للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْتَأْجَرَ أَرْضًا وَغَرَسَ فِيهَا أَشْجَارًا ثُمَّ انْقَضَى وَقْتُهَا فَالصَّحِيحُ أَنَّ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُسْتَأْجِرَ بِتَفْرِيغِ أَرْضِهِ إذَا كَانَ فِيهَا غَرْسٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ حَيْثُ يُتْرَكُ بِأَجْرٍ وَلَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْأَشْجَارَ عَلَى الْغَارِسِ بِالْقِيمَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي قَلْعِهَا ضَرَرٌ فَاحِشٌ بِالْأَرْضِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

فَإِنْ كَانَ فِي قَلْعِ الْأَشْجَارِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ بِالْأَرْضِ فَحِينَئِذٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْأَشْجَارَ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا مَقْلُوعَةً دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ حَانُوتًا وَوَضَعَ فِيهِ حَبَابَ خَلٍّ فَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَالْمُسْتَأْجِرُ يَأْبَى تَفْرِيغَ الْحَانُوتِ فَإِنْ كَانَ الْخَلُّ بَلَغَ مَبْلَغًا لَا يَفْسُدُ بِالتَّحْوِيلِ يُؤْمَرُ بِالتَّحْوِيلِ، وَإِنْ كَانَ يَفْسُدُ لَا يُؤْمَرُ بِالتَّحْوِيلِ وَيُقَالُ لِلْمُسْتَأْجِرِ إنْ شِئْتَ فَرِّغْ الْحَانُوتَ، وَإِنْ شِئْتَ فَاسْتَأْجِرْ مِنْهُ إلَى وَقْتِ إدْرَاكِهِ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ اسْتَأْجِرْهُ مِنْهُ الْحُكْمُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ عَلَيْهِ لَا الِاسْتِئْجَارَ ابْتِدَاءً بِبَدَلٍ مُسَمًّى وَلَوْ مَاتَ الْمُؤَاجِرُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ التَّفْرِيغُ يَجِبُ الْمُسَمَّى اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ يَجِبَ أَجْرُ الْمِثْلِ كَمَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَرَبُّ الدَّارِ غَائِبٌ فَسَكَنَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ ذَلِكَ سَنَةً لَا يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ لِهَذِهِ السَّنَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْكُنْهَا عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ وَكَذَا لَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَالْمُسْتَأْجِرُ غَائِبٌ وَالدَّارُ فِي يَدِ امْرَأَتِهِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَمْ تَسْكُنْهَا بِأَجْرٍ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَفِي الْأَمَالِي عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ سَنَةً وَزَرَعَهَا ثُمَّ مَاتَ الْمُؤَاجِرُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَحْصِدَ الزَّرْعَ وَاخْتَارَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمُضِيَّ عَلَى الْإِجَارَةِ حَتَّى يَسْتَحْصِدَ الزَّرْعَ وَبِالْأَجْرِ كَفِيلٌ قَالَ لَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ أَجْرِ مَا بَقِيَ إلَى أَنْ يَسْتَحْصِدَ الزَّرْعَ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَمُتْ الْآجِرُ وَلَكِنْ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ وَاخْتَارَ وَرَثَتُهُ تَرْكَ الزَّرْعِ فِي الْأَرْضِ حَتَّى يُسْتَحْصَدَ لَمْ يَبْرَأْ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ فَإِنْ قَالَ الْمُؤَاجِرُ لَا أَرْضَى إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَجْرُ عَلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ انْقَضَتْ السَّنَةُ ثُمَّ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ وَاخْتَارَ وَرَثَتُهُ تَرْكَ الزَّرْعِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ فَالْأَجْرُ عَلَيْهِمْ فِي مَالِهِمْ دُونَ مَالِ الْمَيِّتِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فَزَرَعَ فِيهَا زَرْعًا ثُمَّ إنَّهُمَا تَفَاسَخَا عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ هَلْ تُتْرَكُ الْأَرْضُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى أَنْ يَسْتَحْصِدَ الزَّرْعَ فَقَدْ قِيلَ لَا تُتْرَكُ وَقَدْ قِيلَ تُتْرَكُ وَهَذَا الْقَائِلُ يُسْتَدَلُّ بِمَسْأَلَةٍ ذَكَرَهَا مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ وَصُورَتُهَا رَجُلٌ دَفَعَ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً إلَى غَيْرِهِ وَأَخَّرَ الْمُزَارِعُ الزَّرْعَ فِيهِ فِي آخِرِ السَّنَةِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ لَمْ يُسْتَحْصَدْ فَأَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يَقْلَعَ الزَّرْعَ لَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ وَيَثْبُتُ بَيْنَهُمَا إجَارَةٌ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ إلَى أَنْ يُسْتَحْصَدَ الزَّرْعُ صِيَانَةً لِحَقِّ الْمُزَارِعِ فِي الزَّرْعِ وَيَغْرَمُ الْمُزَارِعُ نِصْفَ أَجْرِ مِثْلِ هَذِهِ الْأَرْضِ هَهُنَا بِبُطْلَانِ حَقِّهِ فِي الزَّرْعِ حَيْثُ أَخَّرَ الزَّرْعَ إلَى آخِرِ السَّنَةِ مَعَ هَذَا صَانَ الشَّرْعُ حَقَّهُ وَأَثْبَتَ الْإِجَارَةَ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[الْبَابُ التَّاسِعُ فِيمَا يَكُونُ الْأَجِيرُ مُسْلِمًا مَعَ الْفَرَاغِ مِنْهُ]

