للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَجْلِسِ وَلَكِنْ يَجْلِسُ فِي طَرَفَيْ النَّهَارِ أَوْ مَا أَطَاقَ وَكَذَلِكَ الْفَقِيهُ وَالْمُفْتِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي شَابًّا يَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَ شَهْوَتَهُ مِنْ أَهْلِهِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ لِلْقَضَاءِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

وَلَا يَقْضِي وَهُوَ يَمْشِي، أَوْ يَسِيرُ عَلَى الدَّابَّةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمُفْتِي: لَا يَنْبَغِي لَهُ بِأَنْ يُفْتِيَ، وَهُوَ يَمْشِي لَكِنْ يَجْلِسَ فِي مَوْضِعٍ، وَإِذَا اسْتَقَرَّ فِيهِ أَفْتَى وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يُفْتِيَ فِي الطَّرِيقِ إذَا كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ وَاضِحَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَفِي الْعُيُونِ وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي إذَا اخْتَصَمَ إلَيْهِ الْإِخْوَةُ أَوْ بَنُو الْعَمِّ أَنْ لَا يَعْجَلَ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَهُمْ وَيُدَافِعَهُمْ قَلِيلًا لَعَلَّهُمْ يَصْطَلِحُونَ.

وَفِي الْكُبْرَى، وَهُوَ لَا يَخْتَصُّ بِالْأَقَارِبِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ إذَا وَقَعَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَ الْأَجَانِبِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

[الْبَابُ التَّاسِعُ فِي رِزْقِ الْقَاضِي وَهَدِيَّتِهِ وَدَعْوَتِهِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ]

إنْ كَانَ الْقَاضِي فَقِيرًا مُحْتَاجًا الْأَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ رِزْقَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بَلْ يُفْتَرَضُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ غَنِيًّا تَكَلَّمُوا فِيهِ، وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَلَا يَأْخُذُ الرِّزْقَ إلَّا مِنْ بَيْتِ مَالِ الْكُورَةِ الَّتِي يَعْمَلُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ لِأَهْلِ هَذِهِ الْكُورَةِ فَيَكُونُ رِزْقُهُ فِي مَالِ بَيْتِ الْكُورَةِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ.

كَمَا تَجُوزُ كِفَايَةُ الْقَاضِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ تُجْعَلُ كِفَايَةُ عِيَالِهِ وَمَنْ يَمُونُهُ مِنْ أَهْلِهِ وَأَعْوَانِهِ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْقَاضِيَ هَلْ يَأْخُذُ الرِّزْقَ فِي يَوْمِ الْعُطْلَةِ.؟

وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِيهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَأْخُذُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

الْقَاضِي إذَا كَانَ يَأْخُذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ شَيْئًا لَا يَكُونُ عَامِلًا بِالْأَجْرِ بَلْ يَكُونُ عَامِلًا لِلَّهِ تَعَالَى - وَيَسْتَوْفِي حَقَّهُ مِنْ مَالِ اللَّهِ تَعَالَى - وَكَذَا الْفُقَهَاءُ، وَالْعُلَمَاءُ، وَالْمُعَلِّمُونَ الَّذِينَ يُعَلِّمُونَ الْقُرْآنَ.

(١) وَرُوِيَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمَّا اُسْتُخْلِفَ كَانَ يَأْخُذُ الرِّزْقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَكَذَا عُمَرُ وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَأَمَّا عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَكَانَ صَاحِبَ ثَرْوَةٍ وَيَسَارٍ فَكَانَ يَحْتَسِبُ وَلَا يَأْخُذُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَيَنْبَغِي لِلْأَمَامِ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَيْهِ وَعَلَى عِيَالِهِ كَيْ لَا يَطْمَعَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ.

وَرُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا بَعَثَ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ إلَى مَكَّةَ وَوَلَّاهُ أَمْرَهَا رَزَقَهُ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ فِي كُلِّ عَامٍ» وَرُوِيَ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَجْرَوْا لِأَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَكَانَ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كُلَّ يَوْمٍ قَصْعَةٌ مِنْ ثَرِيدٍ وَرُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَرَضَ لَهُ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَأَمَّا أَجْرُ كُتَّابِ الْقَاضِي وَأَجْرُ قُسَّامِهِ فَإِنْ رَأَى الْقَاضِي أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ عَلَى الْخُصُومِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ، وَفِيهِ سَعَةٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَعَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>