للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّعْوَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْمَعَ فِي اللَّحْمِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يُجِيبُ إلَّا لِيَطْمَعَ فِي اللَّحْمِ لَا يَكُونَ مُعَلَّمًا وَمَتَى حُكِمَ بِتَعَلُّمِ الْبَازِي فَفَرَّ مِنْ صَاحِبِهِ، وَلَمْ يُجِبْهُ إذَا دَعَاهُ خَرَجَ مِنْ حُكْمِ الْمُعَلَّمِ، وَلَا يَحِلُّ صَيْدُهُ.

وَكَذَا الْكَلْبُ إذَا أَكَلَ الصَّيْدَ خَرَجَ مِنْ حُكْمِ الْمُعَلَّمِ، وَحَرُمَ مَا عِنْدَ صَاحِبِهِ مِنْ صُيُودِهِ قَبْلَ ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا تَحْرُمُ الصُّيُودُ الَّتِي أَحْرَزَهَا صَاحِبُهَا، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْعَهْدُ قَرِيبًا بِأَخْذِ ذَلِكَ الصَّيْدِ أَمَّا إذَا كَانَ الْعَهْدُ بَعِيدًا بِأَنْ مَضَى شَهْرٌ أَوْ نَحْوُهُ، وَقَدْ قَدَّدَ صَاحِبُهُ تِلْكَ الصُّيُودَ لَمْ تَحْرُمْ بِلَا خِلَافٍ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْأَظْهَرُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْفَصْلَيْنِ، وَأَجْمَعُوا أَنَّ مَا لَمْ يُحْرِزْهُ الْمَالِكُ مِنْ صُيُودِهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا مَا بَاعَ الْمَالِكُ مِمَّا قَدَّدَ مِنْ صُيُودِهِ فَلَا شَكَّ أَنَّ عَلَى قَوْلِهِمَا لَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ فِيهِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْبَغِي أَنْ يُنْقَضَ الْبَيْعُ إذَا تَصَادَقَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي عَلَى كَوْنِ الْكَلْبِ جَاهِلًا قَالَ: وَلَا يَحِلُّ صَيْدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يَتَعَلَّمَ، وَحَدُّ تَعَلُّمِهِ مَا ذَكَرْنَا فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ عَلَى الْخِلَافِ، وَكَذَلِكَ هَذَا الْخِلَافُ فِي الْبَازِي إذَا فَرَّ مِنْ صَاحِبِهِ فَدَعَاهُ فَلَمْ يُجِبْهُ حَتَّى حُكِمَ بِكَوْنِهِ جَاهِلًا هَذَا إذَا أَجَابَ صَاحِبَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْوَلَاءِ يُحْكَمُ بِتَعَلُّمِهِ عِنْدَهُمَا. وَلَوْ شَرِبَ مِنْ دَمِ الصَّيْدِ يُؤْكَلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِنْ أَخَذَ الْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ صَيْدًا، وَأَخَذَهُ مِنْهُ صَاحِبُهُ، وَأَخَذَ صَاحِبُ الْكَلْبِ مِنْهُ قِطْعَةً فَأَلْقَاهَا إلَى الْكَلْبِ فَأَكَلَهَا الْكَلْبُ فَهُوَ عَلَى تَعْلِيمِهِ وَكَذَا لَوْ كَانَ صَاحِبُ الْكَلْبِ أَخَذَ الصَّيْدَ مِنْ الْكَلْبِ ثُمَّ وَثَبَ الْكَلْبُ عَلَى الصَّيْدِ فَأَخَذَ مِنْهُ قِطْعَةً فَأَكَلَهَا، وَهُوَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ فَإِنَّهُ عَلَى تَعْلِيمِهِ، وَكَذَلِكَ قَالُوا: لَوْ سَرَقَ الْكَلْبُ مِنْ الصَّيْدِ بَعْدَ دَفْعِهِ إلَى صَاحِبِهِ.

وَإِنْ أُرْسِلَ الْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ عَلَى صَيْدٍ فَنَهَشَهُ فَقَطَعَ مِنْهُ قِطْعَةً فَأَكَلَهَا ثُمَّ وَجَدَ الصَّيْدَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَتَلَهُ، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ شَيْئًا لَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ مِنْهُ فِي حَالِ الِاصْطِيَادِ دَلِيلُ عَدَمِ التَّعَلُّمِ.

فَإِنْ نَهَشَهُ فَأَلْقَى مِنْهُ بِضْعَةً وَالصَّيْدُ حَيٌّ ثُمَّ اتَّبَعَ الصَّيْدَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَخَذَهُ فَقَتَلَهُ، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ شَيْئًا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ التَّعَلُّمِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَطَعَ قِطْعَةً مِنْهُ لِيُثْخِنَهُ فَيَتَوَصَّلَ بِهِ إلَى أَخْذِهِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْجُرْحِ.

وَإِنْ أَخَذَ صَاحِبُ الْكَلْبِ الصَّيْدَ مِنْ الْكَلْبِ بَعْدَ مَا قَتَلَهُ ثُمَّ رَجَعَ الْكَلْبُ بَعْدَ ذَلِكَ فَمَرَّ بِتِلْكَ الْقِطْعَةِ فَأَكَلَهَا يُؤْكَلُ صَيْدُهُ.

وَإِنْ اتَّبَعَ الصَّيْدَ فَنَهَشَهُ فَأَخَذَ مِنْهُ بِضْعَةً فَأَكَلَهَا، وَهُوَ حَيٌّ فَانْفَلَتَ الصَّيْدُ مِنْهُ ثُمَّ أَخَذَ الْكَلْبُ صَيْدًا آخَرَ فِي فَوْرِهِ فَقَتَلَهُ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ، وَقَالَ: أَكْرَهُ أَكْلَهُ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ فِي حَالِ الِاصْطِيَادِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ التَّعْلِيمِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

رَجُلٌ أَرْسَلَ كَلْبًا إلَى صَيْدٍ فَلَمْ يَأْخُذْهُ وَأَخَذَ غَيْرَهُ إنْ ذَهَبَ عَلَى سُنَنِهِ فَقَدْ حَلَّ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

لَوْ رَمَى بَعِيرًا فَأَصَابَ صَيْدًا، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ نَادٍّ أَوْ غَيْرُ نَادٍّ لَمْ يُؤْكَلْ الصَّيْدُ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ الْبَعِيرَ كَانَ نَادًّا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِبِلِ الِاسْتِئْنَاسُ فَيَتَمَسَّكُ بِهِ حَتَّى يَعْلَمَ غَيْرَهُ كَذَا فِي الْكَافِي.

وَلَوْ أَرْسَلَ بَازِيَهُ إلَى أَرْنَبٍ فَأَصَابَ مِنْ ذَلِكَ صَيْدًا، وَهُوَ لَا يَصْطَادُ إلَّا الْأَرْنَبَ لَمْ يُؤْكَلْ مَا اصْطَادَهُ.

وَإِنْ أَرْسَلَ إلَى خِنْزِيرٍ أَوْ إلَى ذِئْبٍ فَأَخَذَ ظَبْيًا حَلَّ أَكْلُهُ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.

وَلَوْ أَرْسَلَ بَازِيًا إلَى ظَبْيٍ، وَهُوَ لَا يَصِيدُ الظَّبْيَ فَأَصَابَ صَيْدًا لَمْ يُؤْكَلْ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ.

وَلَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ وَسَمَّى فَأَخَذَ فِي إرْسَالِهِ ذَلِكَ صُيُودًا كَثِيرَةً وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ حَلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>