للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَمْلُوكَيْنِ ثِقَتَيْنِ وَاَلَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ حَلَالٌ حُرًّا وَاحِدًا ثِقَةً، يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَأْكُلَ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَخْبَرَهُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ عَبْدٌ ثِقَةٌ وَبِالْآخَرِ حُرٌّ ثِقَةٌ عَمِلَ بِأَكْبَرِ رَأْيِهِ فِيهِ، وَإِنْ أَخْبَرَهُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مَمْلُوكَانِ ثِقَتَانِ وَبِالْأَمْرِ الْآخَرِ حُرَّانِ ثِقَتَانِ أَخَذَ بِقَوْلِ الْحُرَّيْنِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ كَانَ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ حُرَّانِ عَدْلَانِ، وَمِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِقَوْلِ الْعَبِيدِ، وَلَوْ كَانَ الْمُخْبِرُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ حُرَّيْنِ عَدْلَيْنِ وَمِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ أَرْبَعَةَ أَعْبُدٍ يَتَرَجَّحُ خَبَرُ الْأَرْبَعَةِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ خَبَرَ الْمَمْلُوكِ وَالْحُرِّ فِي الْأَمْرِ الدِّينِيِّ عَلَى السَّوَاءِ بَعْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْعَدَالَةِ، فَيَطْلُبْ التَّرْجِيحَ أَوَّلًا مِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ، فَإِذَا اسْتَوَى الْعَدَدَانِ، يَطْلُبُ التَّرْجِيحَ بِكَوْنِهِ حُجَّةً فِي الْأَحْكَامِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِذَا اسْتَوَيَا يَطْلُبُ التَّرْجِيحَ مِنْ حَيْثُ التَّحَرِّي، وَكَذَلِكَ إذَا أَخْبَرَ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ رَجُلَانِ وَبِالْآخِرِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ يُؤْخَذُ بِخَبَرِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْعَدَدِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مُسْلِمًا شَهِدَ عِنْدَ رَجُلٍ أَنَّ هَذِهِ الْجَارِيَةَ الَّتِي هِيَ فِي يَدِ فُلَانٍ وَهِيَ مُقِرَّةٌ لَهُ بِالرِّقِّ أَمَةٌ لِفُلَانٍ غَصَبَهَا وَاَلَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ يَجْحَدُ ذَلِكَ وَهُوَ غَيْرُ مَأْمُونٍ؟ . فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَشْتَرِيَهَا وَإِنْ اشْتَرَاهَا وَوَطِئَهَا فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ، فَلَوْ أَخْبَرَهُ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ أَوْ أَنَّهَا كَانَتْ أَمَةً لِهَذَا الَّذِي فِي يَدَيْهِ فَأَعْتَقَهَا وَهُوَ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي الْمُعَامَلَاتِ]

(الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي الْمُعَامَلَاتِ) يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَاحِدِ فِي الْمُعَامَلَاتِ عَدْلًا كَانَ أَوْ فَاسِقًا حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَالضَّرُورَةِ، وَمِنْ الْمُعَامَلَاتِ الْوَكَالَاتُ وَالْمُضَارَبَاتُ وَالرِّسَالَاتُ فِي الْهَدَايَا وَالْإِذْنُ فِي التِّجَارَاتِ، كَذَا فِي الْكَافِي.

وَإِذَا صَحَّ قَوْلُ الْوَاحِدِ فِي أَخْبَارِ الْمُعَامَلَاتِ عَدْلًا كَانَ أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ فَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ تَغْلِيبِ رَأْيِهِ فِيهِ إنْ أَخْبَرَهُ صَادِقٌ، فَإِنْ غَلَبَ عَلَى رَأْيِهِ ذَلِكَ عَمِلَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

إذَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ لِرَجُلٍ فَأَخَذَهَا رَجُلٌ آخَرُ وَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَهَا فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لِمَنْ عَرَفَهَا لِلْأَوَّلِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْ هَذَا مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مَلَكَهَا مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ أَوْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا، وَإِنْ اشْتَرَاهَا جَازَ وَيَكُونُ مَكْرُوهًا، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْمَالِكَ أَذِنَ لَهُ بِالْبَيْعِ أَوْ مَلَكَهَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ وَيَكُونُ الشِّرَاءُ جَائِزًا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ.

