للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الرِّبْحِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

لَوْ أَقَرَّ الْمُضَارِبُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ أَنَّهُ رَبِحَ فِي الْمَالِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنَّ الْمُضَارَبَةَ وَالرِّبْحَ دَيْنٌ عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ مَاتَ، فَإِنْ أَقَرَّ الْغُرَمَاءُ بِذَلِكَ فَلَا حَقَّ لِرَبِّ الْمَالِ فِيمَا تَرَكَ الْمُضَارِبُ وَلَكِنْ يَتْبَعُ رَبُّ الْمَالِ الْمَدْيُونَ بِرَأْسِ مَالِهِ فَيَأْخُذُهُ وَيَأْخُذُ نِصْفَ مَا بَقِيَ مِنْهُ أَيْضًا حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ وَاقْتَسَمَ نِصْفَهُ غُرَمَاءُ الْمُضَارِبِ مَعَ مَالِهِ، وَإِنْ قَالَ غُرَمَاءُ الْمُضَارِبِ إنَّ الْمُضَارِبَ لَمْ يَرْبَحْ فِي الْمَالِ شَيْئًا وَلَيْسَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ مِنْ الْمُضَارَبَةِ كَانَ ذَلِكَ الدَّيْنُ مَعَ سَائِرِ تَرِكَتِهِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَرَبِّ الْمَالِ بِالْحِصَصِ يَضْرِبُ رَبُّ الْمَالِ بِرَأْسِ مَالِهِ وَلَا يَضْرِبُ بِشَيْءٍ مِنْ الرِّبْحِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ مَعْرُوفَةً فِي الصِّحَّةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ مَالُ الْمُضَارَبَةِ إلَّا بِقَوْلِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَعْرُوفَةٍ وَلَمْ تُعْرَفْ إلَّا بِإِقْرَارِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضْرِبُ بِرَأْسِ الْمَالِ مَعَ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِنْ قَالَ: هَذَا الْأَلْفُ مُضَارَبَةً لِفُلَانٍ عِنْدِي وَلِفُلَانٍ عِنْدِي وَدِيعَةُ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا مِنْ الدَّيْنِ بُدِئَ بِالْمُضَارَبَةِ، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِهَا بِعَيْنِهَا كَانَ جَمِيعُ مَالِ الْمُضَارِبِ بَيْنَ صَاحِبِ الدَّيْنِ وَصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ وَصَاحِبِ الْمُضَارَبَةِ بِالْحِصَصِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ أَلْفٌ مُضَارَبَةً وَهُوَ فِي هَذَا الصُّنْدُوقِ وَلِفُلَانٍ أَلْفٌ عَلَيَّ فَلَمْ يُوجَدْ فِي الصُّنْدُوقِ شَيْءٌ فَالتَّرِكَةُ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَالْغَرِيمِ بِالْحِصَّةِ، وَإِنْ وُجِدَ فِي الصُّنْدُوقِ أَلْفٌ كَانَ هُوَ أَوْلَى، وَإِنْ وُجِدَ فِي الصُّنْدُوقِ أَلْفَانِ فَلِرَبِّ الْمَالِ أَلْفٌ خَاصَّةً وَالثَّانِي بَيْنَ الْغُرَمَاءِ مُخْتَلَطَيْنِ كَانَ الْأَلْفَانِ أَوْ غَيْرَ مُخْتَلَطَيْنِ، فَإِنْ عُلِمَ أَنَّ الْمُضَارِبَ هُوَ الَّذِي خَلَطَ الْمَالَ بِغَيْرِ أَمْرِ رَبِّ الْمَالِ كَانَ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا نِصْفُهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَنِصْفُهُ لِلْغُرَمَاءِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً وَهُوَ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ وَلِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَذَلِكَ الدَّيْنُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَلَوْ أَقَرَّ الْمُضَارِبُ فِي مَرَضِهِ بِمُضَارَبَةٍ بِعَيْنِهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا بِعَيْنِهَا وَدِيعَةً لِآخَرَ ثُمَّ أَقَرَّ بِدَيْنٍ ثُمَّ مَاتَ بُدِئَ بِالْمُضَارَبَةِ وَيَتَحَاصُّ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ وَالدَّيْنِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ تَرِكَتِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

