للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّغِيرُ فِي عِيَالِهِمْ، وَكَذَلِكَ وَصِيُّ هَؤُلَاءِ يَمْلِكُهُ اسْتِحْسَانًا إذَا كَانَ فِي عِيَالِهِ، وَكَذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ الَّذِي يَعُولُ الْيَتِيمَ وَلَيْسَ لِلْيَتِيمِ أَحَدٌ سِوَاهُ جَازَ قَبْضُ الْهِبَةِ اسْتِحْسَانًا وَيَسْتَوِي فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ إذَا كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ الْقَبْضَ أَوْ لَا يَعْقِلُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْأَبُ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا غَائِبًا غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً فَأَمَّا إذَا كَانَ حَيًّا حَاضِرًا وَالصَّبِيُّ فِي عِيَالِ هَؤُلَاءِ، هَلْ يَصِحَّ؟ لَمْ يُذْكَرْ هَذَا الْفَصْلُ فِي الْكُتُبِ نَصًّا إلَّا أَنَّهُ ذُكِرَ فِي الْأَجْنَبِيِّ إذَا كَانَ يَعُولُ الْيَتِيمَ وَلَيْسَ لِهَذَا الْيَتِيمِ أَحَدٌ سِوَاهُ جَازَ قَبْضُ الْهِبَةِ عَلَيْهِ، وَهَذَا الشَّرْطُ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَصِحَّ قَبْضُ هَؤُلَاءِ إذَا كَانَ الْأَبُ حَاضِرًا، وَذَكَرَ فِي الْجَدِّ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْقَبْضَ عَلَى الصَّغِيرِ إذَا كَانَ الْأَبُ حَيًّا وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَمَا إذَا كَانَ الصَّغِيرُ فِي عِيَالِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ فَظَاهِرُ مَا أَطْلَقَهُ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَصِحَّ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

فَإِنْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي حِجْرِ الْعَمِّ وَعِيَالِهِ فَوَهَبَ لِلصَّغِيرِ هِبَةً وَوَصِيُّ الْأَبِ حَاضِرٌ فَقَبَضَ الْعَمُّ، قِيلَ: لَا يَجُوزُ قَبْضُهُ، وَإِنْ قَبَضَ الْأَخُ أَوْ الْعَمُّ أَوْ الْأُمُّ وَالصَّغِيرُ فِي عِيَالِ أَجْنَبِيٌّ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ قَبَضَ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ الَّذِي الصَّغِيرُ فِي عِيَالِهِ جَازَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَالصَّغِيرَةُ الَّتِي يُجَامَعُ مِثْلُهَا وَهِيَ فِي عِيَالِ الزَّوْجِ إذَا قَبَضَتْ هِيَ أَوْ الزَّوْجُ جَازَ الْقَبْضُ ثُمَّ شَرَطَ فِي قَبْضِ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ الصَّغِيرَةِ إذَا كَانَ يُجَامَعُ مِثْلُهَا، فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: إذَا كَانَ لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا لَا يَصِحُّ قَبْضُ الزَّوْجِ عَلَيْهَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَعُولُهَا وَهِيَ لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا جَازَ قَبْضُهُ عَلَيْهَا، وَالصَّغِيرَةُ إذَا لَمْ يَبْنِ الزَّوْجُ بِهَا لَا يَجُوزُ قَبْضُ الزَّوْجِ عَلَيْهَا وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْوَلِيُّ عَلَيْهَا هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ كَانَتْ الصَّغِيرَةُ فِي عِيَالِ الْجَدِّ أَوْ الْأَخِ أَوْ الْأُمِّ أَوْ الْعَمِّ فَوَهَبَ لَهَا هِبَةً فَقَبَضَ الزَّوْجُ جَازَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، فَإِنْ أَدْرَكَتْ لَمْ يَجُزْ قَبْضُ الْأَبِ وَلَا الزَّوْجِ عَلَيْهَا إلَّا بِإِذْنِهَا، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.

صَغِيرَةٌ فِي عِيَالِ أَجْنَبِيٍّ عَالَهَا بِرِضَا أَبِيهَا وَالْأَبُ غَائِبٌ فَقَبْضُ الْأَجْنَبِيِّ لَهَا صَحِيحٌ دُونَ قَبْضِ الْأَخِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

وَلَوْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي عِيَالِ الْجَدِّ أَوْ الْأَخِ أَوْ الْأُمِّ أَوْ الْعَمِّ فَوَهَبَ لَهُ هِبَةً فَقَبَضَ الْهِبَةَ مَنْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي عِيَالِهِ وَالْأَبُ حَاضِرٌ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَبِهِ يُفْتَى هَكَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى.

