للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقْتٍ، وَقَدْ قَتَلَهُ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ لَا يَتْرُكَ الطَّلَبَ حَتَّى وَجَدَهُ كَذَلِكَ وَالْكَلْبُ عِنْدَهُ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْقِيَاسُ: أَنْ لَا يُؤْكَلَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ: يُؤْكَلُ قَالُوا: هَذَا الشَّرْطُ لَازِمٌ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْكَلْبُ عِنْدَهُ عَلَى جَوَابِ الِاسْتِحْسَانِ.

فَأَمَّا إذَا وَجَدَ الصَّيْدَ مَيِّتًا وَالْكَلْبَ قَدْ انْصَرَفَ عَنْهُ لَا يُؤْكَلُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِذَا اشْتَغَلَ بِعَمَلٍ آخَرَ حَتَّى إذَا كَانَ قَرِيبًا مِنْ اللَّيْلِ طَلَبَهُ فَوَجَدَهُ مَيِّتًا، وَالْكَلْبُ عِنْدَهُ، وَبِهِ جِرَاحَةٌ لَا يَدْرِي أَنَّ الْكَلْبَ جَرَحَهُ، أَوْ غَيْرَهُ قَالَ فِي الْكِتَابِ: كَرِهْتُ أَكْلَهُ، وَنَصَّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ كَرَاهَةَ التَّنْزِيهِ، وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَهَذَا كُلُّهُ إذَا وَجَدَهُ، وَبِهِ جِرَاحَةٌ وَاحِدَةٌ يَعْلَمُ أَنَّهَا جِرَاحَةُ الْكَلْبِ أَمَّا إذَا عَلِمَ بِالْعَلَامَةِ أَنَّهَا جِرَاحَةُ غَيْرِ الْكَلْبِ، أَوْ عَلِمَ أَنَّهَا جِرَاحَةُ الْكَلْبِ إلَّا أَنَّ بِهَا جِرَاحَةً أُخْرَى لَيْسَتْ مِنْ جِرَاحَةِ الْكَلْبِ لَا يُؤْكَلُ، تَرَكَ الطَّلَبَ أَوْ لَمْ يَتْرُكْ، وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْبَازِي وَالصَّقْرِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ.

وَالْجَوَابُ فِي الرَّمْيِ هَكَذَا إذَا رَمَى سَهْمًا إلَى صَيْدٍ أَصَابَهُ، وَتَوَارَى عَنْ بَصَرِهِ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا وَبِهِ جِرَاحَةٌ أُخْرَى سِوَى جِرَاحَةِ السَّهْمِ لَا يُؤْكَلُ، وَإِنْ كَانَ فِي طَلَبِهِ، وَإِنْ وَجَدَهُ، وَلَيْسَ بِهِ جِرَاحَةٌ أُخْرَى إنْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِعَمَلٍ آخَرَ يُؤْكَلُ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ اشْتَغَلَ بِعَمَلٍ آخَرَ لَا يُؤْكَلُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَفِي فَتَاوَى (آهُو) رَمَى طَيْرًا فِي الْمَاءِ، وَجَرَحَهُ فَاشْتَغَلَ الرَّامِي بِنَزْعِ الْخُفِّ ثُمَّ دَخَلَ الْمَاءَ بَعْدَ نَزْعِ الْخُفِّ فَوَجَدَ الطَّيْرُ مَيِّتًا بِذَلِكَ الْجُرْحِ قَالَ: يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَقَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ: اشْتِغَالُ الرَّامِي بِنَزْعِ الْخُفِّ لَيْسَ بِعُذْرٍ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ تَرَكَ الطَّلَبَ فَقَدْ حَرُمَ أَكْلُهُ.

سُئِلَ أَيْضًا رَمَى صَيْدًا، وَأَمَرَ غَيْرَهُ بِالطَّلَبِ قَالَ: يَجُوزُ.

قِيلَ إذَا أَرْسَلَ الْكَلْبَ، وَلَمْ يُسَمِّ نَاسِيًا فَقَبْلَ أَنْ يَصِلَ سَمَّى، وَلَمْ يَدْعُهُ حَتَّى أَخَذَ لَا يُؤْكَلُ، وَفِي الرَّمْيِ يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ التَّدَارُكَ فِي الْكَلْبِ مُمْكِنٌ بِأَنْ يَدْعُوَهُ، وَفِي السَّهْمِ لَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ شَرَائِطِ الصَّيْدِ]

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ شَرَائِطِ الصَّيْدِ) الْآلَةُ نَوْعَانِ جَمَادٌ كَالْمِزْرَاقِ وَالْمِعْرَاضِ وَأَشْبَاهِهِمَا وَحَيَوَانٌ كَالْكَلْبِ وَنَحْوِهِ وَالصَّقْرِ وَالْبَازِي وَنَحْوِهِمَا فَإِنْ كَانَتْ الْآلَةُ حَيَوَانًا فَمِنْ شَرْطِهَا أَنْ تَكُونَ مُعَلَّمَةً، وَلَا يَكُونَ الْكَلْبُ مُعَلَّمًا إلَّا بِالْإِمْسَاكِ عَلَى الْمَالِكِ وَتَرْكِ الْأَكْلِ، وَأَنْ يُجِيبَهُ إذَا دَعَاهُ، وَإِذَا أَرْسَلَهُ إلَى الصَّيْدِ، فَعَلَامَةُ تَعَلُّمِ الْكَلْبِ، وَمَا بِمَعْنَاهُ تَرْكُ الْأَكْلِ مِنْ الصَّيْدِ، وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَحُدُّ فِي ذَلِكَ حَدًّا، وَلَا يُوَقِّتُ وَقْتًا وَكَانَ يَقُولُ: إذَا كَانَ مُعَلَّمًا فَكُلْ، وَرُبَّمَا كَانَ يَقُولُ: إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الصَّائِدِ أَنَّهُ مُعَلَّمٌ فَهُوَ مُعَلَّمٌ، وَرُبَّمَا كَانَ يَقُولُ: يُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى قَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ الصَّيَّادِينَ، فَإِذَا قَالُوا: صَارَ مُعَلَّمًا فَهُوَ مُعَلَّمٌ، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْهُ إذَا تَرَكَ الْأَكْلَ ثَلَاثًا فَهُوَ مُعَلَّمٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ ثُمَّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْهُمَا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ الثَّالِثُ، وَإِنَّمَا يَحِلُّ الرَّابِعُ وَرُوِيَ عَنْهُمَا أَنَّهُ يَحِلُّ الثَّالِثُ أَيْضًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَأَمَّا الْبَازِي، وَمَا بِمَعْنَاهُ فَتَرْكُ الْأَكْلِ فِي حَقِّهِ لَيْسَ عَلَامَةَ تَعَلُّمِهِ، وَإِنَّمَا عَلَامَةُ تَعَلُّمِهِ أَنْ يُجِيبَ صَاحِبَهُ إذَا دَعَاهُ حَتَّى إنَّ الْبَازِيَ وَمَا بِمَعْنَاهُ إذَا أَكَلَ مِنْ الصَّيْدِ يُؤْكَلُ صَيْدُهُ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْبَازِي هَذَا إذَا أَجَابَ صَاحِبَهُ عِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>