للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَذْمُومُ أَنْ يَرَى عَلَى غَيْرِهِ نِعْمَةً فَيَتَمَنَّى زَوَالَ تِلْكَ النِّعْمَةِ عَنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ وَكَيْنُونَتَهَا لِنَفْسِهِ أَمَّا لَوْ تَمَنَّاهَا لِنَفْسِهِ فَذَلِكَ لَا يُسَمَّى حَسَدًا بَلْ يُسَمَّى غِبْطَةً وَكَانَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ يَقُولُ لَوْ تَمَنَّى تِلْكَ النِّعْمَةَ بِعَيْنِهَا لِنَفْسِهِ فَهُوَ حَرَامٌ مَذْمُومٌ أَمَّا إذَا تَمَنَّى مِثْلَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْحَسَدَ مَذْمُومٌ يَضُرُّ الْحَاسِدَ إلَّا فِيمَا اسْتَثْنَى فَهُوَ مَحْمُودٌ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِحَسَدٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ بَلْ غِبْطَةٌ وَالْحَسَدُ أَنْ يَتَمَنَّى الْحَاسِدُ أَنْ تَذْهَبَ نِعْمَةُ الْمَحْسُودِ عَنْهُ وَيَتَكَلَّفَ لِذَلِكَ وَيَعْتَقِدَ أَنَّ تِلْكَ النِّعْمَةَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا وَمَعْنَى الْغِبْطَةِ أَنْ يَتَمَنَّى لِنَفْسِهِ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَكَلَّفَ وَيَتَمَنَّى ذَهَابَ ذَلِكَ عَنْهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

مَدْحُ الرَّجُلِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ أَنْ يُمْدَحَ فِي وَجْهِهِ وَهَذَا الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ وَالثَّانِي أَنْ يَمْدَحَهُ بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ يَبْلُغُهُ فَهَذَا أَيْضًا مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَالثَّالِثُ أَنْ يَمْدَحَهُ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ وَهُوَ لَا يُبَالِي أَنْ يَبْلُغَهُ أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ لَا يَمْدَحُهُ بِمَا هُوَ فِيهِ فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.

وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَاب الرَّابِع وَالْعُشْرُونَ فِي دُخُول الْحَمَّامِ]

(الْبَابُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي دُخُولِ الْحَمَّامِ) وَلَا بَأْسَ بِأَنْ تَدْخُلَ النِّسَاءُ الْحَمَّامَ إذَا كَانَتْ النِّسَاءُ خَاصَّةً لِعُمُومِ الْبَلْوَى وَيَدْخُلْنَ بِمِئْزَرٍ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَبِدُونِ الْمِئْزَرِ حَرَامٌ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

دُخُولُ الْحَمَّامِ مِنْ غَيْرِ إزَارٍ حَرَامٌ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَادَةً لَا يَعْدِلُ فِي شَهَادَتِهِ أُرِيدَ بِذَلِكَ لَمْ يَعْرِفْ رُجُوعَهُ عَنْ ذَلِكَ وَإِلَّا فَالدُّخُولُ مِنْ غَيْرِ إزَارٍ مَرَّةً وَاحِدَةً يَكْفِي لِسُقُوطِ الْعَدَالَةِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.

وَلَوْ أَرَادَ الِاغْتِسَالَ لَا يَتَجَرَّدُ بِدُونِ إزَارٍ وَإِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا وَلَوْ فَعَلَهُ يُكْرَهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

قَالَ أَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُكْرَهُ أَنْ يَغْتَسِلَ مُتَجَرِّدًا فِي الْمَاءِ الْجَارِي أَوْ غَيْرِهِ فِي الْخَلْوَةِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.

وَدُخُولُ الْحَمَّامِ فِي الْغَدَاةِ لَيْسَ مِنْ الْمُرُوءَةِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

غَمْزُ الْأَعْضَاءِ فِي الْحَمَّامِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ مَكْرُوهٌ وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ وَذَكَرَ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ أَنَّهُ يُبَاحُ ذَلِكَ فِيمَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَفِيمَا دُونَ الرُّكْبَةِ وَلَا يُبَاحُ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا لَا بَأْسَ بِذَلِكَ بِشَرْطَيْنِ أَحَدِهِمَا: أَنْ لَا يَكُونَ لِلْخَادِمِ لِحْيَةٌ لِأَنَّ فِيهِ إهَانَةَ صَاحِبِ اللِّحْيَةِ. وَثَانِيهِمَا: أَنْ لَا يَغْمِزَ رِجْلَهُ لِأَنَّ فِيهِ إهَانَةَ الْخَادِمِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - سَمِعْت الشَّيْخَ أَبَا بَكْرٍ يَقُولُ لَا بَأْسَ أَنْ يَغْمِزَ الرَّجُلُ الرِّجْلَ إلَى السَّاقِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَغْمِزَ الْفَخِذَ وَيَمَسَّهُ مِنْ وَرَاءِ الثَّوْبِ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَنَحْنُ نُبِيحُ هَذَا وَلَا بَأْسَ بِهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ لَا بَأْسَ أَنْ يَغْمِزَ الرَّجُلُ رِجْلَ وَالِدَتِهِ وَلَا يَغْمِزُ فَخِذَ وَالِدَتِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ.

لَوْ كَشَفَ إزَارَهُ فِي الْحَمَّامِ فِي الْمَوْضِعِ الْمُعَدِّ لِذَلِكَ لِيَغْسِلَهُ أَوْ يَعْصِرَهُ لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

قَالَ عَيْنُ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيُّ أَرَادَ عَصْرَ إزَارِهِ فِي الْحَمَّامِ وَلَيْسَ لَهُ إزَارٌ آخَرُ لَا عَصْرَ عَلَيْهِ وَلَكِنْ يَصُبُّ الْمَاءَ عَلَيْهِ وَيَكْفِيهِ وَيَرْوِيهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

إذَا تَجَرَّدَ فِي بَيْتِ الْحَمَّامِ الصَّغِيرِ لِعَصْرِ إزَارِهِ وَحَلْقِ عَانَتِهِ قِيلَ لَا بَأْسَ بِهِ وَقِيلَ يَجُوزُ فِي الْمُدَّةِ الْيَسِيرَةِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.

وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَاب الْخَامِس وَالْعُشْرُونَ فِي الْبَيْعِ وَالِاسْتِيَامِ عَلَى سَوْمِ الْغَيْرِ]

(الْبَابُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْبَيْعِ وَالِاسْتِيَامِ عَلَى سَوْمِ الْغَيْرِ) وَيَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ لَا يَشْتَغِلَ بِالتِّجَارَةِ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَحْكَامَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مَا يَجُوزُ مِنْهُ وَمَا لَا يَجُوزُ كَذَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>