للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّمَنِ أَلْفًا فَعَلِمَ الشَّفِيعُ بِأَلْفَيْنِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْأَلْفِ فَإِنْ أَخَذَ بِالْأَلْفَيْنِ بِقَضَاءٍ أَبْطَلَتْ الزِّيَادَةُ وَعَلَيْهِ أَلْفٌ وَإِنْ أَخَذَهَا بِرِضًا كَانَ الْأَخْذُ بِمَنْزِلَةِ شِرَاءٍ مُبْتَدَأٍ فَلَمْ يَبْقَ حَقُّ الشُّفْعَةِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَلَوْ أَوْصَى الْمُشْتَرِي لِإِنْسَانٍ كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَنْقُضَ الْوَصِيَّةَ وَيَأْخُذَ مِنْ الْوَرَثَةِ وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِمْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَلَوْ اشْتَرَى قَرْيَةً فِيهَا بُيُوتٌ وَأَشْجَارٌ وَنَخِيلٌ ثُمَّ إنَّهُ بَاعَ الْأَشْجَارَ وَالْبِنَاءَ فَقَطَعَ الْمُشْتَرِي بَعْضَ الْأَشْجَارِ وَهَدَمَ بَعْضَ الْبِنَاءِ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ كَانَ لَهُ الْأَرْضُ، وَمَا لَمْ يُقْطَعْ مِنْ الْأَشْجَارِ وَمَا لَمْ يُهْدَمْ مِنْ الْبِنَاءِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا قُطِعَ وَيُطْرَحُ عَنْ الشَّفِيعِ حِصَّةُ مَا قُطِعَ مِنْ الشَّجَرِ وَمَا هُدِمَ مِنْ الْبِنَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا فَهَدَمَ بِنَاءَهَا ثُمَّ بَنَى فَأَعْظَمَ الْمَنْفَعَةَ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُهَا بِالشُّفْعَةِ وَيُقَسِّمُ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ الَّذِي كَانَ فِيهَا يَوْمَ اشْتَرَى وَيُسْقِطُ حِصَّةَ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُوَ الَّذِي هَدَمَ الْبِنَاءَ وَيَنْقُضُ الْمُشْتَرِي بِنَاءَهُ الْمُحْدَثَ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ

[الْبَاب التَّاسِع فِيمَا يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ الشُّفْعَةِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَمَا لَا يَبْطُلُ]