دَفَعَ إلَى رَجُلَيْنِ أَلْفًا مُضَارَبَةً فَمَاتَ أَحَدُهُمَا، فَقَالَ الْآخَرُ: هَلَكَ الْمَالُ، صُدِّقَ فِي نَصِيبِهِ وَكَانَ نَصِيبُ الْآخَرِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَتَرِكَتِهِ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْدَعَ نَصِيبَهُ صَاحِبَهُ يُصَدَّقُ فِي الْكُلِّ، وَلَوْ قَالَ: دَفَعْتُ ذَلِكَ إلَى صَاحِبِي، كَانَ مُصَدَّقًا مَعَ يَمِينِهِ وَكَانَ دَيْنًا فِي مَالِ صَاحِبِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِي جِنَايَةِ عَبْدِ الْمُضَارَبَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ]

(الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِي جِنَايَةِ عَبْدِ الْمُضَارَبَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ) . مَنْ دَفَعَ أَلْفًا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ وَاشْتَرَى بِهِ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا فَجَنَى عِنْدَهُ خَطَأً فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَدْفَعَ وَلَا أَنْ يُفْدِي مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَإِنْ كَانَ مَعَ الْعَبْدِ مَالٌ آخَرُ لِلْمُضَارَبَةِ، فَإِنْ فَدَاهُ الْمُضَارِبُ مِنْ مَالِهِ كَانَ مُتَطَوِّعًا لَا يَرْجِعُ بِهِ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَبَقِيَ الْعَبْدُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ كَمَا لَوْ فَدَاهُ أَجْنَبِيٌّ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ لِلْمُضَارِبِ شَرِكَةٌ فِي الْعَبْدِ فَاخْتَارَ الْفِدَاءَ فَإِنَّهُ يُبْطِلُ هَذِهِ الْمُضَارَبَةَ، وَلَوْ كَانَا حَاضِرَيْنِ، يُقَالُ لِرَبِّ الْمَالِ: ادْفَعْهُ أَوْ أَفْدِهِ فَإِذَا اخْتَارَ أَحَدَهُمَا انْتَقَضَتْ الْمُضَارَبَةُ، فَإِنْ أَرَادَ رَبُّ الْمَالِ دَفْعَهُ، فَقَالَ الْمُضَارِبُ: أَنَا أَفْدِيهِ حَتَّى يَبْقَى عَلَى الْمُضَارَبَةِ فَأَبِيعَهُ حَتَّى أَرْبَحَ فِيهِ، لَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ الدَّفْعُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُضَارِبُ غَائِبًا لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَدْفَعَ وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يُفْدِيَ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

لَوْ كَانَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ أَلْفًا وَاشْتَرَى عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفَانِ فَجَنَى جِنَايَةً خَطَأً لَا يُخَاطَبُ الْمُضَارِبُ بِالدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ إذَا كَانَ رَبُّ الْمَالِ غَائِبًا وَلَيْسَ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمُضَارِبِ وَلَا عَلَى الْغُلَامِ سَبِيلٌ إلَّا أَنَّ لَهُمْ أَنْ يَسْتَوْثِقُوا مِنْ الْغُلَامِ بِكَفِيلٍ إلَى أَنْ يَقْدَمَ الْمَوْلَى، وَكَذَا لَا يُخَاطَبُ الْمَوْلَى بِالدَّفْعِ إذَا كَانَ الْمُضَارِبُ غَائِبًا وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَفْدِيَ حَتَّى يَحْضُرَا جَمِيعًا، فَإِنْ فَدَى كَانَ مُتَطَوِّعًا فِي الْفِدَاءِ فَإِذَا حَضَرَا دَفَعَا أَوْ فَدَيَا، فَإِنْ دَفَعَا فَلَيْسَ لَهُمَا شَيْءٌ، وَإِنْ فَدَيَا كَانَ الْفِدَاءُ عَلَيْهِمَا أَرْبَاعًا وَخَرَجَ الْعَبْدُ مِنْ الْمُضَارَبَةِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، فَإِنْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا الدَّفْعَ وَالْآخَرُ الْفِدَاءَ فَلَهُمَا ذَلِكَ، هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ: إذَا دَفَعَ أَلْفًا مُضَارَبَةً فَاشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِهِ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا

<<  <  ج: ص:  >  >>