُودَعُ: وَجَدْتُهَا ثُمَّ ضَاعَتْ، قُبِلَ مِنْهُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.

فَإِنْ قَالَ حِينَ خُوصِمَ: لَيْسَ لَهُ عِنْدِي وَدِيعَةٌ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَجَدْتُهَا فَضَاعَتْ، ضَمِنَ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.

رَجُلٌ قَالَ: لِفُلَانٍ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: قَدْ ضَاعَتْ قَبْلَ إقْرَارِي، فَهُوَ ضَامِنٌ، وَلَوْ قَالَ: كَانَ لَهُ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ وَضَاعَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً قَدْ ضَاعَتْ وَوَصَلَ الْكَلَامُ صُدِّقَ اسْتِحْسَانًا وَصَارَ تَقْدِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَانَتْ لَهُ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ وَضَاعَتْ، كَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>