للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْكُوفَةِ فَهَذَا مَشُورَةٌ حَتَّى لَوْ عَمِلَ بِهِ فِي غَيْرِ الْكُوفَةِ لَا يَصِيرُ مُخَالِفًا فَمِنْ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ قَالَ: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِي الْمُزَارَعَةِ كَذَلِكَ وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ يَقُولُ: يُعْتَبَرُ هَذَا شَرْطًا فِي الْمُزَارَعَةِ لِأَنَّهُ لَوْ اُعْتُبِرَ شَرْطًا كَانَ هَذَا بَيَانًا لِنَوْعِ الْبَذْرِ فَتَجُوزُ الْمُزَارَعَةُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَشُورَةً لَا يَكُونُ بَيَانًا لِنَوْعِ الْبَذْرِ فَلَا تَجُوزُ الْمُزَارَعَةُ قِيَاسًا بِخِلَافِ الْمُضَارَبَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

مُزَارِعٌ سَنَةً زَرَعَ الْأَرْضَ فَأَكَلَهُ الْجَرَادُ أَوْ أَكَلَ أَكْثَرَهُ وَبَقِيَ شَيْءٌ قَلِيلٌ فَأَرَادَ الْمُزَارِعُ أَنْ يَزْرَعَ فِيهَا شَيْئًا آخَرَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ فَمَنَعَهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ قَالُوا: يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ بَيْنَهُمَا أَنْ يَزْرَعَ فِيهَا نَوْعًا مُعَيَّنًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ غَيْرَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ عَامَّةً عَلَى أَنْ يَزْرَعَ مَا شَاءَ أَوْ مُطْلَقَةً كَانَ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا شَاءَ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدِي وَإِنْ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ بَيْنَهُمَا فِي نَوْعٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ فِيهَا مَا هُوَ مِثْلُ الْأَوَّلِ أَوْ دُونَهُ فِي الضَّرَرِ بِالْأَرْضِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَاب الثَّامِن فِي الزِّيَادَة وَالْحَطّ مِنْ رَبّ الْأَرْض وَالنَّخِيل وَالْمَزَارِع وَالْعَامِل]

(الْبَابُ الثَّامِن فِي الزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ وَالنَّخِيلِ وَالْمُزَارِعِ وَالْعَامِلِ) أَصْلُهُ إنْ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بِحَالٍ يَجُوزُ ابْتِدَاءُ الْمُزَارَعَةِ عَلَيْهِ جَازَتْ الزِّيَادَةُ وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْبَدَلِ مُعْتَبَرَةٌ بِالْأَصْلِ وَالْأَصْلُ يَقْتَضِي مَعْقُودًا عَلَيْهِ لِيَكُونَ بِإِزَائِهِ وَكَذَلِكَ الزِّيَادَةُ تَقْتَضِي مَعْقُودًا عَلَيْهِ لِتُجْعَلَ بِإِزَائِهِ وَالْحَطُّ جَائِزٌ فِي الْحَالَيْنِ لِأَنَّهُ إسْقَاطُ بَعْضِ الْبَدَلِ فَيَسْتَدْعِي قِيَامَ الْبَدَلِ لَا قِيَامَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَإِذَا زَادَ أَحَدُهُمَا فِي الْخَارِجِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ اسْتِحْصَادِ الزَّرْعِ وَتَنَاهَى عِظَمُ الْبُسْرِ جَازَ لِأَنَّهُ يَجُوزُ ابْتِدَاءُ عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ عَلَى الْخَارِجِ مَا دَامَ فِي حَدِّ النَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ فَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِيهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ بَعْدِهِ لَا تَجُوزُ مِنْ صَاحِبِ الْبَذْرِ وَالنَّخْلِ فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ وَتَجُوزُ مِمَّنْ لَا بَذْرَ مِنْ جِهَتِهِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ صَاحِبِ الْبَذْرِ فِي حَالٍ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ الْمُزَارَعَةِ عَلَى الْخَارِجِ فَلَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُ زِيَادَةٍ فِي الْبَدَلِ لِفَوَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَنَافِعُ وَلَا يُمْكِنُ تَجْوِيزُهَا بِطَرِيقِ الْحَطِّ لِأَنَّ صَاحِبَ الْبَذْرِ مُسْتَأْجِرٌ وَالْمُسْتَأْجِرُ مُشْتَرٍ وَالزِّيَادَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي لَا يُمْكِنُ تَجْوِيزُهَا حَطًّا لِأَنَّ الثَّمَنَ عَلَيْهِ لَا لَهُ فَكَذَا هُنَا الْخَارِجُ فَلَا يُمْكِنُ حَطُّهُ فَأَمَّا مَنْ لَا بَذْرَ مِنْ جِهَتِهِ مُؤَاجِرٌ وَالْمُؤَاجِرُ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ حَطُّ الْأُجْرَةِ فَتُجْعَلُ الزِّيَادَةُ مِنْهُ فِي الْخَارِجِ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ حَطًّا مِنْهُ عَنْ بَعْضِ الْأَجْرِ وَالْحَطُّ جَائِزٌ حَالَ فَوَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَالزَّرْعُ وَإِنْ كَانَ عَيْنًا وَقْتَ الْحَطِّ وَحَطُّ الْأَعْيَانِ لَا يَصِحُّ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَيْنًا وَقْتَ الْعَقْدِ فَصَحَّ الْحَطُّ وَصَارَ الْمَحْطُوطُ مِلْكًا لِمَنْ وَقَعَ الْحَطُّ لَهُ كَالْبَائِعِ إذَا قَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ أَبْرَأَهُ الْمُشْتَرِي عَنْ بَعْضِ الثَّمَنِ صَحَّ وَإِنْ كَانَ عَيْنًا وَقْتَ الْحَطِّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