وَإِنْ قَبَضَهُ الصَّبِيُّ وَهُوَ يَعْقِلُ جَازَ، وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ حَيًّا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

، وَهَذَا قَوْلُ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْقِلُ لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

قَبُولُ الْهِبَةِ مِنْ الصَّبِيِّ صَحِيحٌ إذَا تَمَحَّضَتْ الْهِبَةُ مَنْفَعَةً فِي حَقِّ الصَّغِيرِ، أَمَّا إذَا كَانَ فِيهَا ضَرَرٌ لِلصَّبِيِّ لَا يَصِحُّ حَتَّى أَنَّهُ إذَا وَهَبَ رَجُلٌ لِصَبِيٍّ عَبْدًا أَعْمَى أَوْ تُرَابًا فِي دَارٍ، قِيلَ: إنْ كَانَ يُشْتَرَى مِنْهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ قَبُولُهُ وَلَا يَرُدُّ، وَإِنْ كَانَ لَا يُشْتَرَى مِنْهُ بِشَيْءٍ وَيَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ النَّقْلِ وَنَفَقَةُ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ ذَلِكَ وَرَدُّ الْهِبَةِ مِنْ الصَّبِيِّ الَّذِي يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ صَحِيحٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَذَكَرَ الْحَاكِمُ وَهَبَ دَارًا لِابْنَيْنِ لَهُ أَحَدُهُمَا كَبِيرٌ وَالْآخَرُ صَغِيرٌ وَقَبَضَ الْكَبِيرُ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الصَّغِيرِ مُنْعَقِدَةٌ حَالَ مُبَاشَرَةِ الْهِبَةِ لِقِيَامِ قَبْضِ الْأَبِ مَقَامَ قَبْضِهِ وَهِبَةَ الْكَبِيرِ مُحْتَاجَةٌ إلَى قَبُولٍ فَسَبَقَتْ هِبَةُ الصَّغِيرِ فَتَمَكَّنَ الشُّيُوعُ، وَالْحِيلَةُ أَنْ يُسَلِّمَ الدَّارَ إلَى الْكَبِيرِ وَيَهَبَهَا مِنْهُمَا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. ثُمَّ كُلُّ مَا يُتَخَلَّصُ بِهِ عَنْ الْحَرَامِ وَيُتَوَسَّلُ بِهِ إلَى الْحَلَالِ مِنْ الْحِيَلِ فَهُوَ حَسَنٌ، وَالصَّدَقَةُ عَلَى الصَّغِيرَيْنِ كَهِيَ عَلَى الْأَجْنَبِيَّيْنِ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ السَّابِعُ فِي حُكْمِ الْعِوَضِ فِي الْهِبَةِ]

(الْبَابُ السَّابِعُ فِي حُكْمِ الْعِوَضِ فِي الْهِبَةِ) . الْعِوَضُ نَوْعَانِ: مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْعَقْدِ، وَمَشْرُوطٌ فِي الْعَقْدِ (أَمَّا الْعِوَضُ) الْمُتَأَخِّرُ عَنْ الْعَقْدِ فَالْكَلَامُ فِيهِ فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي بَيَانِ شَرْطِ جَوَازِ هَذَا التَّعْوِيضِ وَصَيْرُورَةِ الثَّانِي عِوَضًا

، وَالثَّانِي فِي بَيَانِ مَاهِيَّةِ هَذَا التَّعْوِيضِ (أَمَّا الْأَوَّلُ) فَلَهُ شَرَائِطُ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ - مُقَابَلَةُ الْعِوَضِ بِالْهِبَةِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ التَّعْوِيضُ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الْمُقَابَلَةِ، نَحْوُ أَنْ يَقُولَ هَذَا عِوَضٌ عَنْ هِبَتِكَ أَوْ بَدَلٌ عَنْ هِبَتِكَ أَوْ مَكَانَ هِبَتِكَ أَوْ نَحَلْتُكَ هَذَا عَنْ هِبَتِكَ أَوْ تَصَدَّقْتُ بِهَذَا بَدَلًا عَنْ هِبَتِكَ أَوْ كَافَأْتُكَ أَوْ جَازَيْتُكَ أَوْ أَثَبْتُكَ أَوْ مَا يَجْرِي هَذَا الْمَجْرَى، حَتَّى لَوْ وَهَبَ لِإِنْسَانٍ شَيْئًا وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ إنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ أَيْضًا وَهَبَ شَيْئًا لِلْوَاهِبِ وَلَمْ يَقُلْ عِوَضًا عَنْ هِبَتِكَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>