للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَخْرُجُوا إلَّا تَحْتَ لِوَاءِ فُلَانٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

يَجُوزُ الْقِتَالُ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْقِتَالِ فِيهَا مَنْسُوخٌ وَإِنْ كَانَ عَدَدُ الْمُسْلِمِينَ نِصْفَ عَدَدِ الْمُشْرِكِينَ لَا يَحِلُّ لَهُمْ الْفِرَارُ، وَهَذَا إذَا كَانَ مَعَهُمْ أَسْلِحَةٌ، وَأَمَّا مَنْ لَا سِلَاحَ لَهُ، فَلَا بَأْس بِأَنْ يَفِرَّ مِمَّنْ مَعَهُ السِّلَاحُ، وَكَذَا لَا بَأْسَ بِأَنْ يَفِرَّ مِمَّنْ يَرْمِي إذَا لَمْ تَكُنْ مَعَهُ آلَةُ الرَّمْيِ وَعَلَى هَذَا لَا بَأْسَ بِأَنْ يَفِرَّ الْوَاحِدُ مِنْ الثَّلَاثَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا كَانَ عَدَدُهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا أَوْ أَكْثَرَ لَا يَحِلُّ لَهُمْ الْفِرَارُ إنْ كَانَ عَدَدُ الْكُفَّارِ أَضْعَافَ عَدَدِهِمْ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ كَلِمَتُهُمْ وَاحِدَةٌ، فَإِذَا تَفَرَّقَتْ كَلِمَتُهُمْ يُعْتَبَرُ الْوَاحِدُ بِالِاثْنَيْنِ، وَفِي زَمَانِنَا تُعْتَبَرُ الطَّاقَةُ، وَمَنْ فَرَّ مِنْ مَوْضِعٍ يَقْصِدْهُ أَهْلُ الْحِصْنِ بِالْمَنْجَنِيقِ وَأَشْبَاهِهِ وَمِنْ مَوْضِعٍ يُرْمَى بِالسِّهَامِ وَالْحِجَارَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَا بَأْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَبْعَثَ الرَّجُلَ الْوَاحِدَ أَوْ الِاثْنَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةَ سَرِيَّةً إذَا كَانَ يُطِيقُ ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَمِنْ تَوَابِعِ الْجِهَادِ: الرِّبَاطُ وَهُوَ الْإِقَامَةُ فِي مَكَان يُتَوَقَّعُ هُجُومُ الْعَدُوِّ فِيهِ لِقَصْدِ دَفْعِهِ وَاخْتُلِفَ فِي مَحَلِّهِ، فَإِنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ فِي كُلِّ مَكَان وَالْمُخْتَارُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَكُونُ وَرَاءَهُ إسْلَامٌ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّجْنِيسِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. .

[الْبَابُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْقِتَالِ]

ِ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إذَا أَرَادَ الدُّخُولَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَنْ يَعْرِضَ الْعَسْكَرَ لِيَعْرِفَ عَدَدَهُمْ فَارِسَهُمْ وَرَاجِلَهُمْ، فَيَكْتُبَ أَسَامِيَهُمْ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

، وَإِذَا دَخَلَ الْمُسْلِمُونَ دَارَ الْحَرْبِ فَحَاصَرُوا مَدِينَةً أَوْ حِصْنًا دَعُوهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ.

فَإِنْ أَجَابُوا كَفُّوا عَنْ قِتَالِهِمْ وَإِنْ امْتَنَعُوا دَعُوهُمْ إلَى أَدَاءِ الْجِزْيَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، فَإِنْ قَبِلُوا فَلَهُمْ مَا لَنَا، وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْنَا كَذَا فِي الْكَنْزِ، وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ تُقْبَلُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ، أَمَّا مَنْ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ، فَلَا نَدْعُوهُمْ إلَى أَدَاءِ الْجِزْيَةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ الْكُفَّارُ أَصْنَافٌ: صِنْفٌ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ، وَلَا إعْطَاءُ الذِّمَّةِ لَهُمْ وَهُمْ الْمُشْرِكُونَ مِنْ الْعَرَبِ مِمَّنْ لَا كِتَابَ لَهُمْ، فَإِذَا ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ لَا نَقْبَلُ مِنْ رِجَالِهِمْ إلَّا السَّيْفَ أَوْ الْإِسْلَامَ وَنِسَاؤُهُمْ وَصِبْيَانُهُمْ فَيْءٌ وَصِنْفٌ يَجُوزُ أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ بِالْإِجْمَاعِ، وَهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ، كَذَلِكَ يَجُوزُ أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْ الْمَجُوسِيِّ بِالْإِجْمَاعِ عَرَبِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَ عَرَبِيٍّ، وَصِنْفٌ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ، وَهُمْ قَوْمٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ غَيْرُ الْعَرَبِ، وَغَيْرُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمَجُوسُ يَجُوزُ أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ عِنْدَنَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَاتَلَ مَنْ لَا تَبْلُغُهُ الدَّعْوَةُ إلَى الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ يَدْعُوَهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ قَاتَلُوهُمْ بِغَيْرِ دَعْوَةٍ كَانُوا آثِمِينَ فِي ذَلِكَ لَكِنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَ شَيْئًا مِمَّا أَتْلَفُوا مِنْ الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ كَمَا فِي النِّسَاءِ وَالْوَالِدَانِ مِنْهُمْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ مَنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ مُبَالَغَةً فِي الْإِنْذَارِ، وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنَّمَا تُسْتَحَبُّ الدَّعْوَةُ مَرَّةً أُخْرَى لِلتَّأَكُّدِ بِشَرْطَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَكُونَ فِي تَقْدِيمِ الدَّعْوَةِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَمَّا إذَا كَانَ فِي تَقْدِيمِ الدَّعْوَةِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِأَنْ عَلِمُوا أَنَّهُمْ لَوْ قَدَّمُوا الدَّعْوَةَ يَسْتَعِدُّونَ لِلْقِتَالِ أَوْ يَحْتَالُونَ بِحِيلَةٍ أَوْ يَتَحَصَّنُونَ، فَلَا يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ الدَّعْوَةِ، وَالشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يَطْمَعَ فِيهِمْ مَا يُدْعَوْنَ إلَيْهِ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَطْمَع فِيهِمْ مَا يُدْعَوْنَ إلَيْهِ فَلَا يَشْتَغِلُونَ بِالدَّعْوَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَا بَأْسَ أَنْ يُغِيرُوا عَلَيْهِمْ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا بِغَيْرِ دَعْوَةٍ، وَهَذَا فِي أَرْضٍ بَلَغَتْهُمْ الدَّعْوَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، فَإِنْ أَبَوْا عَنْ الْإِسْلَامِ وَالْجِزْيَةِ اسْتَعَانُوا بِاَللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، وَحَارَبُوهُمْ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَنَصَبُوا عَلَيْهِمْ الْمَجَانِيقَ وَحَرَقُوهُمْ، وَأَرْسَلُوا عَلَيْهِمْ الْمَاءَ، وَقَطَعُوا شَجَرَهُمْ وَأَفْسَدُوا زَرْعَهُمْ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُخَرِّبُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>