للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَحْضُرَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي.

هَكَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِهِ لِمُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنْ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَاعَ نِصْفَ الدَّارِ وَلَمْ يَبِعْ جَمِيعَهَا فَجَاءَ الشَّفِيعُ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بِالْبَيْعِ أَخَذَ جَمِيعَ الدَّارِ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ الْمُشْتَرِي وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ بِالْبَيْعِ الثَّانِي فَلَهُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَبِعْ الدَّارَ وَلَكِنَّهُ وَهَبَهَا مِنْ رَجُلٍ أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى رَجُلٍ وَقَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ أَوْ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ، ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي وَالْمَوْهُوبُ لَهُ حَاضِرٌ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ لَا بِالْهِبَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ حَضْرَةِ الْمُشْتَرِي، حَتَّى لَوْ حَضَرَ الشَّفِيعُ وَوَجَدَ الْمَوْهُوبَ لَهُ فَلَا خُصُومَةَ مَعَهُ حَتَّى يَجِدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ يَأْخُذُهَا بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَالثَّمَنُ لِلْمُشْتَرِي وَبَطَلَتْ الْهِبَةُ.

كَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ. وَلَوْ وَهَبَ الْمُشْتَرِي نِصْفَ الدَّارِ مَقْسُومًا وَسَلَّمَهُ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ الْبَاقِي بِنِصْفِ الثَّمَنِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ يَأْخُذُ جَمِيعَ الدَّارِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ يَدَعُ وَبَطَلَتْ الْهِبَةُ وَكَانَ الثَّمَنُ كُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي لَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَلَهَا شَفِيعَانِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ وَطَلَبَ الْحَاضِرُ الشُّفْعَةَ فَقَضَى الْقَاضِي لَهُ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ الثَّانِي فَإِنَّ الشَّفِيعَ الثَّانِي يَطْلُبُ الشُّفْعَةَ مِنْ الشَّفِيعِ الْحَاضِرِ الَّذِي قَضَى لَهُ الْقَاضِي لَا مِنْ الْمُشْتَرِي، هَذَا إذَا طَلَب الشَّفِيعُ الْحَاضِرُ جَمِيعَ الدَّارِ بِالشُّفْعَةِ فَإِنْ طَلَبَ النِّصْفَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا النِّصْفَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَكَذَا لَوْ كَانَا حَاضِرَيْنِ فَطَلَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الشُّفْعَةَ فِي النِّصْفِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمَّا لَمْ يَطْلُبْ الْكُلَّ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ فِي النِّصْفِ الَّذِي لَمْ يَطْلُبْ فَإِذَا بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ فِي النِّصْفِ تَبْطُلُ فِي الْكُلِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

[الْبَابُ السَّابِعُ فِي إنْكَارِ الْمُشْتَرِي جِوَارَ الشَّفِيعِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ]

(الْبَابُ السَّابِعُ فِي إنْكَارِ الْمُشْتَرِي جِوَارَ الشَّفِيعِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ) وَفِي الْأَجْنَاسِ بَيْنَ كَيْفِيَّةِ الشَّهَادَةِ فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ الَّتِي بِجِوَارِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ مِلْكُ هَذَا الشَّفِيعِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ هَذَا الْمُشْتَرِي هَذِهِ الدَّارَ وَهِيَ لَهُ إلَى هَذِهِ السَّاعَةِ لَا نَعْلَمُهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ فَلَوْ قَالَ: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِهَذَا الْجَارِ لَا يَكْفِي لَوْ شَهِدَا أَنَّ الشَّفِيعَ كَانَ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ وَهِيَ فِي يَدِهِ أَوْ وَهَبَهَا مِنْهُ فَذَلِكَ يَكْفِي فَلَوْ أَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ. .

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ دَارًا وَأَقَامَ بَيِّنَة أَنْ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ فِي يَدِ أَبِيهِ مَاتَ وَهِيَ فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِالدَّارِ وَلَوْ بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ. دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ أَقَرَّ أَنَّهَا لِآخَرَ فَبِيعَتْ بِجَنْبِهَا دَارٌ فَطَلَبَ الْمُقَرُّ لَهُ الشُّفْعَةَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ دَارِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَلَهَا شَفِيعٌ فَأَقَرَّ الشَّفِيعُ أَنَّ دَارِهِ الَّتِي بِهَا الشُّفْعَةُ لِآخَرَ فَإِنْ كَانَ سَكَتَ عَنْ الشُّفْعَةِ وَلَمْ يَطْلُبْهَا بَعْدُ فَلَا شُفْعَةَ لِلْمُقِرِّ لَهُ وَإِنْ كَانَ طَلَبَ الشُّفْعَةَ فَلِلْمُقِرِّ لَهُ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَقَرَّ بِسَهْمٍ مِنْ الدَّارِ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ بَاعَ مِنْهُ بَقِيَّةَ الدَّارِ فَالْجَارُ لَا يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الْخُوَارِزْمِيَّ يُخَطِّئُ الْخَصَّافَ فِي هَذِهِ وَيُفْتِي بِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَاب الثَّامِن فِي تَصْرِف الْمُشْتَرِي فِي الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ قَبْلَ حُضُورِ الشَّفِيعِ]

(الْبَابُ الثَّامِنُ فِي تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي فِي الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ قَبْلَ حُضُورِ الشَّفِيعِ) إنْ بَنَى الْمُشْتَرِي بِنَاءً أَوْ غَرَسَ أَوْ زَرَعَ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ يُقْضَى لَهُ بِالشُّفْعَةِ وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى قَلْعِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ فِي تَسْلِيمِ السَّاحَةِ إلَى الشَّفِيعِ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْقَلْعِ نُقْصَانٌ بِالْأَرْضِ فَلِلشَّفِيعِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَ

<<  <  ج: ص:  >  >>