للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْقَاضِيَ يَنْصِبُ عَنْ الْغَائِبِ وَكِيلًا وَيَقْبِضُ مَا عَلَى الْمَطْلُوبِ فَلَا يَحْنَثُ قَالَ النَّاطِفِيُّ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

وَإِذَا ظَهَرَ الْإِمَامُ عَلَى بَلْدَةٍ مِنْ بِلَادِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَأَرَادَ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ بِرِقَابِهِمْ وَأَرَاضِيِهِمْ فَلَهُ ذَلِكَ وَيَضَعُ عَلَى رُءُوسِهِمْ الْجِزْيَةَ وَعَلَى أَرَاضِيِهِمْ الْخَرَاجَ، وَلَا يُزَادُ عَلَى وَظِيفَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْأَرَاضِيِ بِزِيَادَةِ الطَّاقَةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يَنْقُصُ عَنْ تِلْكَ الْوَظِيفَةِ بِنُقْصَانِ الطَّاقَةِ، وَبَعْدَمَا نَقَصَ عَنْ تِلْكَ الْوَظِيفَةِ إذَا صَارَتْ الْأَرَاضِي بِحَالٍ تُطِيقُ تِلْكَ الْوَظِيفَةَ يُعَادُ إلَيْهَا، فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ وُظِّفَ عَلَى أَرَاضِيِهِمْ مِثْلَ وَظِيفَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى تِلْكَ الْوَظِيفَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرَاضِي تُطِيقُ الزِّيَادَة بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَوِّلَهَا إلَى وَظِيفَةٍ أُخْرَى بِأَنْ كَانَتْ الْوَظِيفَةُ الْأُولَى دَرَاهِمَ فَأَرَادَ أَنْ يُحَوِّلَهَا إلَى الْمُقَاسَمَةِ أَوْ كَانَتْ الْوَظِيفَةُ الْأُولَى مُقَاسَمَةً فَأَرَادَ أَنْ يُحَوِّلَهَا إلَى الدَّرَاهِمِ فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِمْ تِلْكَ الْوَظِيفَةَ أَوْ حَوَّلَهُمْ إلَى وَظِيفَةٍ أُخْرَى وَحَكَمَ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَكَانَ مِنْ رَأْيِهِ ذَلِكَ ثُمَّ وَلِيَ بَعْدَهُ وَالٍ يَرَى خِلَافَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ صَنَعَ مَا صَنَعَ بِطِيبِ أَنْفُسِهِمْ أَمْضَى الثَّانِي مَا فَعَلَهُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ صَنَعَ بِغَيْرِ طِيبِ أَنْفُسِهِمْ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ فُتِحَتْ الْأَرَاضِيُ عَنْوَةً ثُمَّ مَنَّ الْإِمَامُ بِهَا عَلَيْهِمْ أَمْضَى الثَّانِي مَا فَعَلَهُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ فُتِحَتْ الْأَرَاضِي بِالصُّلْحِ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ الْإِمَامُ عَلَيْهِمْ فَحَوَّلَهُمْ الْإِمَامُ إلَى وَظِيفَةٍ أُخْرَى أَوْ زَادَ عَلَى تِلْكَ الْوَظِيفَةِ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ فَالثَّانِي يَنْقُضُ فِعْلَ الْأَوَّلِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

[الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي وَمَا لَا يَجُوزُ]

(الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي وَمَا لَا يَجُوزُ) يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَصْلُحُ قَاضِيًا فِي حَقِّ نَفْسِهِ، فَإِذَا قَضَى الْقَاضِي لِنَفْسِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْ مِنْ وَجْهٍ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ غَيْرَ أَنَّهُ إذَا قَضَى لِنَفْسِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَا يَنْفُذُ بِإِمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ وَإِذَا قَضَى لِنَفْسِهِ مِنْ وَجْهٍ يَنْفُذُ بِإِمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ، وَإِذَا قَضَى لِغَيْرِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ قَاضِيًا بِيَقِينٍ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَإِنْ أَمْضَاهُ قَاضٍ آخَرُ وَإِنْ كَانَ فِي صَلَاحِهِ اخْتِلَافٌ فَإِذَا أَمْضَاهُ قَاضٍ آخَرُ نَفَذَ قَضَاؤُهُ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي أَنَّهُ قَضَى لِغَيْرِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْ قَضَى لِغَيْرِهِ مِنْ وَجْهٍ لِنَفْسِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ يَتَوَقَّفُ عَلَى إمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ، قَالَ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ: وَإِذَا وَكَّلَ الْقَاضِي رَجُلًا بِبَيْعِ دَارٍ لَهُ أَوْ إجَارَتِهَا أَوْ بِالْخُصُومَةِ لَهُ فِي كُلِّ حَقٍّ يَطْلُبُهُ قِبَلَ رَجُلٍ أَوْ يَطْلُبُ حَقًّا قِبَلَهُ رَجُلٌ فَهُوَ جَائِزٌ وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَلَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ لِوَكِيلِهِ وَلَا لِوَكِيلِ وَكِيلِهِ وَكَذَا لَا يَقْضِي لِوَكِيلِ أَبِيهِ وَإِنْ عَلَا وَلَا لِوَكِيلِ ابْنِهِ وَإِنْ سَفَلَ، وَلَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ لِعَبْدِهِ وَلَا لِمُكَاتَبِهِ وَلَا لِعَبْدٍ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُمْ وَلَا لِمُكَاتَبِهِمْ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ لِشَرِيكِهِ شَرِكَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>