للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَ الْقَطْعِ يَرُدَّهُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَهَكَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.

وَإِنْ صَبَغَهُ السَّارِقُ أَسْوَدَ ثُمَّ قُطِعَ، أَوْ قُطِعَ ثُمَّ صَبَغَهُ أَسْوَدَ يُؤْخَذُ مِنْهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قُطِعَ السَّارِقُ وَقَدْ صَبَغَ الثَّوْبَ حَتَّى لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ، أَوْ خَاطَهُ قَمِيصًا أَفْتَى: لِلسَّارِقِ أَنْ يَبِيعَ الثَّوْبَ، وَيَأْخُذَ مِنْ ثَمَنِهِ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ، وَيَتَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ، وَكَذَلِكَ يَبِيعُ الْقَمِيصَ، وَيَأْخُذُ مِنْهُ قِيمَةَ خُيُوطِهِ، وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ، وَكَذَلِكَ الْحِنْطَةُ يَأْخُذُ مِنْهَا مِقْدَارَ نَفَقَتِهِ عَلَيْهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

فَإِنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ دَرَاهِمَ فَسَبَكَهَا، أَوْ صَاغَهَا قَلْبًا كَانَ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ أَنْ يَأْخُذَهَا فَإِنْ كَانَتْ السَّرِقَةُ صُفْرًا فَجَعَلَهُ قُمْقُمَةً، أَوْ حَدِيدًا فَجَعَلَهُ دِرْعًا يَأْخُذُهُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْعُرُوضِ، وَغَيْرِهَا إذَا كَانَ قَدْ غُيِّرَ عَنْ حَالِهِ فَإِنْ كَانَ التَّغْيِيرُ بِالنُّقْصَانِ فَلِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَإِنْ كَانَتْ السَّرِقَةُ شَاةً فَوَلَدَتْ أَخَذَهُمَا جَمِيعًا الْمَسْرُوقُ مِنْهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ سَرَقَ حِنْطَةً فَطَحَنَهَا تَكُونُ لِلسَّارِقِ بَعْدَ الْقَطْعِ، وَلَوْ سَرَقَ سَوِيقًا فَلَتَّهُ بِسَمْنٍ، أَوْ بِعَسَلٍ فَهُوَ مِثْلُ الِاخْتِلَافِ فِي الصَّبْغِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

إذَا اجْتَمَعَ فِي يَدِهِ قَطْعٌ فِي السَّرِقَةِ، وَالْقِصَاصُ بُدِئَ بِالْقِصَاصِ، وَضَمِنَ السَّرِقَةَ فَإِنْ قَضَى بِالْقِصَاصِ فَعَفَا عَنْهُ صَاحِبُهُ، أَوْ صَالَحَهُ قُطِعَتْ يَدُهُ فِي السَّرِقَةِ، وَإِنْ لَمْ يُصَالِحْهُ حَتَّى مَضَى زَمَانٌ، وَهُمَا يَتَرَاضَيَانِ فِيهِ عَلَى الصُّلْحِ ثُمَّ صَالَحَهُ دَرَأْت الْقَطْعَ فِي السَّرِقَةِ لِتَقَادُمِ الْعَهْدِ، وَإِنْ كَانَ الْقِصَاصُ فِي الرِّجْلِ الْيُسْرَى بُدِئَ بِالْقِصَاصِ ثُمَّ حُبِسَ حَتَّى يَبْرَأَ ثُمَّ تُقْطَعَ يَدُهُ فِي السَّرِقَةِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْقِصَاصُ فِي شَجَّةٍ فِي رَأْسِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ]

ِ اعْلَمْ أَنَّ لِقُطَّاعِ الطَّرِيقِ الَّذِينَ لَهُمْ أَحْكَامٌ مَخْصُوصَةٌ شَرَائِطَ: (إحْدَاهَا) أَنْ يَكُونَ لَهُمْ شَوْكَةٌ وَمَنْعَةٌ بِحَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ لِلْمَارَّةِ الْمُقَاوَمَةُ مَعَهُمْ، وَقَطَعُوا عَلَيْهِمْ الطَّرِيقَ سَوَاءٌ كَانَ بِالسِّلَاحِ، أَوْ بِالْعَصَا الْكَبِيرِ، أَوْ الْحَجَرِ، أَوْ غَيْرِهَا، (وَالثَّانِيَةُ) أَنْ يَكُونَ خَارِجَ الْأَمْصَارِ بَعِيدًا عَنْهَا، وَفِي الْيَنَابِيعِ لَا يَكُونُ بَيْنَ الْقَرْيَتَيْنِ، وَلَا بَيْنَ الْمِصْرَيْنِ، وَلَا بَيْنَ الْمَدِينَتَيْنِ، وَيَكُونُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمِصْرِ مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَلَيَالِيهَا هَكَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمِصْرِ أَقَلُّ مِنْ مَسِيرَةِ سَفَرٍ، أَوْ قَطَعُوا الطَّرِيقَ فِي الْمِصْرِ لَيْلًا أُجْرِيَ عَلَيْهِمْ حُكْمُ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ " وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى "، (وَالثَّالِثَةُ) أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ (وَالرَّابِعَةُ) أَنْ يُوجَدَ جَمِيعُ مَا شُرِطَ فِي السَّرِقَةِ الصُّغْرَى، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْقُطَّاعُ كُلُّهُمْ أَجَانِبَ فِي حَقِّ أَصْحَابِ الْأَمْوَالِ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِ الْقَطْعِ، (وَالْخَامِسَةُ) أَنْ يَظْفَرَ بِهِمْ الْإِمَامُ قَبْلَ التَّوْبَةِ، وَرَدِّ الْأَمْوَالِ إلَى أَرْبَابِهَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

إذَا خَرَجَ جَمَاعَةٌ مُمْتَنِعِينَ، أَوْ وَاحِدٌ يَقْدِرُ عَلَى الِامْتِنَاعِ فَقَصَدُوا قَطْعَ الطَّرِيقِ فَأُخِذُوا قَبْلَ أَنْ يَأْخُذُوا مَالًا، وَيَقْتُلُوا نَفْسًا حَبَسَهُمْ الْإِمَامُ حَتَّى يَتُوبُوا بَعْدَمَا يُعَزَّرُونَ، وَإِنْ أَخَذُوا مَعْصُومًا بِأَنْ يَكُونَ مَالَ مُسْلِمٍ، أَوْ ذِمِّيٍّ وَالْمَأْخُوذُ إذَا قُسِمَ عَلَى جَمَاعَتِهِمْ أَصَابَ كُلُّ، وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا، أَوْ مَا يَبْلُغُ قِيمَتُهُ ذَلِكَ قَطَعَ الْإِمَامُ أَيْدِيَهُمْ، وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلَافٍ، وَلَوْ قَطَعُوا الطَّرِيقَ عَلَى الْمُسْتَأْمَنِينَ لَمْ يُحَدُّوا فَإِنْ قَتَلُوا، وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا قَتَلَهُمْ حَدًّا حَتَّى لَوْ عَفَا الْأَوْلِيَاءُ عَنْهُمْ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى عَفْوِهِمْ، وَإِنْ قَتَلُوا وَأَخَذُوا الْمَالَ إنْ شَاءَ الْإِمَامُ قَطَعَ أَيْدِيَهُمْ، وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ قَتَلَهُمْ، وَصَلَبَهُمْ، وَإِنْ شَاءَ قَتَلَهُمْ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ، وَإِنْ شَاءَ صَلَبَهُمْ، وَإِذَا أَرَادَ الصَّلْبَ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يُصْلَبُ حَيًّا، وَيُبْعَجُ بَطْنُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>