للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَلْفَ الِالْتِوَاءِ أَوْ قَبْلَهُ فَإِنْ كَانَ الِالْتِوَاءُ بِتَرْبِيعٍ فَهُوَ كَنَهْرَيْنِ فَتَكُونُ الشُّفْعَةُ لِلشُّرَكَاءِ فِي الشُّرْبِ إلَى مَوْضِعِ الِالْتِوَاءِ خَاصَّةً فَإِنْ سَلَّمُوا فَهِيَ لِلْبَاقِينَ مِنْ أَهْلِ النَّهْرِ وَإِنْ كَانَ الِالْتِوَاءُ بِاسْتِدَارَةٍ وَانْحِرَافٍ كَانَتْ الشُّفْعَةُ لَهُمْ جَمِيعًا جَعَلُوهُ كَالنَّهْرِ الْوَاحِدِ فِي الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَهْرٌ بَيْنَ قَوْمٍ وَلَهُمْ عَلَيْهِ أَرْضُونَ وَبَسَاتِينُ شُرْبُهَا مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ وَهُمْ شُرَكَاءُ فِيهِ فَلَهُمْ الشُّفْعَةُ فِيمَا بِيعَ مِنْ هَذِهِ الْأَرَاضِيِ وَالْبَسَاتِينِ فَإِنْ اتَّخَذُوا مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِينَ وَالْبَسَاتِينِ دُورًا وَاسْتَغْنَوْا عَنْ ذَلِكَ الْمَاءِ فَإِنَّهُ لَا شُفْعَةَ بَيْنَهُمْ إلَّا بِالْجِوَارِ بِمَنْزِلَةِ دُورُ الْأَمْصَارِ وَإِنْ بَقِيَ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِينَ مَا يُزْرَعُ وَبَقِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَسَاتِينِ مَا يَحْتَاجُ إلَى السَّقْيِ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الشُّرْبِ عَلَى حَالِهِمْ وَشُرَكَاءُ فِي الشُّفْعَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

نَهْرٌ فِيهِ شُرْبٌ لِقَوْمٍ وَأَرْضُ النَّهْرِ لِغَيْرِهِمْ فَبَاعَ رَجُلٌ أَرْضَهُ وَالْمَاءُ مُنْقَطِعٌ فِي النَّهْرِ فَلَهُمْ الشُّفْعَةُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا شُفْعَةَ لَهُمْ بِحَقِّ الشُّرْبِ إذَا كَانَ الْمَاءُ مُنْقَطِعًا كَمَا فِي الْعُلْوَ الْمُنْهَدِمِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ نَهْرًا بِأَصْلِهِ وَلِرَجُلٍ أَرْضٌ فِي أَعْلَاهُ إلَى جَنْبِهِ وَلِرَجُلٍ آخَرَ أَرْضٌ فِي أَسْفَلِهِ إلَى جَنْبِهِ فَلَهُمَا جَمِيعًا الشُّفْعَةُ فِي جَمِيعِ النَّهْرِ مِنْ أَعْلَاهُ إلَى أَسْفَلِهِ وَكَذَا الْقَنَاةُ وَالْعَيْنُ وَالْبِئْرُ فَهِيَ مِنْ الْعَقَارَاتِ يُسْتَحَقُّ فِيهَا الشُّفْعَةُ بِالْجِوَارِ وَكَذَلِكَ الْقَنَاةُ يَكُونُ مِفْتَحُهَا فِي أَرْضِ وَيَظْهَرُ مَاؤُهَا فِي أَرْضٍ أُخْرَى فَجِيرَانُهَا مِنْ مِفْتَحِهَا إلَى مَصَبِّهَا شُرَكَاءُ فِي الشُّفْعَةِ وَإِذَا كَانَ نَهْرٌ لِرَجُلٍ خَالِصًا لَهُ عَلَيْهِ أَرْضٌ وَلِآخَرِينَ عَلَيْهِ أَرْضٌ وَلَا شُرْبَ لَهُمْ فِيهِ فَبَاعَ رَبُّ الْأَرْضِ النَّهْرَ خَاصَّةً فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الشُّفْعَةِ فِيهِ لِاتِّصَالِ مِلْكِهِمْ بِالْمَبِيعِ وَإِنْ بَاعَ الْأَرْضَ خَاصَّةً دُونَ النَّهْرِ فَالْمُلَازِقُ لِلْأَرْضِ أَوْلَاهُمْ بِالشُّفْعَةِ وَإِنْ بَاعَ النَّهْرَ وَالْأَرْضَ جَمِيعًا كَانُوا شُفَعَاءَ فِي النَّهْرِ لِاتِّصَالِ مِلْكِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِالنَّهْرِ وَكَانَ الَّذِي هُوَ مُلَاصِقُ الْأَرْضِ أَوْلَاهُمْ بِالشُّفْعَةِ فِي الْأَرْضِ لِاتِّصَالِ مِلْكِهِ بِالْأَرْضِ بِمَنْزِلَةِ طَرِيقٍ فِي دَارٍ لِرَجُلٍ فَبَاعَ الطَّرِيقَ وَالطَّرِيقُ خَالِصٌ لَهُ فَجَارُ الطَّرِيقِ أَوْلَى بِهِ مِنْ جَارِ الْأَرْضِ وَلَوْ كَانَ شَرِيكًا فِي الطَّرِيقِ أَخَذَ شُفْعَتَهُ مِنْ الدَّارِ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْجَارِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ شَرِيكًا فِي النَّهْرِ أَخَذَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْأَرْضِ وَكَانَ أَحَقَّ بِهَا جَمِيعًا مِنْ جِيرَانِ الْأَرْضِ وَالطَّرِيقُ وَالنَّهْرُ سَوَاءٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

