للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَحَّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ حَتَّى صَارَ رَقِيقًا لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ الْمُعْتِقِ حَتَّى لَا يَبْطُلُ عِتْقُهُ فَلَوْ مَاتَ الْمُعْتِقُ وَتَرَكَ مَالًا فَمَالُهُ لِمَوْلَى الْمُعْتَقِ وَهُوَ الْمُقَرُّ لَهُ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَصَبَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ لِلْمَيِّتِ عَصَبَةٌ نَحْوُ الِابْنِ أَوْ الْأَخِ أَوْ الْعَمِّ فَهَؤُلَاءِ أَحَقُّ بِالْمِيرَاثِ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلْمَيِّتِ إلَّا ابْنَةٌ فَلَهَا النِّصْفُ، وَالْبَاقِي لِلْمُعْتَقِ بِالْوَلَاءِ، ثُمَّ يَصِيرُ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِإِقْرَارِهِ، وَلَوْ لَمْ يَمُتْ الْمُعْتِقُ لَكِنَّهُ جَنَى جِنَايَةً يَسْعَى فِيهَا، وَلَا يَعْقِلُهَا أَحَدٌ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ أَوْ فِي دِيَةِ الْمَقْتُولِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَسْعَى فِي الدِّيَةِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْأَصَحُّ وَإِلَيْهِ مَالَ الْكَرْخِيُّ حَكَى عَنْهُ الْجَصَّاصُ، كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَإِنْ جُنِيَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَالْجِنَايَةِ عَلَى الْمَمْلُوكِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَلَوْ أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ بِالرِّقِّ أَعْتَقَ الْمُقِرَّ، ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتِقُ الْأَوَّلُ فَمَالُهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لِلْمُقِرِّ ابْنٌ حُرٌّ؛ لِأَنَّ الْأَبَ إذَا كَانَ حَيًّا لَا حَقَّ لِلِابْنِ فِي تَرِكَةِ مُعْتَقِهِ فَلَوْ مَاتَ الْمُقِرُّ أَوَّلًا وَتَرَكَ ابْنًا حُرًّا، ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتِقُ الْأَوَّلُ، وَلَمْ يَتْرُكْ عَصَبَةً فَمِيرَاثُهُ لِابْنِ الْمُقِرِّ لَا لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ لَهُ عَصَبَةٌ سِوَى الِابْنِ كَانَ الْمَالُ لَهُ، كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ.

[الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ]

(الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ وَأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ وَالْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ) يَصِحُّ إقْرَارُ الرَّجُلِ بِالْوَلَدِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ بِحَالٍ يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ ثَابِتَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَنْ يُصَدِّقَ الْمُقَرُّ لَهُ الْمُقِرَّ فِي إقْرَارِهِ إذَا كَانَتْ لَهُ عِبَارَةٌ صَحِيحَةٌ وَبِالْوَالِدِ إذَا كَانَ الْمُقِرُّ يُولَدُ لِمِثْلِهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الْمُقِرُّ ثَابِتَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَنْ يُصَدِّقَ الْمُقَرُّ لَهُ الْمُقِرَّ فِي إقْرَارِهِ إذَا كَانَتْ لَهُ عِبَارَةٌ صَحِيحَةٌ وَبِالْمَرْأَةِ إذَا صَدَّقَتْهُ وَكَانَتْ خَالِيَةً عَنْ زَوْجٍ وَعِدَّةٍ، وَأَنْ لَا تَكُونَ تَحْتَ الْمُقِرِّ أُخْتُهَا، وَلَا أَرْبَعُ سِوَاهَا وَبِالْمَوْلَى بِأَنْ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ مُعْتَقِي أَوْ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا مُعْتِقِي إذَا صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَأَنْ لَا يَكُونَ لِلْمُعْتَقِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَالْمُعْتِقِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَلَاءٌ ثَابِتٌ مِنْ الْغَيْرِ، وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِمَا عَدَا هَؤُلَاءِ نَحْوَ الْأَخِ وَالْعَمِّ وَالْخَالِ وَمَنْ أَشْبَهَهُمْ، وَتَفْسِيرُ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِمَنْ ذَكَرْنَا اعْتِبَارُ الْإِقْرَارِ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُقِرَّ وَالْمُقَرَّ لَهُ مِنْ الْحُقُوقِ، وَفِيمَا يَلْزَمُ غَيْرَهُمَا حَتَّى أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِالِابْنِ مَثَلًا فَالِابْنُ الْمُقَرُّ لَهُ يَرِثُ مَعَ سَائِرِ وَرَثَةِ الْمُقِرِّ، وَإِنْ جَحَدَ سَائِرُ الْوَرَثَةِ نَسَبَهُ وَيَرِثُ أَيْضًا مِنْ أَبِي الْمُقِرِّ وَهُوَ جَدُّ الْمُقَرِّ لَهُ، وَإِنْ جَحَدَ الْجَدُّ نَسَبَهُ وَتَفْسِيرُ عَدَمِ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِمَنْ ذَكَرْنَا عَدَمُ اعْتِبَارِ إقْرَارِهِ فِيمَا يَلْزَمُ غَيْرَ الْمُقِرِّ وَالْمُقَرِّ لَهُ مِنْ الْحُقُوقِ أَمَّا فِيمَا يَلْزَمُهَا مِنْ الْحُقُوقِ فَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ مُعْتَبَرٌ حَتَّى أَنَّ مَنْ أَقَرَّ مَثَلًا بِأَخٍ وَلَهُ وَرَثَةٌ سِوَاهُ يَجْحَدُونَ أُخُوَّتَهُ فَمَاتَ الْمُقِرُّ لَا يَرِثُهُ الْأَخُ مَعَ سَائِرِ وَرَثَتِهِ، وَكَذَلِكَ لَا يَرِثُ مِنْ أَبِي الْمُقِرِّ إذَا كَانَ الْأَبُ يَجْحَدُ نَسَبَهُ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ عَلَى الْمُقِرِّ حَالَ حَيَاتِهِ وَإِقْرَارُ الْمَرْأَةِ يَصِحُّ بِثَلَاثَةٍ بِالْوَلَدِ وَالزَّوْجِ وَالْمَوْلَى، وَلَا يَصِحُّ بِالِابْنِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَا ذُكِرَ أَنَّ إقْرَارَ الْمَرْأَةِ بِالِابْنِ لَا يَصِحُّ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ مَعْرُوفٌ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ مَعْرُوفٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ إقْرَارُهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

رَجُلٌ مَلَكَ عَبْدًا فِي صِحَّتِهِ وَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ وَمِثْلُهُ يُولَدُ لِمِثْلِهِ وَلَيْسَ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ فَهُوَ ابْنُهُ وَيَعْتِقُ وَيَرِثُهُ، وَلَا يَسْعَى فِي شَيْءٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِقِيمَتِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا مَلَكَ مَعَهُ أَمَةً، وَقَدْ مَلَكَهَا فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ لَا سِعَايَةَ عَلَى الْأُمِّ هَذَا إذَا مَلَكَ الْعَبْدَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ أَمَةٍ فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ، فَإِذَا مَلَكَ الْعَبْدَ فِي مَرَضِهِ وَأَقَرَّ بِنَسَبِهِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ أَيْضًا وَعَتَقَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَرِيضِ مَالٌ آخَرُ يُخْرِجُ الْعَبْدَ مِنْ ثُلُثِهِ تَجِبُ عَلَيْهِ السِّعَايَةُ، ثُمَّ فِي أَيِّ قَدْرٍ يَسْعَى؟ ذُكِرَ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ، وَعِنْدَهُمَا يَسْعَى فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ إلَّا قَدْرَ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الْمِيرَاثِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُطْرَحُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ لِلْمَرِيضِ مَالٌ يُخْرِجُ الْعَبْدَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَعَلَى قَوْلِهِمَا يَرِثُ الْعَبْدُ مِنْهُ وَيَسْعَى فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>