للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِسَانِ الْفُقَهَاءِ وَمُتَعَارَفِ الشَّرْعِ، وَكَذَلِكَ مَا خَصَّهُ الْإِمَامُ بِبَعْضِ الْغُزَاةِ تَحْرِيضًا لَهُ عَلَى الْقِتَالِ لِزِيَادَةِ قُوَّةِ وَجَرَاءَةٍ مِنْهُمْ بِأَنْ قَالَ لِسَرِيَّةٍ: مَا أَصَبْتُمْ، فَهُوَ لَكُمْ أَوْ قَالَ لِوَاحِدٍ مُعَيَّنٍ: مَا أَصَبْتَ فَهُوَ لَكَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْفَيْءُ مَا أُخِذَ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ كَالْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ، وَفِي الْغَنِيمَةِ خُمْسٌ دُونَ الْفَيْءِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ هَدِيَّةً أَوْ سَرِقَةً أَوْ خِلْسَةً أَوْ هِبَةً فَلَيْسَ بِغَنِيمَةٍ وَهُوَ لِلْآخِذِ خَاصَّةً كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا أَسْلَمَ أَهْلُ مَدِينَةٍ مِنْ مَدَائِنِ أَهْلِ الْحَرْبِ قَبْلَ ظُهُورِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ كَانُوا أَحْرَارًا لَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ، وَلَا عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَنِسَائِهِمْ، وَلَا عَلَى أَمْوَالِهِمْ، وَيُوضَعُ عَلَى أَرَاضِيهمْ الْعُشْرُ دُونَ الْخَرَاجِ، وَكَذَلِكَ إذَا صَارُوا ذِمَّةً قَبْلَ الظُّهُورِ عَلَيْهِمْ إلَّا أَنَّ هَهُنَا عَلَى أَرَاضِيهِمْ الْخَرَاجَ، وَيُوضَعُ عَلَى رُءُوسِهِمْ الْجِزْيَةُ أَيْضًا، وَإِنْ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ أَسْلَمُوا، فَالْإِمَامُ فِيهِمْ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَسَّمَ رِقَابَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ، وَإِذَا أَرَادَ الْقِسْمَةَ بَعْدَ مَا أَسْلَمُوا رَفَعَ الْخُمُسَ أَوَّلًا وَجَعَلَهُ لِلْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَأَبْنَاءِ السَّبِيلِ، وَقَسَّمَ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ بَيْنَ الْغَانِمِينَ قِسْمَةُ الْغَنَائِمِ وَيَضَعُ عَلَى الْأَرْضِ الْعُشْرَ وَإِنْ شَاءَ مَنَّ عَلَيْهِمْ يُسْلِمُ لَهُمْ رِقَابَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، وَيَضَعُ عَلَى أَرَاضِيهمْ الْعُشْرَ، وَإِنْ شَاءَ وَظَّفَ الْخَرَاجَ، وَإِنْ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يُسْلِمُوا فَالْإِمَامُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ اسْتَرَقَّهُمْ وَقَسَّمَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ، فَإِذَا أَرَادَ الْقِسْمَةَ أَخَذَ الْخُمُسَ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ فَيَجْعَلُهُ فِي مَوْضِعِ الْخُمُسِ وَقَسَّمَ الْبَاقِي بَيْنَ الْغَانِمِينَ وَيَضَعُ عَلَى الْأَرَاضِيِ الْعُشْرَ، وَإِنْ شَاءَ قَتَلَ الرِّجَالَ، وَقَسَّمَ النِّسَاءَ وَالْأَمْوَالَ وَالذَّرَارِيَّ بَيْنَ الْغَانِمِينَ عَلَى نَحْوِ مَا قُلْنَا وَإِنْ شَاءَ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِرِقَابِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَوَضَعَ عَلَى رُءُوسِهِمْ الْجِزْيَةَ وَعَلَى أَرَاضِيِهِمْ الْخَرَاجَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْمَاءُ الْعُشْرِي نَحْوَ مَاءِ السَّمَاءِ وَالْعُيُونِ وَالْآبَارِ وَالْخَرَاجِيِّ نَحْوَ مَاءِ الْأَنْهَارِ الَّتِي حَفَرَتْهَا الْأَعَاجِمُ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. .