رَجُلٌ لَهُ نَصِيبٌ فِي نَهْرٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ مِمَّنْ يَجْرِي النَّهْرُ فِي أَرْضِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَإِذَا كَانَ نَهْرٌ أَعْلَاهُ لِرَجُلٍ وَأَسْفَلُهُ لِآخَرَ وَمَجْرَاهُ فِي أَرْضِ رَجُلٍ آخَرَ فَاشْتَرَى رَجُلٌ نَصِيبَ صَاحِبِ أَعْلَى النَّهْرِ فَطَلَبَ صَاحِبُ الْأَرْضِ وَصَاحِبُ أَسْفَلِ النَّهْرِ الشُّفْعَةَ فَالشُّفْعَةُ لَهُمَا جَمِيعًا بِالْجِوَارِ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ نَصِيبَ صَاحِبِ أَسْفَلِ النَّهْرِ فَالشُّفْعَةُ لِصَاحِبِ الْأَعْلَى بِالْجِوَارِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ قَنَاةٌ مِفْتَحُهَا بَيْنَ رَجُلَيْنِ إلَى مَكَان مَعْلُومٍ، وَالْأَسْفَلُ مِنْ ذَلِكَ لِأَحَدِهِمَا فَبَاعَ صَاحِبُ الْأَسْفَلِ ذَلِكَ الْأَسْفَلَ فَالشَّرِيكُ وَالْجِيرَانُ فِيهِ سَوَاءٌ وَإِذَا كَانَ نَهْرٌ لِرَجُلٍ فَطَلَبَ إلَيْهِ رَجُلٌ لِيُكْرِيَ مِنْهُ نَهْرًا إلَى أَرْضِهِ ثُمَّ بِيعَ النَّهْرُ الْأَوَّلُ وَمَجْرَاهُ فِي أَرْضِ رَجُلٍ آخَرَ فَصَاحِبُ الْأَرْضِ أَوْلَى بِالشُّفْعَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - دَارٌ فِي سِكَّةٍ خَاصَّةٍ بَاعَهَا صَاحِبُهَا مِنْ رَجُلٍ بِلَا طَرِيقٍ فَلِأَهْلِ السِّكَّةِ الشُّفْعَةُ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَرْضًا بِلَا شُرْبٍ فَلِأَهْلِ الشُّرْبِ الشُّفْعَةُ وَلَوْ بِيعَتْ هَذِهِ الدَّارُ وَهَذِهِ الْأَرْضُ مَرَّةً أُخْرَى فَلَيْسَ لَهُمْ فِيهَا الشُّفْعَةُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي قَرَاحٍ وَاحِدٍ فِي وَسَطِهِ سَاقِيَةٌ جَارِيَةٌ، شُرْبُ هَذَا الْقَرَاحِ مِنْهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَبِيعَ الْقَرَاحُ فَجَاءَ شَفِيعَانِ أَحَدُهُمَا يَلِي هَذِهِ النَّاحِيَةَ مِنْ الْقَرَاحِ وَالْآخَرُ يَلِي الْجَانِبَ الْآخَرَ قَالَ هُمَا شَفِيعَانِ فِي الْقَرَاحِ وَلَيْسَتْ السَّاقِيَّةُ مِنْ حُقُوقِ هَذَا الْقَرَاحِ فَلَا يُعْتَبَرُ فَاصِلًا كَالْحَائِطِ الْمُمْتَدِّ وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ السَّاقِيَةُ بِجِوَارِ الْقَرَاحِ وَيَشْرَبُ مِنْهَا أَلْفَ جَرِيبٍ خَارِجًا مِنْ هَذَا الْقَرَاحِ فَصَاحِبُ السَّاقِيَةِ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْجَارِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي طَلَبِ الشُّفْعَةِ]

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي طَلَبِ الشُّفْعَةِ) الشُّفْعَةُ تَجِبُ بِالْعَقْدِ وَالْجِوَارِ وَتَتَأَكَّدُ بِالطَّلَبِ وَالْإِشْهَادِ وَتَتَمَلَّكُ بِالْأَخْذِ ثُمَّ الطَّلَبِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ طَلَبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>