وَإِنْ قَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ إنِّي اشْتَرَيْتُهَا أَوْ وَهَبَهَا لِي أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيَّ أَوْ وَكَّلَنِي بِبَيْعِهَا حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ إذَا كَانَ عَدْلًا مُسْلِمًا، ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - شَرَطَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ الْيَدِ مُسْلِمًا عَدْلًا، وَالْعَدَالَةُ شَرْطٌ أَمَّا الْإِسْلَامُ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَالْحَاكِمُ الشَّهِيدُ ذَكَرَ فِي مُخْتَصَرِهِ الْعَدَالَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْإِسْلَامَ، وَتَبَيَّنَ بِمَا ذَكَرَ الْحَاكِمُ أَنَّ ذِكْرَ الْإِسْلَامِ مِنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اتِّفَاقِيٌّ لَا أَنْ يَكُونَ شَرْطًا، وَإِنْ كَانَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْجَارِيَةُ فَاسِقًا لَا تَثْبُتُ إبَاحَةُ الْمُعَامَلَةِ مَعَهُ بِنَفْسِ الْخَبَرِ بَلْ يَتَحَرَّى فِي ذَلِكَ، فَإِنْ وَقَعَ تَحَرِّيهِ عَلَى أَنَّهُ صَادِقٌ حَلَّ لَهُ الشِّرَاءُ مِنْهُ، وَإِنْ وَقَعَ تَحَرِّيهِ عَلَى أَنَّهُ كَاذِبٌ لَا يَحِلُّ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَأْيٌ يَبْقَى مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ كَمَا فِي الدِّيَانَاتِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ لَمْ يَعْرِفْ كَوْنَ هَذِهِ الْجَارِيَةِ لِغَيْرِ صَاحِبِ الْيَدِ حَتَّى أَخْبَرَهُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْجَارِيَةُ أَنَّ هَذِهِ الْجَارِيَةَ مِلْكُ فُلَانٍ وَأَنَّ فُلَانًا وَكَّلَهُ بِبَيْعِهَا لَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ فُلَانًا مَلَكَهَا مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ أَوْ أَذِنَ لَهُ بِبَيْعِهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هُوَ أَنَّ الْجَارِيَةَ مِلْكُ الْغَيْرِ وَلَمْ يُخْبِرْهُ صَاحِبُ الْيَدِ بِذَلِكَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ ذِي الْيَدِ.

وَإِنْ كَانَ ذُو الْيَدِ فَاسِقًا، إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ الشَّيْءَ فِي الْغَالِبِ، وَذَلِكَ كَدُرَّةٍ نَفِيسَةٍ فِي يَدِ فَقِيرٍ لَا يَمْلِكُ قُوتَ يَوْمِهِ وَكَكِتَابٍ فِي يَدِ جَاهِلٍ لَمْ يَكُنْ فِي آبَائِهِ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَنَزَّهَ، وَلَا يَتَعَرَّضَ لَهُ بِشِرَاءٍ، وَلَا قَبُولِ هَدِيَّةٍ، وَلَا صَدَقَةٍ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَتَاهُ بِذَلِكَ امْرَأَةً حُرَّةً كَانَ الْجَوَابُ فِيهَا كَالْجَوَابِ فِي الرَّجُلِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَتَى بِهِ عَبْدًا أَوْ أَمَةً فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ هِبَةً، وَلَا صَدَقَةً حَتَّى يَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُ الْعَبْدُ أَنَّ مَوْلَاهُ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهِ وَهِبَتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>