(الْبَابُ التَّاسِعُ فِيمَا يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ الشُّفْعَةِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَمَا لَا يَبْطُلُ) وَمَا يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ الشُّفْعَةِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ نَوْعَانِ اخْتِيَارِيٌّ وَضَرُورِيٌّ وَالِاخْتِيَارِيُّ نَوْعَانِ صَرِيحٌ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ، وَدَلَالَةٌ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَنَحْوُ أَنْ يَقُولَ الشَّفِيعُ أَبْطَلْتُ الشُّفْعَةَ أَوْ أَسْقَطْتُهَا أَوْ أَبْرَأْتُكَ عَنْهَا أَوْ سَلَّمْتُهَا أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ سَوَاءٌ عَلِمَ بِالْبَيْعِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ إنْ كَانَ بَعْدَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ إسْقَاطَ الْحَقِّ صَرِيحًا يَسْتَوِي فِيهِ الْعِلْمُ وَالْجَهْلُ بِخِلَافِ الْإِسْقَاطِ مِنْ طَرِيقِ الدَّلَالَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ ثَمَّةَ إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ، وَأَمَّا الدَّلَالَةُ فَهُوَ أَنْ يُوجَدَ مِنْ الشَّفِيعِ مَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ بِالْعَقْدِ، وَحُكْمُهُ لِلْمُشْتَرِي نَحْوُ مَا إذَا عَلِمَ بِالشِّرَاءِ فَتَرَكَ الطَّلَبَ عَلَى الْفَوْرِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَوْ قَامَ عَنْ الْمَجْلِسِ أَوْ تَشَاغَلَ عَنْ الطَّلَبِ بِعَمَلٍ آخَرَ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ. وَكَذَا إذَا سَاوَمَ الشَّفِيعُ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ سَأَلَهُ أَنْ يُوَلِّيَهُ إيَّاهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهَا الشَّفِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَخَذَهَا مُزَارَعَةً أَوْ مُعَامَلَةً وَذَلِكَ كُلُّهُ بَعْدَ الْعِلْمِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَلَوْ اسْتَوْدَعَهُ أَوْ اسْتَوْصَاهُ أَوْ سَأَلَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ فَهُوَ تَسْلِيمٌ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي أُوَلِّيكَهَا بِكَذَا فَقَالَ الشَّفِيعُ نَعَمْ فَهُوَ تَسْلِيمٌ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَأَمَّا الضَّرُورِيُّ فَنَحْوُ أَنْ يَمُوتَ الشَّفِيعُ بَعْدَ الطَّلَبَيْنِ قَبْلَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَتَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَهَذَا عِنْدَنَا وَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُشْتَرِي وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ وَارِثِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ لَا يَصِحُّ وَبَعْدَهُ صَحِيحٌ عَلِمَ الشَّفِيعُ بِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ عَلِمَ مِنْ أَسْقَطَ إلَيْهِ هَذَا الْحَقُّ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ أَنْفَقْت عَلَيْهَا كَذَا فِي بِنَائِهَا وَأَنَا أُوَلِّيكَهَا بِذَلِكَ وَبِالثَّمَنِ فَقَالَ نَعَمْ فَهُوَ تَسْلِيمٌ مِنْهُ كَذَا فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ مِنْ كِتَابِ الصُّلْحِ مِنْ الْمَبْسُوطِ.

وَلَا يَصِحُّ تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ بَعْدَمَا أَخَذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ وَلَا يَصِحُّ التَّسْلِيمُ فِي الْهِبَةِ بِعِوَضٍ قَبْلَ الْقَبْضِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَإِذَا سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ فِي هِبَةٍ بِعِوَضٍ بَعْدَ التَّقَابُضِ ثُمَّ أَقَرَّ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي أَنَّهَا كَانَتْ بَيْعًا بِذَلِكَ الْعِوَضِ لَمْ تَكُنْ لِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَإِنْ سَلَّمَهَا فِي هِبَةٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ ثُمَّ تَصَادَقَا أَنَّهَا كَانَتْ بِشَرْطِ عِوَضٍ أَوْ كَانَتْ بَيْعًا فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ وَإِذَا وَهَبَ لِرَجُلٍ دَارًا عَلَى عِوَضِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَبَضَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ دُونَ الْآخَرِ ثُمَّ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ فَهُوَ بَاطِلٌ حَتَّى إذَا قَبَضَ الْعِوَضَ الْآخَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ قَبْلَ الْوُجُوبِ، فَالْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ إنَّمَا تَصِيرُ كَالْبَيْعِ بَعْدَ التَّقَابُضِ، وَتَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ قَبْلَ تَقَرُّرِ سَبَبِ الْوُجُوبِ بَاطِلٌ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

فَإِذَا وَهَبَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ أَوْ بَاعَهَا مِنْ إنْسَانٍ لَا يَكُونُ تَسْلِيمًا. هَكَذَا ذُكِرَ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الشُّفْعَةِ قُبَيْلَ بَابِ الشَّهَادَةِ إذَا بَاعَ الشُّفْعَةَ كَانَ ذَلِكَ تَسْلِيمًا لِلشُّفْعَةِ وَلَا يَجِبُ الْمَالُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شُفْعَةِ الْجَامِعِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

إذَا سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ ثُمَّ زَادَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمَبِيعِ عَبْدًا أَوْ أَمَةً كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَإِذَا سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ ثُمَّ حَطَّ الْبَائِعُ مِنْ الثَّمَنِ شَيْئًا فَلَهُ الشُّفْعَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>