وَإِنْ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِرِقَابِهِمْ وَأَرَاضِيِهِمْ، وَقَسَّمَ النِّسَاءُ وَالذَّرَارِيَّ وَسَائِرَ الْأَمْوَالِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَهُوَ جَائِزٌ وَلَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ إلَّا إذَا تَرَكَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ الْأَمْوَالِ مَا يُمْكِنُهُمْ الزِّرَاعَةَ بِهِ، كَذَلِكَ إذَا مِنْ عَلَيْهِمْ بِرِقَابِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ وَأَرَاضِيِهِمْ وَقَسَّمَ سَائِرَ الْأَمْوَالِ بَيْنَ الْغَانِمِينَ، فَهُوَ جَائِزٌ، وَلَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ، فَإِنْ تَرَكَ فِي أَيْدِيهِمْ مَا يُمْكِنُهُمْ الزِّرَاعَةَ بِهِ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَإِنْ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِرِقَابِهِمْ خَاصَّةً، وَقَسَّمَ الْأَرَاضِيَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مَعَ سَائِرِ الْأَمْوَالِ لَمْ يَجُزْ، وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ الْأَرَاضِي، فَأَرَادَ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ بِرِقَابِهِمْ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ شَاءَ قَسَّمَ الْكُلَّ، وَتَرَكَ الْأَرَاضِيَ، وَجَعَلَهَا بِمَنْزِلَةِ الْوَقْفِ عَلَى الْمُقَاتِلَةِ، وَإِنْ شَاءَ نَقَلَ إلَيْهَا قَوْمًا آخَرِينَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَجَعَلَهَا خَرَاجِيَّةً خَرَاجَ مُقَاسَمَةٍ أَوْ مُقَاطَعَةٍ فَيَنْصَرِفُ خَرَاجُهَا إلَى الْمُقَاتِلَةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

وَإِذَا نَقَضَ أَهْلُ الذِّمَّةِ الْعَهْدَ، وَغَلَبُوا عَلَى دَارِهِمْ أَوْ عَلَى دَارٍ مِنْ دِيَارِ الْمُسْلِمِينَ، وَصَارَتْ الدَّارُ دَارَ حَرْبٍ بِالِاتِّفَاقِ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ الْمُسْلِمُونَ وَثَبَتَ الْخِيَارُ فِيهِمْ لِلْإِمَامِ، فَإِنْ شَاءَ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِرِقَابِهِمْ وَأَرَاضِيِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَوَضَعَ عَلَى أَرَاضِيِهِمْ الْخَرَاجَ، وَإِنْ شَاءَ وَضَعَ الْعُشْرَ، وَهَذَا تَسْمِيَةٌ وَفِي الْحَقِيقَةِ خَرَاجٌ، وَلِهَذَا يُصْرَفُ هَذَا الْعُشْرُ مَصْرِفَ الْخَرَاجِ، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَ عَلَيْهَا الْعُشْرَ مُضَاعَفًا كَمَا فَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِبَنِي تَغْلِبَ وَإِنْ قَتَلَ الرِّجَالَ وَقَسَّمَ النِّسَاءُ وَالذَّرَارِيَّ وَالْأَمْوَالَ، وَبَقِيَتْ الْأَرَاضِي بِلَا مُلَّاكٍ، فَنَقَلَ إلَيْهَا قَوْمًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِيَكُونُوا رِدْءًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَجَعَلَ الْأَرَاضِيَ لَهُمْ لَيُؤَدُّوا الْمُؤْنَةَ عَنْهَا جَازَ وَلَكِنْ يَفْعَلُ بِرِضَا أُولَئِكَ الَّذِينَ يُرِيدُ الْإِمَامُ نَقْلَهُمْ إلَيْهَا وَإِذَا نَقَلَ إلَيْهَا قَوْمًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَصَارَتْ الْأَرَاضِي مَمْلُوكَةً لَهُمْ جَعَلَ عَلَيْهَا الْعُشْرَ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَ عَلَيْهَا الْخَرَاجَ، وَلَوْ أَنَّ قَوْمًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ ارْتَدُّوا، وَغُلِبُوا عَلَى دَارِهِمْ أَوْ عَلَى دَارٍ مِنْ دِيَارِ الْمُسْلِمِينَ، وَصَارَتْ دَارُهُمْ دَارَ حَرْبٍ بِالِاتِّفَاقِ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ الْمُسْلِمُونَ، فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>