إذَا تَعَاقَدَ الرَّجُلَانِ مُزَارَعَةً أَوْ مُعَامَلَةً بِالنِّصْفِ وَعَمِلَ فِيهَا الْعَامِلُ حَتَّى حَصَلَ الْخَارِجُ ثُمَّ زَادَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ مِنْ نَصِيبِهِ السُّدُسَ وَحَصَلَ لَهُ الثُّلُثَانِ وَرَضِيَ بِذَلِكَ الْآخَرُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ اسْتِحْصَادِ الزَّرْعِ وَلَمْ يَتَنَاهَ عِظَمُ الْبُسْرِ جَازَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ اسْتِحْصَادِ الزَّرْعِ وَتَنَاهَى عِظَمُ الْبُسْرِ فَإِنْ كَانَ الزَّائِدُ صَاحِبَ الْأَرْضِ وَصَاحِبَ النَّخْلِ فِي الْمُعَامَلَةِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ هُوَ الزَّائِدُ فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ الَّذِي لَا بَذْرَ مِنْ قِبَلِهِ هُوَ الَّذِي زَادَ صَاحِبَ الْبَذْرِ وَإِذَا اشْتَرَطَا الْخَارِجَ فِي الْمُعَامَلَةِ وَالْمُزَارَعَةِ نِصْفَيْنِ فَاشْتَرَطَا لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ وَالْمُعَامَلَةُ مِنْ أَيِّهِمَا كَانَ الْبَذْرُ أَوْ الشَّرْطُ ثُمَّ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ فِي الْمُزَارَعَةِ وَلِصَاحِبِ النَّخِيلِ فِي الْمُعَامَلَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ زَادَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عِشْرِينَ قَفِيزًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَاب التَّاسِع مَاتَ رَبّ الْأَرْض أَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّة وَالزَّرْع بَقْلٌ أَوْ الْخَارِجُ بُسْرٌ]

(الْبَابُ التَّاسِعُ فِيمَا إذَا مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ أَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ أَوْ الْخَارِجُ بُسْرٌ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ مَوْتِ الْمُزَارِعِ أَوْ الْعَامِلِ أَوْ مَوْتِهِ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ)

(وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ بَعْضُ مَسَائِلِ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّرْعِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>