للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُ فَدَعْوَاهَا بَاطِلَةٌ مَرْدُودَةٌ ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ نَجْمُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْكِتَابَ عَلَى هَذَا النَّحْوِ فِي شُرُوطِهِ وَشَرَطَ قَبُولَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ الْهِبَةَ وَهَكَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ كِتَابِهِ وَهَكَذَا ذَكَرَ فِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرُوا فِي شَرْحِ كِتَابِ الْكَفَالَةِ وَفِي شَرْحِ كِتَابِ الْهِبَةِ أَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ تَتِمُّ بِدُونِ الْقَبُولِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ وَاتَّفَقُوا فِي حَقِّ الْكَفِيلِ أَنَّ هِبَةَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ مِنْهُ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْقَبُولِ.

(إذَا تَصَدَّقَ بِدَارِهِ عَلَى فَقِيرٍ أَوْ بِشَيْءٍ آخَرَ) يَكْتُبُ فِيهِ: هَذَا مَا تَصَدَّقَ فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الدَّارِ الَّتِي مَوْضِعُهَا كَذَا بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا صَدَقَةً جَائِزَةً صَحِيحَةً نَافِذَةً لَا فَسَادَ فِيهَا وَلَا رَجْعَةَ وَلَا شَرْطَ عِوَضٍ ابْتِغَاءً لِوَجْهِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَطَلَبًا لِمَرْضَاتِهِ وَرَجَاءً لِثَوَابِهِ وَهَرَبًا مِنْ أَلِيمِ عِقَابِهِ وَقَبَضَ هَذَا الْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِ جَمِيعَ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ بِحُكْمِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ بِتَسْلِيمِ هَذَا الْمُتَصَدِّقِ وَشَرَطْنَا قَبْضَ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ الْمُتَصَدِّقِ لِمَعْنًى ذَكَرْنَاهُ فِي فَصْلِ الْهِبَةِ ثُمَّ يَكْتُبُ فَلَا حَقَّ لِلْمُتَصَدِّقِ فِي ذَلِكَ بَعْدَ هَذِهِ الصَّدَقَةِ وَبَعْدَ هَذَا التَّسْلِيمِ وَلَا دَعْوَى وَلَا خُصُومَةَ وَلَا طَلِبَةَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، وَكُلُّ دَعْوَى يَدَّعِيهَا هَذَا الْمُتَصَدِّقُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ إلَى آخِرِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَأَمَّا الصَّدَقَةُ فَيَكْتُبُ فِيهَا مَا يَكْتُبُ فِي الْهِبَةِ وَيَزِيدُ لِوَجْهِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَطَلَبِ ثَوَابِهِ وَابْتِغَاءِ مَرْضَاتِهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ

[الْفَصْلُ الْعِشْرُونَ فِي الْوَصِيَّةِ]

(الْفَصْلُ الْعِشْرُونَ فِي الْوَصِيَّةِ) الْوَصِيَّةُ فِي مَعْنَى الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو إمَّا إنْ كَانَتْ لِلْفَقِيرِ أَوْ لِلْغَنِيِّ فَإِنْ كَانَتْ لِلْفَقِيرِ كَانَتْ بِمَعْنَى الصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانَتْ لِلْغَنِيِّ كَانَتْ بِمَعْنَى الْهِبَةِ فَتُلْحَقُ بِهِمَا فَنَقُولُ: وَإِذَا أَرَدْتَ كِتَابَةَ الْوَصِيَّةِ فَالْوَجْهُ فِيهِ كِتَابَةُ كِتَابٍ كَتَبَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حِينَ اسْتَكْتَبَ فَأَمْلَاهُ عَلَى السَّائِلِ عَلَى الْبَدِيهَةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَهُوَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنْ الذُّلِّ وَهُوَ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَمِينُهُ عَلَى وَحْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ مُبْتَهِلًا إلَى اللَّهِ - تَعَالَى - أَيْ مُتَضَرِّعًا أَنْ يُتِمَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ نِعْمَتَهُ وَأَنْ لَا يَسْلُبَهُ مَا وَهَبَ لَهُ فِيهِ وَمَا امْتَنَّ بِهِ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُ إلَيْهِ فَإِنَّ لَهُ الْمُلْكَ وَبِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَوْصَى فُلَانٌ وَلَدَهُ وَأَهْلَهُ وَقَرَابَتَهُ وَإِخْوَتَهُ وَمَنْ أَطَاعَ أَمْرَهُ بِمَا أَوْصَى بِهِ إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمْ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَأَوْصَاهُمْ جَمِيعًا أَنْ يَتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَأَنْ يُطِيعُوا اللَّهَ فِي سِرِّهِمْ وَعَلَانِيَتِهِمْ فِي قَوْلِهِمْ وَفِعْلِهِمْ وَأَنْ يَلْزَمُوا طَاعَتَهُ وَيَنْتَهُوا عَنْ مَعْصِيَتِهِ وَأَنْ يُقِيمُوا الدِّينَ وَلَا يَتَفَرَّقُوا فِيهِ وَجَمِيعُ مَا أَوْصَاهُمْ بِهِ لَا غِنًى بِهِمْ عَنْهُ وَلَا غِنًى بِأَحَدٍ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَعَنْ التَّمَسُّكِ بِأَمْرِهِ.

وَأَقَرَّ فُلَانٌ أَنَّ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا فَتَنْسُبُهُ وَتُسَمِّيهِ إلَى أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَأَوْصَى إنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثُ الْمَوْتِ أَنْ يَقْضِيَ جَمِيعَ دُيُونِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ عَنْ تَجْهِيزِهِ وَتَكْفِينِهِ ثُمَّ يَنْظُرَ إلَى ثُلُثِ مَا بَقِيَ مِمَّا يَخْلُفُ وَيُنَفِّذُ مِنْ ثُلُثِهِ فِي كَذَا وَفِي كَذَا ثُمَّ مَا بَقِيَ بَعْدَ دَيْنِي وَانَفَاذِ وَصَايَايَ فَهُوَ مِيرَاثٌ لِوَرَثَتِي وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ - تَعَالَى - الَّتِي جَعَلَهَا لَهُمْ وَلِي أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>