ُ وَمَا لَا يَكُونُ وَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا يَعْمَلُ لَهُ فِي بَيْتِهِ عَمَلًا مُسَمًّى فَفَرَغَ الْأَجِيرُ مِنْ الْعَمَلِ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَمْ يَضَعْ مِنْ يَدِهِ حَتَّى فَسَدَ الْعَمَلُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ هَلَكَ فَلَهُ الْأَجْرُ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَخْبِزَ لَهُ فَلَمَّا أَخْرَجَ الْخُبْزَ مِنْ التَّنُّورِ احْتَرَقَ لَا بِفِعْلِهِ كَانَ لَهُ الْأَجْرُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَهَذَا إذَا خَبَزَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ.

وَإِذَا أَخْرَجَ بَعْضَ الْخُبْزِ مِنْ التَّنُّورِ اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ بِحِسَابِهِ. كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِهِ وَاحْتَرَقَ لَا أَجْرَ لَهُ. كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ.

وَلَوْ أَلْزَقَهُ فِي التَّنُّورِ ثُمَّ جَاءَ لِيُخْرِجَهُ فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ فَوَقَعَ فِي التَّنُّورِ فَاحْتَرَقَ فَهُوَ ضَامِنٌ فَإِنْ ضَمِنَ قِيمَتَهُ مَخْبُوزًا أَعْطَاهُ الْأَجْرَ، وَإِنْ ضَمِنَهُ دَقِيقًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أُجْرَةٌ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

، وَإِنْ احْتَرَقَ الْخُبْزُ فِي التَّنُّورِ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ لَا أَجْرَ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ فِي بَيْتِ الْأَجِيرِ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ.

، وَإِنْ سُرِقَ الْخُبْزُ بَعْدَمَا أَخْرَجَهُ فَإِنْ كَانَ يُخْبَزُ فِي بَيْتِ صَاحِبِ الطَّعَامِ فَلَهُ الْأُجْرَةُ، وَإِنْ كَانَ يُخْبَزُ فِي بَيْتِ الْخَبَّازِ فَلَا أَجْرَ لَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا سُرِقَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.

لَوْ اسْتَأْجَرَ خَيَّاطًا لِيَخِيطَ لَهُ ثَوْبًا فِي دَارِهِ فَقَطَعَ الثَّوْبَ وَفَتَلَ الْخَيْطَ فَسَرَقَ الثَّوْبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>