للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُفَاوَضَةٍ أَوْ شَرِكَةَ عِنَانٍ إذَا كَانَتْ الْخُصُومَةُ فِي مَالِ هَذِهِ الشَّرِكَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكُلُّ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْقَاضِي لَهُ لَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ لَهُ كَالْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودَيْنِ وَالزَّوْجَةِ وَالزَّوْجِ عِنْدَنَا، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

وَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَأَوْصَى لِلْقَاضِي بِثُلُثِ مَالِهِ وَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ آخَرَ لَمْ يَجُزْ قَضَاؤُهُ لِلْمَيِّتِ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْقَاضِي أَحَدَ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ لَا يَقْضِي لِلْمَيِّتِ بِشَيْءٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ ابْنَ الْقَاضِي أَوْ امْرَأَتَهُ أَوْ غَيْرَهُمَا مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُمْ أَوْ كَانَ عَبْدَ هَؤُلَاءِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْقَاضِي وَكِيلَ الْوَصِيِّ فِي مِيرَاثِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَقَعُ لَهُ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِلْقَاضِي عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ لِلْمَيِّتِ بِشَيْءٍ، وَإِذَا وَكَّلَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ عَبْدَ الْقَاضِي أَوْ مُكَاتَبَهُ أَوْ بَعْضَ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ لِلْوَكِيلِ عَلَى خَصْمِهِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَقَعُ لِلْوَكِيلِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ، وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِالْخُصُومَةِ فَاسْتَقْضَى الْوَكِيلُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَقَعُ لِلْوَكِيلِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقِيمَ وَكِيلًا مِنْ مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَقَامَ بِحُكْمِ الْقَضَاءِ كَانَ هَذَا قَضَاءً لِلْغَائِبِ وَإِنْ أَقَامَ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ فَهَذَا وَكِيلٌ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ الْمُوَكِّلُ: مَا صَنَعْت مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ، فَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ قَالَ لَهُ: مَا صَنَعْت مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ فَوَكَّلَ رَجُلًا بِالْخُصُومَةِ؛ جَازَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ لِهَذَا الْوَكِيلِ.

قَالَ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ: إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَلَهُ دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ بَعْضُهَا عَلَى الْقَاضِي وَبَعْضُهَا عَلَى مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ نَحْوُ امْرَأَتِهِ وَابْنِهِ فَادَّعَى رَجُلٌ عِنْدَ هَذَا الْقَاضِي أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَيْهِ فَاعْلَمْ أَنَّ هُنَا ثَلَاثَ مَسَائِلَ (إحْدَاهَا هَذِهِ) وَالْحُكْمُ فِيهَا أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَضَى بِوِصَايَتِهِ صَحَّ قَضَاؤُهُ اسْتِحْسَانًا حَتَّى لَوْ قَضَى بَعْضُ مَنْ سَمَّيْنَا الدَّيْنَ إلَى هَذَا الْوَصِيِّ يَبْرَأُ وَلَوْ رُفِعَ قَضَاؤُهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ الْآخَرَ يُمْضِهِ وَلَا يَنْقُضُهُ، وَبِمِثْلِهِ لَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَقْضِ لَهُ بِالْوِصَايَةِ حَتَّى قَضَى هُوَ أَوْ بَعْضُ مَنْ سَمَّيْنَا الدَّيْنَ ثُمَّ قَضَى لَهُ بِوِصَايَتِهِ لَا يَصِحُّ قَضَاؤُهُ حَتَّى كَانَ لِلْوَرَثَةِ مُطَالَبَتُهُ بِالدَّيْنِ، وَلَوْ رُفِعَ قَضَاؤُهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ أَبْطَلَهُ ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَوَّى فِي الْفَصْلِ الثَّانِي بَيْنَ الْقَاضِي وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ وَابْنِهِ وَقَالَ: إذَا رُفِعَ قَضَاؤُهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ أَبْطَلَهُ، وَلَوْ أَمْضَاهُ كَانَ بَاطِلًا. بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِي امْرَأَتِهِ وَابْنِهِ بِخِلَافِ الْجَوَابِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا: مَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ فِي حَقِّ ابْنِهِ مُسْتَقِيمٌ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ فِي حَقِّ امْرَأَتِهِ فَغَيْرُ مُسْتَقِيمٍ أَصْلًا، وَقَدْ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي لِامْرَأَتِهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ، وَلَوْ لَمْ يَدَّعِ أَحَدٌ الْإِيصَاءَ حَتَّى جَعَلَ لَهُ الْقَاضِي وَصِيًّا ثُمَّ إنَّ الْقَاضِيَ أَوْ بَعْضَ مَنْ سَمَّيْنَا دَفَعَ الدَّيْنَ إلَيْهِ يَجُوزُ الْإِيصَاءُ وَالنَّصْبُ وَيَجُوزُ الدَّفْعُ إلَيْهِ وَبِمِثْلِهِ لَوْ قَضَى الدَّيْنَ إلَيْهِ أَوَّلًا ثُمَّ نَصَبَ وَصِيًّا عَنْ الْمَيِّتِ بِرَأْيِهِ لَا يَصِحُّ النَّصْبُ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) مَسْأَلَةُ دَعْوَى النَّسَبِ إذَا كَانَ مَكَانُ دَعْوَى الْوِصَايَةِ دَعْوَى النَّسَبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنْ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ وَوَارِثُهُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَقَضَى الْقَاضِي بِنَسَبِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>