للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا عَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ فَأَبَى، ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَقْتُلْهُ، وَلَكِنْ يَجْعَلُهُ فَيْئًا، فَإِنْ عَرَضَ الْإِسْلَامَ عَلَيْهِ، فَأَبَى، وَلَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ فَيْءٌ حَتَّى أَسْلَمَ، فَهُوَ حُرٌّ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ قَالَ حِينَ أَرَادَ النُّزُولَ: أَمِّنُونِي عَلَى أَنْ تَعْرِضُوا عَلَيَّ الْإِسْلَامَ، فَإِنْ أَسْلَمْتُ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَإِلَّا فَلَا أَمَانَ لِي، ثُمَّ عَرَضُوا عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ فَلَهُ مُهْلَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا مِنْ حِينِ عَرَضُوا عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ، فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ كَانَ فَيْئًا مِنْ غَيْرِ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَإِنْ قَالَ: أَسْلَمْتُ إلَى ثَلَاثَةٍ وَإِلَّا كُنْتُ عَبْدًا لَكُمْ أَوْ قَالَ ذَلِكَ جَمِيعُ أَهْلِ الْحِصْنِ فَهُمْ ذِمَّةٌ لِلْمُسْلِمِينَ كَمَا الْتَزَمُوا بِالشَّرْطِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ آمِنٌ عَلَى أَنْ تَنْزِلَ فَتُسْلِمَ، فَهُوَ آمِنٌ بَعْدَ النُّزُولِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ فَيَجِبُ تَبْلِيغُهُ مَأْمَنَهُ إنْ لَمْ يُسْلِمْ، كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَنْتَ آمِنٌ عَلَى أَنْ تَنْزِلَ فَتُعْطِيَنَا مِائَةَ دِينَارٍ فَقَبِلَ ذَلِكَ وَنَزَلَ، ثُمَّ أَبَى أَنْ يُعْطِيَهُمْ؛ لِأَنَّ هَذَا الْأَمَانَ مُعَلَّقٌ بِشَرْطِ أَدَاءِ الدَّنَانِيرِ، وَفِي الْأَوَّلِ مُعَلَّقٌ بِشَرْطِ الْقَبُولِ.

