للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَالَيْهِمَا وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ بِضَاعَةً فَنَفَقَتُهُ فِي مَال الْمُضَارَبَةِ إلَّا أَنْ يَتَفَرَّغَ لِلْعَمَلِ فِي الْبِضَاعَةِ فَيُنْفِقُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ دُونَ الْبِضَاعَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهَا أَذِنَ لَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِهَا جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَاحْتَاجَتْ الْجَارِيَةُ إلَى النَّفَقَةِ تَكُونُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَلَا يُجْعَلُ عَلَى الْمُضَارِبِ نَفَقَةُ حِصَّتِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبِ عَلَى قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ اشْتَرَى بِأَلْفٍ جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَالْحَاصِلُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِمَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - النَّفَقَةُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ إذَا أَبَقَتْ الْجَارِيَةُ وَرُدَّتْ فَالْخِلَافُ فِي الْجُعْلِ كَالْخِلَافِ فِي النَّفَقَةِ ثُمَّ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُخْرِجُ الْعَبْدَ عَنْ الْمُضَارَبَةِ وَيُجْبِرُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى أَنْ يُعْطِيَ حِصَّتَهُ مِنْ الْجُعْلِ وَرَوَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يُحْتَسَبُ بِالْجُعْلِ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ وَيُحْتَسَبُ بِهِ فِيمَا بَيْنَ الْمُضَارِبِ وَرَبِّ الْمَالِ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ رِبْحٌ فَالْجُعْلُ فِيهِ وَإِلَّا فَهُوَ وَضِيعَةٌ فِي رَأْسِ الْمَالِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطَيْنِ.

لَوْ أَتَى مِصْرًا وَاشْتَرَى شَيْئًا فَمَاتَ رَبُّ الْمَالِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَأَتَى بِالْمَتَاعِ مِصْرًا آخَرَ فَنَفَقَةُ الْمُضَارِبِ فِي مَالِ نَفْسِهِ وَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا هَلَكَ فِي الطَّرِيقِ وَإِنْ سَلَّمَ الْمَتَاعَ جَازَ بَيْعُهُ لِبَقَائِهَا فِي حَقِّ الْبَيْعِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ خَرَجَ بِالْمَتَاعِ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِ رَبِّ الْمَالِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَمَانٌ وَكَانَتْ نَفَقَتُهُ فِي سَفَرِهِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى الْمِصْرِ وَيَبِيعَ الْمَتَاعَ عَلَى الْمَال كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

لَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ فِي الطَّرِيقِ فَنَهَاهُ رَبُّ الْمَالِ بِرَسُولٍ عَنْ السَّفَرِ أَوْ مَاتَ فَلَهُ أَنْ يَتَوَجَّهَ إلَى أَيِّ مِصْرٍ أَحَبَّ وَكَانَتْ نَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَأَمَّا إذَا كَانَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ نَاضًّا وَهُوَ فِي مِصْرٍ أَوْ فِي الطَّرِيقِ فَخَرَجَ إلَى غَيْرِ مِصْرِ رَبِّ الْمَالِ يَضْمَنُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ مَاتَ وَالْمُضَارِبُ بِمِصْرٍ مِنْ الْأَمْصَارِ غَيْرَ مِصْرِ رَبِّ الْمَالِ وَالْمُضَارَبَةُ مَتَاعٌ فِي يَدِهِ فَخَرَجَ بِهَا إلَى مِصْرِ رَبِّ الْمَالِ فِي الِاسْتِحْسَانِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَنَفَقَتُهُ حَتَّى يَبْلُغَ مِصْرَ رَبِّ الْمَالِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ حَيًّا فَأَرْسَلَ إلَيْهِ رَسُولًا يَنْهَاهُ عَنْ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ، وَفِي يَدِهِ مَتَاعٌ فَخَرَجَ بِهِ إلَى مِصْرِ رَبِّ الْمَالِ فَإِنِّي لَا أُضَمِّنُهُ مَا هَلَكَ مِنْ الْمَتَاعِ فِي سَفَرِهِ وَأَجْعَلُ نَفَقَتَهُ فِي الْمَالِ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ فِي يَدِهِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَمَاتَ رَبُّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبُ فِي مِصْرٍ آخَرَ أَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ حَيًّا فَأَرْسَلَ إلَيْهِ رَسُولًا يَنْهَاهُ عَنْ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ فَأَقْبَلَ الْمُضَارِبُ بِالْمَالِ إلَى مِصْرِ رَبِّ الْمَالِ فَهَلَكَ فِي الطَّرِيقِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَإِنْ سَلِمَ حَتَّى قَدِمَ وَقَدْ أَنْفَقَ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي سَفَرِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ النَّفَقَةَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

إذَا اشْتَرَى بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ وَبِأَلْفٍ مِنْ عِنْدِهِ عَبْدًا فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ وَإِنْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَأَمَرَهُ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ فَمَا أَنْفَقَ فَهُوَ عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَهَذِهِ قِسْمَةٌ مِنْ الْقَاضِي بَيْنَ الْمُضَارِبِ وَبَيْنَ رَبِّ الْمَالِ إذَا حَكَمَ بِالنَّفَقَةِ كَذَا فِي الْحَاوِي.

كُلُّ مُضَارَبَةٍ فَاسِدَةٍ لَا نَفَقَةَ لِلْمُضَارِبِ فِيهَا عَلَى مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَإِنْ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْمَالِ حُسِبَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ وَأُخِذَ بِمَا زَادَ إنْ كَانَ مَا أَنْفَقَ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَاب الثَّالِث عَشْر فِي عِتْق عَبْد الْمُضَارَبَة وَكِتَابَته]

(الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي عِتْقِ عَبْدِ الْمُضَارَبَةِ وَفِي كِتَابَتِهِ وَفِي دَعْوَةِ نَسَبِ وَلَدِ جَارِيَةِ الْمُضَارِبِ) . لَوْ أَعْتَقَ الْمُضَارِبُ عَبْدَ الْمُضَارَبَةِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ لَا رِبْحَ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ أَوْ فِيهِ رِبْحٌ، وَلَا فَضْلَ فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ أَوْ فِيهِ فَضْلٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ فِي الْمُضَارَبَةِ لَا يَصِحُّ عِتْقُهُ فَلَوْ أَعْتَقَ رَبُّ الْمَالِ يَصِحُّ وَيَكُونُ مُسْتَوْفِيًا رَأْسَ مَالِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ فِي الْمُضَارَبَةِ رِبْحٌ وَلَا فَضْلَ فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ بِأَنْ اشْتَرَى عَبْدًا بِخَمْسِمِائَةٍ وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>