للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ نَكَلَ أَوْ قَرَّ أَوْ قَامَتْ لِلشَّفِيعِ بَيِّنَةٌ قَضَى بِهَا لِظُهُورِ الْحَقِّ بِالْحُجَّةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

وَفِي الْأَجْنَاسِ بَيَّنَ كَيْفِيَّةَ الشَّهَادَةِ فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ الَّتِي بِجِوَارِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ مِلْكُ هَذَا الشَّفِيعِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ هَذَا الْمُشْتَرِي هَذِهِ الدَّارَ وَهِيَ لَهُ إلَى هَذِهِ السَّاعَةِ لَا نَعْلَمُهَا خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِهِ فَلَوْ قَالَا إنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِهَذَا الْجَارِ لَا يَكْفِي وَلَوْ شَهِدَا أَنَّ الشَّفِيعَ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ وَهِيَ فِي يَدِهِ أَوْ وَهَبَهَا مِنْهُ فَذَلِكَ يَكْفِي فَلَوْ أَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُشْتَرِيَ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ.

عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ دَارًا وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ فِي يَدِ أَبِيهِ مَاتَ وَهِيَ فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِالدَّارِ وَلَوْ بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ. دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ أَقَرَّ أَنَّهَا لِآخَرَ فَبِيعَتْ بِجَنْبِهَا دَارٌ فَطَلَبَ الْمُقَرُّ لَهُ الشُّفْعَةَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ دَارُهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَقَرَّ بِسَهْمٍ مِنْ الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ ثُمَّ بَاعَ مِنْهُ بَقِيَّةَ الدَّارِ فَالْجَارُ لَا يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الْخُوَارِزْمِيَّ يُخَطِّئُ الْخَصَّافَ فِي هَذِهِ وَيُفْتِي بِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ مَا ثَبَتَتْ إلَّا بِإِقْرَارِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

رَجُلَانِ وَرِثَا عَنْ أَبِيهِمَا أَجَمَةً وَأَحَدُ الْوَارِثَيْنِ بِعَيْنِهِ لَمْ يَعْلَمْ بِالْمِيرَاثِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ لَهُ مِنْهَا نَصِيبًا فَبِيعَتْ أَجَمَةٌ أُخْرَى بِجِوَارِ هَذِهِ الْأَجَمَةِ فَلَمْ يَطْلُبْ هُوَ الشُّفْعَةَ فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّ لَهُ فِيهَا نَصِيبًا طَلَبَ الشُّفْعَةَ فِي الْأَجَمَةِ الْمَبِيعَةِ قَالُوا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ تَأَكُّدِ الشُّفْعَةِ طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ عِنْدَ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ فَإِذَا لَمْ يَطْلُبْ وَالْجَهْلُ لَيْسَ بِعُذْرٍ لَا تَبْقَى لَهُ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي اسْتِحْقَاقِ الشَّفِيعِ كُلَّ الْمُشْتَرَى أَوْ بَعْضِهِ]

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي اسْتِحْقَاقِ الشَّفِيعِ كُلَّ الْمُشْتَرَى أَوْ بَعْضِهِ) رَجُلٌ اشْتَرَى خَمْسَ مَنَازِلَ مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ بِصَفْقَةٍ فَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَأْخُذَ مَنْزِلًا وَاحِدًا قَالُوا إنْ طَلَبَ الشُّفْعَةَ بِحُكْمِ الشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ لَا يَأْخُذُ الْبَعْضَ لِأَنَّهُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَإِنْ أَرَادَ الشُّفْعَةَ بِحُكْمِ الْجِوَارِ وَجِوَارُهُ فِي هَذَا الْمَنْزِلِ الَّذِي يُرِيدُ أَخْذَهُ لَا غَيْرُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

إذَا أَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ الْمُشْتَرَى دُونَ بَعْضٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُمْتَازًا عَنْ الْبَعْضِ بِأَنْ اشْتَرَى دَارًا وَاحِدَةً فَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَهَا بِالشُّفْعَةِ دُونَ الْبَعْضِ وَأَنْ يَأْخُذَ الْجَانِبَ الَّذِي يَلِي الدَّارَ دُونَ الْبَاقِي لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا وَلَكِنْ يَأْخُذُ الْكُلَّ أَوْ يَدْعُ لِأَنَّهُ لَوْ أَخْذَ الْبَعْضَ دُونَ الْبَعْضِ تَفَرَّقَتْ الصَّفْقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ اشْتَرَى وَاحِدٌ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ وَاحِدٌ مِنْ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ حَتَّى لَوْ أَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ أَوْ لَمْ يَقْبِض فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَوْ اشْتَرَى رَجُلَانِ مِنْ رَجُلٍ دَارًا فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ حَصَلَتْ مُتَفَرِّقَةً مِنْ الِابْتِدَاءِ فَلَا يَكُونُ أَخْذُ الْبَعْضِ تَفْرِيقًا سَوَاءٌ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ ثَمَنٍ عَلَى حِدَةٍ أَوْ سَمَّى الْجُمْلَةَ ثَمَنًا وَاحِدًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِي عَاقِدًا لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ فِي الْفَصْلَيْنِ حَتَّى لَوْ وَكَّلَ رَجُلَانِ جَمِيعًا وَاحِدًا بِالشِّرَاءِ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ مِنْ رَجُلَيْنِ فَجَاءَ الشَّفِيعُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ بِالشُّفْعَةِ.

وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلَيْنِ فَاشْتَرَيَا مِنْ وَاحِدٍ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ مَا اشْتَرَاهُ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْوُكَلَاءُ عَشَرَةً اشْتَرَوْا لِرَجُلٍ وَاحِدٍ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ اثْنَيْنِ أَوْ مِنْ ثَلَاثَةٍ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنَّمَا أَنْظُرُ فِي هَذَا إلَى الْمُشْتَرِي وَلَا أَنْظُرُ إلَى الْمُشْتَرَى لَهُ وَهُوَ نَظَرٌ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرَى بَعْضُهُ مُمْتَازٌ عَنْ الْبَعْضِ بِأَنْ اشْتَرَى دَارَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَأْخُذَ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَإِنْ كَانَ شَفِيعًا لَهُمَا جَمِيعًا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَكِنْ يَأْخُذُهُمَا جَمِيعًا أَوْ يَدَعُهُمَا وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارَانِ مُتَلَاصِقَتَيْنِ أَوْ مُتَفَرِّقَتَيْنِ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي مِصْرَيْنِ وَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ شَفِيعًا لِإِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى وَوَقَعَ الْبَيْعُ صَفْقَةً وَاحِدَةً، فَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْكُلَّ بِالشُّفْعَةِ؟ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

<<  <  ج: ص:  >  >>