للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دِرْهَمٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْهُمَا وَأَوْصَى لِرَجُلٍ آخَرَ بِالْأَلْفِ الْأُخْرَى، ثُمَّ مَاتَ فَأَجَازَ ابْنُهُ الْوَصِيَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا قَبْلَ الْأُخْرَى فِي مَرَضِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ مَا وَرِثَ فَثُلُثُ الْأَلْفَيْنِ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُمَا نِصْفَانِ بِوَصِيَّةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ.

رَجُلٌ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْصَى بِهَا لِرَجُلٍ فَمَاتَ فَوَرِثَهُ رَجُلٌ وَلِهَذَا الْوَارِثِ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَيْضًا فَأَوْصَى الْوَارِثُ بِهَا وَبِمَا وَرِثَهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِرَجُلٍ، ثُمَّ مَاتَ الثَّانِي وَتَرَكَ وَارِثًا فَأَجَازَ وَصِيَّةَ أَبِيهِ وَوَصِيَّةَ جَدِّهِ جَمِيعًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، ثُمَّ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ مَا وَرِثَ فَلِلْمُوصَى لَهُ الْأَوَّلِ ثُلُثُ الْأَلْفِ الْأُولَى بِلَا إجَازَةٍ، ثُمَّ يُضَمُّ ثُلُثَا الْأَلْفِ الْأُولَى إلَى الْأَلْفِ الثَّانِيَةِ فَيُجْعَلُ ثُلُثُ ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ الثَّانِي بِلَا إجَازَةٍ، ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى ثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ الثَّالِثِ فَيُقَسَّمُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ الْأَوَّلِ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ الثَّانِي عَلَى قَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ حِصَّتِهِمَا بِالْإِجَازَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

[فَصْلٌ فِي اعْتِبَارِ حَالَةِ الْوَصِيَّةِ]

(فَصْلٌ فِي اعْتِبَارِ حَالَةِ الْوَصِيَّةِ) إذَا أَقَرَّ مَرِيضٌ لِامْرَأَةٍ بِدَيْنٍ أَوْ أَوْصَى لَهَا بِوَصِيَّةٍ أَوْ وَهَبَ لَهَا هِبَةً، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، ثُمَّ مَاتَ جَازَ الْإِقْرَارُ عِنْدَنَا وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَالْهِبَةُ.

وَإِذَا أَوْصَى الْمَرِيضُ لِابْنِهِ الْكَافِرِ أَوْ الرَّقِيقِ أَوْ وَهَبَ لَهُ وَسَلَّمَهُ أَوْ أَقَرَّ لَهُ بِدَيْنٍ فَأَسْلَمَ الِابْنُ أَوْ أُعْتِقَ قَبْلَ مَوْتِهِ بَطَلَ ذَلِكَ كُلُّهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الِابْنُ مُكَاتَبًا، كَذَا فِي الْكَافِي.

مَرِيضٌ أَوْصَى وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَلَامِ لِضَعْفِهِ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يَعْقِلُ إنْ فُهِمَتْ مِنْهُ الْإِشَارَةُ جَازَ وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا إذَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى النُّطْقِ؛ لِأَنَّ عِنْدَ ذَلِكَ يَظْهَرُ أَنَّهُ وَقَعَ الْيَأْسُ مِنْ كَلَامِهِ فَصَارَ كَالْأَخْرَسِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَالْمُقْعَدُ وَالْمَفْلُوجُ وَالْأَشَلُّ وَالْمَسْلُولُ إذَا تَطَاوَلَ ذَلِكَ فَصَارَ بِحَالٍ لَا يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ حَتَّى تَصِحَّ هِبَتُهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ فَلَوْ صَارَ صَاحِبَ فِرَاشٍ بَعْدَهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ حُدُوثِ الْمَرَضِ، وَأَمَّا فِي أَوَّلِ مَا أَصَابَهُ إذَا مَاتَ مِنْ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ وَقَدْ صَارَ صَاحِبَ فِرَاشٍ فَهُوَ مَرِيضٌ يَخَافُ بِهِ الْهَلَاكَ وَلِهَذَا يَتَدَاوَى فَكَانَ مَرَضَ الْمَوْتِ فَتُعْتَبَرُ هِبَتُهُ مِنْ الثُّلُثِ، كَذَا فِي الْكَافِي.

أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ ثُمَّ جُنَّ، إنْ أَطْبَقَ عَلَيْهِ الْجُنُونُ فَهُوَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي إنْ أَجَازَ جَازَتْ وَإِلَّا بَطَلَتْ، وَإِنْ مَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى التَّوْقِيتِ فَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الْجُنُونَ الْمُطْبِقَ فِي حَقِّ التَّصَرُّفَاتِ يُقَدَّرُ بِسَنَةٍ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَمَنْ كَانَ مَحْبُوسًا فِي السِّجْنِ لِيُقْتَلَ قِصَاصًا أَوْ رَجْمًا لَا يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمَرِيضِ وَإِذَا أُخْرِجَ لِيُقْتَلَ فَحُكْمُهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ حُكْمُ الْمَرِيضِ، وَلَوْ كَانَ فِي صَفِّ الْقِتَالِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الصَّحِيحِ وَإِذَا بَارَزَ فَحُكْمُهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ حُكْمُ الْمَرِيضِ، وَلَوْ كَانَ فِي السَّفِينَةِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الصَّحِيحِ، وَإِذَا هَاجَ الْمَوْجُ فَحُكْمُهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ حُكْمُ الْمَرِيضِ، وَلَوْ أُعِيدَ إلَى السِّجْنِ وَلَمْ يُقْتَلْ أَوْ رَجَعَ بَعْدَ الْمُبَارَزَةِ إلَى الصَّفِّ أَوْ سَكَنَ الْمَوْجُ صَارَ حُكْمُهُ كَحُكْمِ الْمَرِيضِ الَّذِي بَرَأَ مِنْ مَرَضِهِ يَنْفُذُ جَمِيعُ تَصَرُّفَاتِهِ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

وَالْمَجْذُومُ وَصَاحِبُ حُمَّى الرِّبْعِ وَحُمَّى الْغِبِّ إذَا صَارُوا أَصْحَابَ فِرَاشٍ يَكُونُونَ فِي حُكْمِ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.

أَصَابَهُ فَالِجٌ فَذَهَبَ لِسَانُهُ أَوْ مَرِضَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْكَلَامِ، ثُمَّ أَشَارَ بِشَيْءٍ أَوْ كَتَبَ بِشَيْءٍ وَقَدْ تَقَادَمَ وَطَالَ أَرَادَ بِهِ مُدَّةَ سَنَةٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَخْرَسِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَالْمَرْأَةُ إذَا أَخَذَهَا الطَّلْقُ فَمَا فَعَلَتْهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ يُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهَا وَإِنْ سَلِمَتْ مِنْ ذَلِكَ جَازَ مَا فَعَلَتْهُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْعِتْقِ وَالْمُحَابَاةِ وَالْهِبَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ]

وَإِذَا أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ لَمْ يُعْتَقْ إلَّا أَنْ يُعْتِقَهُ الْوَرَثَةُ وَلَهُ الرُّجُوعُ قَوْلًا وَفِعْلًا كَسَائِرِ الْوَصَايَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ بِالْإِعْتَاقِ فَلَا يَقَعُ بِدُونِ الْإِعْتَاقِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَمَنْ أَعْتَقَ فِي مَرَضه أَوْ بَاعَ وَحَابَى أَوْ وَهَبَ فَذَلِكَ كُلُّهُ جَائِزٌ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ مِنْ الثُّلُثِ وَيَضْرِبُ مَعَ أَصْحَابِ الْوَصَايَا، وَكَذَلِكَ مَا ابْتَدَأَ الْمَرِيضُ إيجَابَهُ عَلَى نَفْسِهِ كَالضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ فَإِنْ حَابَى، ثُمَّ أَعْتَقَ وَضَاقَ الثُّلُثُ عَنْهُمَا؛ فَالْمُحَابَاةُ أَوْلَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>