للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُغَيِّرَ وَصِيَّتِي الَّتِي أَوْصَيْتُ بِهَا فِي ثُلُثِي وَأَرْجِعَ عَمَّا شِئْتُ وَأَنْقُصُ مَا رَأَيْتُ وَأُبْدِلَ مِنْ الْمُوصَى لَهُمْ مَنْ شِئْتُ فَإِنْ مِتُّ فَوَصِيَّتِي مُنَفَّذَةٌ عَلَى مَا أَمُوتُ عَلَيْهِ مِنْهَا وَقَدْ جَعَلَ فُلَانٌ فُلَانًا وَصِيَّهُ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَقَبِلَ فُلَانٌ الْوَصِيَّةَ مِنْهُ مُوَاجَهَةً شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَهَذَا ذِكْرُ وَصِيَّةٍ تَامَّةٍ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

(وَصِيَّةٌ جَامِعَةٌ) صُورَتُهَا: هَذَا مَا أَوْصَى الْعَبْدُ الضَّعِيفُ فِي نَفْسِهِ الْفَقِيرُ إلَى رَحْمَةِ رَبِّهِ فُلَانٌ أَوْصَى فِي حَالِ قِيَامِ عَقْلِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ لَهُ وَعَلَيْهِ وَهُوَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَه إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا وَلَمْ يُشْرِكْ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا وَيَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عَبْدُهُ وَصَفِيُّهُ وَرَسُولُهُ وَأَمِينُهُ عَلَى وَحْيِهِ أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ وَأَنَّ الْمِيزَانَ حَقٌّ وَأَنَّ الْحِسَابَ حَقٌّ وَأَنَّ الصِّرَاطَ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ وَأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَبِيًّا وَرَسُولًا وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا وَبِالْكَعْبَةِ قِبْلَةً وَبِالْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا عَلَى ذَلِكَ يَحْيَا وَعَلَى ذَلِكَ يَمُوتُ وَعَلَى ذَلِكَ يُبْعَثُ إنْ شَاءَ اللَّهُ مُبْتَهِلًا إلَى اللَّهِ - تَعَالَى - أَنْ يُتِمَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ نِعْمَتَهُ وَأَنْ لَا يَسْلُبَهُ مَا وَهَبَ لَهُ وَمَا أَنْفَقَ بِهِ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُ إلَيْهِ فَإِنَّ لَهُ الْمُلْكَ وَبِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَيَشْهَدُ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا الْغَدَّارَةِ الْمَكَّارَةِ الْخَدَّاعَةِ تَائِبًا إلَى اللَّهِ - تَعَالَى - نَادِمًا عَلَى مَا فَرَّطَ فِيهَا مُتَأَسِّفًا عَلَى مَا قَصَّرَ فِيهِ مُسْتَغْفِرًا مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَزَلَّةٍ بَدَرَتْ مِنْهُ مُؤْمِلًا مِنْ خَالِقِهِ وَرَازِقِهِ تَبَارَكَ اسْمُهُ قَبُولَ تَوْبَتِهِ وَإِقَالَةَ عَثْرَتِهِ رَاجِيًا عَفْوَهُ وَغُفْرَانَهُ إذْ وَعَدَ ذَلِكَ عِبَادَهُ فِيمَا أَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} [الشورى: ٢٥] وَقَوْلُهُ صِدْقٌ وَوَعْدُهُ حَقٌّ وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ كُلَّ شَيْءٍ وَسَبَقَتْ رَحْمَتُهُ غَضَبَهُ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَوْصَى مَنْ خَلَّفَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ وَرَثَتِهِ وَأَقْرِبَائِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَوْلِيَائِهِ وَمَنْ أَطَاعَ أَمْرَهُ أَنْ يَعْبُدُوهُ فِي الْعَابِدِينَ وَأَنْ يَحْمَدُوهُ فِي الْحَامِدِينَ وَأَنْ يَنْصَحُوا لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَأَنْ يَتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَيُصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِهِمْ وَأَنْ يُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَكُونُوا مُؤْمِنِينَ مُوقِنِينَ وَوَصَّاهُمْ بِمَا وَصَّى بِهِ إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة: ١٣٢] وَأَنْ يُطِيعُوا اللَّهَ فِي عَلَانِيَتِهِمْ وَسِرِّهِمْ وَقَوْلِهِمْ وَفِعْلِهِمْ وَأَنْ يَلْزَمُوا طَاعَتَهُ وَيَنْتَهُوا عَنْ مَعْصِيَتِهِ وَأَنْ يُقِيمُوا الدِّينَ وَلَا يَتَفَرَّقُوا فِيهِ.

وَأَوْصَى أَنَّهُ إنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثُ الْمَوْتِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ عَدْلًا بَيْنَ عِبَادِهِ وَحَتْمًا عَلَى خَلْقِهِ لَا مَحِيصَ لِأَحَدٍ عَنْهُ وَلَا مَحِيدَ جَعَلَ اللَّهُ خَيْرَ أَيَّامِهِ يَوْمَ يَلْقَاهُ أَنْ يَبْدَءُوا مِنْ تَرِكَتِهِ بِكَفَنِهِ وَحَنُوطِهِ وَتَجْهِيزِهِ وَدَفْنِهِ وَنَفَقَاتِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عَلَى أَهْلِ تَعْزِيَتِهِ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى مُوَافَقَةِ السُّنَّةِ مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ وَلَا تَقْتِيرٍ وَلَا تَبْذِيرٍ ثُمَّ بِقَضَاءِ دُيُونِهِ الَّتِي عَلَيْهِ لِلنَّاسِ ثُمَّ بِاقْتِضَاءِ دُيُونِهِ الَّتِي لَهُ عَلَى النَّاسِ وَرَدِّ الْوَدَائِعِ وَالْأَمَانَاتِ وَإِنْفَاذِ وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ وَلَا تَبْدِيلٍ {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: ١٨١] وَإِنْ أَقَرَّ مِنْ الدُّيُونِ الَّتِي عَلَيْهِ لِفُلَانٍ كَذَا دِرْهَمًا بِخَطٍّ وَقُبَالَةٍ بِتَارِيخِ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا بِغَيْرِ قُبَالَةٍ وَلِفُلَانٍ كَذَا بِجِهَةِ كَذَا وَدُيُونُهُ الَّتِي لَهُ عَلَى النَّاسِ مِنْهَا عَلَى فُلَانٍ كَذَا بِقُبَالَةِ تَارِيخِ كَذَا وَعَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ كَذَا وَأَمَّا أَعْيَانُ أَمْوَالِهِ الَّتِي هِيَ لَهُ فَدَارٌ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَحُدُّهَا، وَكَرْمٌ فِي مَحَلَّةِ كَذَا وَيَحُدُّهُ، وَأَرَاضٍ فِي قَرْيَةِ كَذَا وَيَحُدُّهَا وَحَوَانِيتُ فِي سُوقِ كَذَا وَيَحُدُّهَا وَكَذَا سَائِرُ الْعَقَارَاتِ وَمِنْ الْعَبِيدِ كَذَا وَمِنْ الْإِمَاءِ كَذَا وَيُسَمِّيهِمْ وَيُحَلِّيهِمْ وَمِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَذَا وَمِنْ الْحَيَوَانَاتِ كَذَا وَمِنْ مَالِ التِّجَارَةِ فِي الْحَانُوتِ وَالْحُجْرَةِ كَذَا وَمِنْ أَوَانِي الصُّفْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>