فَإِذَا نَزَلَ وَقَبِلَ كَانَ آمِنًا وَكَانَتْ الدَّنَانِيرُ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَبَى أَنْ يُعْطِيَهَا حُبِسَ لِيُؤَدِّيَهَا، وَلَا يَكُونُ فَيْئًا لِأَجَلِ الْأَمَانِ الثَّابِتِ لَهُ فَمَتَى مَا أَعْطَى الدَّنَانِيرَ وَجَبَ تَخْلِيَةُ سَبِيلِهِ حَتَّى يَلْتَحِقَ بِمَأْمَنِهِ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ إلَّا بِالْإِسْلَامِ أَوْ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُمْ رَأْسًا، فَعَلَيْهِ وَسَطٌ أَوْ قِيمَتُهُ وَإِنْ قَالَ لِلْمُسْلِمِينَ: أَمَّنُونِي عَلَى أَنْ أَنْزَلَ إلَيْكُمْ فَأُعْطِيَكُمْ مِائَةَ دِينَارٍ، فَإِنْ لَمْ أُعْطِكُمْ فَلَا أَمَانَ لِي أَوْ قَالَ إنْ نَزَلْتُ إلَيْكُمْ فَأَعْطَيْتُكُمْ مِائَةَ دِينَارٍ فَأَنَا آمِنٌ، ثُمَّ نَزَلَ فَطَلَبُوهُ فَأَبَى أَنْ يُعْطِيَهُمْ يَكُونُ فَيْئًا قِيَاسًا، وَلَا يَكُونُ فَيْئًا اسْتِحْسَانًا حَتَّى يُرْفَعَ إلَى الْإِمَامِ، فَيَأْمُرَهُ بِالْأَدَاءِ، فَإِنْ أَبَى يَجْعَلُهُ فَيْئًا وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمَحْصُورِينَ: أَمِّنُونِي حَتَّى أَنْزِلَ إلَيْكُمْ عَلَى أَنْ أَدُلَّكُمْ عَلَى مِائَةِ رَأْسٍ مِنْ السَّبْيِ فِي مَوْضِعٍ، فَأَمَّنُوهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا نَزَلَ أَتَى بِهِمْ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ، فَإِذَا لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، فَقَالَ: قَدْ كَانُوا هُنَا فَذَهَبُوا، وَلَا أَدْرِي أَيْنَ ذَهَبُوا يُرَدُّ إلَى مَأْمَنِهِ وَلَوْ قَالَ أَسِيرٌ فِي أَيْدِينَا: أَمِّنُونِي عَلَى أَنْ أَدُلَّكُمْ عَلَى مِائَةِ رَأْسٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، ثُمَّ لَمْ يَدُلَّهُمْ، فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُ، وَإِنْ قَالَ الْمَحْصُورُ: عَلَى أَنِّي إنْ لَمْ أَدُلَّكُمْ كُنْتُ لَكُمْ فَيْئًا أَوْ رَقِيقًا، ثُمَّ لَمْ يَفِ بِالشَّرْطِ فَهُوَ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَحِلُّ لَهُمْ قَتْلُهُ، وَإِنْ قَالَ: أَمِّنُونِي عَلَى أَنْ أَنْزِلَ فَأَدُلَّكُمْ عَلَى قَرْيَةٍ فِيهَا مِائَةُ رَأْسٍ، فَقَدْ أَصَابَهَا الْمُسْلِمُونَ أَوْ عَلِمُوا بِهَا قَبْلَ دَلَالَتِهِ، وَلَمْ يُصِيبُوهَا فَلَيْسَتْ هَذِهِ بِدَلَالَةٍ وَيَكُونُ فَيْئًا، وَلَوْ دَلَّهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ، فَسَارُوا فِيهِ حَتَّى عَرَفُوا مَكَانَهَا قَبْلَ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَيْهَا أَوْ وَصَفَ لَهُمْ مَكَانًا، وَلَمْ يَذْهَبْ مَعَهُمْ فَذَهَبُوا بِصِفَتِهِ حَتَّى أَصَابُوا فَهَذِهِ دَلَالَةٌ.

وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَمِّنُونِي عَلَى أَنْ أَدُلَّكُمْ عَلَى طَرِيقٍ بِأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ، فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ فَلَا أَمَانَ، فَلَمَّا نَزَلَ وَجَدَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ أَصَابُوا بِطَرِيقٍ، فَقَالَ: هَذَا هُوَ الَّذِي أَرَدْتُ أَنْ أَدُلَّكُمْ عَلَيْهِ، فَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ، فَإِنْ قَالَ عَلَى أَنْ أَدُلَّكُمْ بِطَرِيقِ هَذَا الْحِصْنِ، وَأَنَّهُ قَدْ نَزَلَ هَادِيًا مِنْ الْحِصْنِ، فَلَمَّا نَزَلَ وَجَدَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ أَصَابُوا بِذَلِكَ الطَّرِيقِ، فَهُوَ آمِنٌ وَعَلَى هَذَا لَوْ الْتَزَمَ أَنْ يَدُلَّهُمْ عَلَى حِصْنٍ أَوْ مَدِينَةٍ أَوْ عَلَى هَذَا الْحِصْنِ أَوْ هَذِهِ الْمَدِينَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْغَنَائِمِ وَقِسْمَتِهَا وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ]

[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْغَنَائِمِ]

الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْغَنَائِمِ وَقِسْمَتِهَا وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْغَنَائِمِ الْغَنِيمَةُ اسْمٌ لِمَالٍ مَأْخُوذٍ مِنْ الْكَفَرَةِ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ قَبْلَ الْإِحْرَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ، فَأَمَّا مَا أُخِذَ لَا عَلَى الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ بَلْ بِالْمُهَادَاةِ وَالْهِبَةِ مِنْهُمْ أَوْ بِالسَّرِقَةِ أَوْ الْخِلْسَةِ مِنْهُمْ لَا يَكُونُ غَنِيمَةً، وَيَكُونُ لِلْأَخْذِ خَاصَّةً فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>