للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ مِنْ حَيْثُ الْعَيْنُ يُوجِبُ سُقُوطَ الدَّيْنِ بِقَدْرِهِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْ حَيْثُ السِّعْرُ لَا يُوجِبُ سُقُوطَ شَيْءٍ مِنْ الدَّيْنِ عِنْدَ الثَّلَاثَةِ هَكَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَقَعُ بِهِ الرَّهْنُ وَمَا لَا يَقَعُ]

(الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَقَعُ بِهِ الرَّهْنُ وَمَا لَا يَقَعُ) رَجُلٌ اشْتَرَى بَيْتًا فَقَالَ لِلْبَائِعِ: أَمْسِكْ هَذَا الثَّوْبَ حَتَّى أُعْطِيَكَ الثَّمَنَ فَهُوَ رَهْنٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. .

رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَأَعْطَاهُ ثَوْبًا فَقَالَ: أَمْسِكْ هَذَا حَتَّى أُعْطِيَكَ مَالَكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ رَهْنٌ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَكُونُ وَدِيعَةً لَا رَهْنًا فَإِنْ قَالَ: أَمْسِكْ هَذَا بِمَالِكَ أَوْ قَالَ: أَمْسِكْ هَذَا رَهْنًا حَتَّى أُعْطِيَكَ مَالَكَ فَهُوَ رَهْنٌ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

رَجُلٌ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ غَلَّةً لِرَجُلٍ، فَقَالَ: أَمْسِكْ هَذِهِ الْأَلْفَ الْوَضَحَ بِحَقِّكَ وَاشْهَدْ لِي بِالْقَبْضِ قَالَ: هَذَا اقْتِضَاءٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: اشْهَدْ لِي بِالْقَبْضِ، فَقَالَ: صَاحِبُ الدَّيْنِ أَعْطِنِي حَتَّى أَشْهَدَ لَكَ، فَقَالَ: أَمْسِكْ الْأَلْفَ الْوَضَحَ وَاشْهَدْ لِي بِالْقَبْضِ، وَلَوْ قَالَ خُذْ هَذِهِ الْأَلْفَ الْوَضَحَ حَتَّى آتِيَكَ بِحَقِّكَ وَاشْهَدْ لِي بِالْقَبْضِ فَأَخَذَ فَهُوَ رَهْنٌ وَلَا يَكُونُ اقْتِضَاءً كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَإِنْ قَالَ: رَهَنْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ وَهَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَأَطْلَقَ وَلَمْ يَخُصَّ شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ دَخَلَ فِيهِ الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ وَالْكَرْمُ الَّذِي فِي الْأَرْضِ وَالرَّطْبَةُ وَالزَّرْعُ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.

وَلَوْ أَنَّ الْمَدْيُونَ قَضَاهُ الدَّيْنَ ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ مَالًا، وَقَالَ: خُذْ هَذَا رَهْنًا بِمَا كَانَ فِيهَا مِنْ زَائِفٍ أَوْ سَتُّوقٍ فَهُوَ رَهْنٌ جَائِزٌ بِمَا كَانَ سُتُّوقًا، وَلَا يَكُونُ رَهْنًا بِمَا كَانَ زَائِفًا؛ لِأَنَّ قَبْضَ الزُّيُوفِ اسْتِيفَاءٌ فَلَا يُتَصَوَّرُ الرَّهْنُ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ بِخِلَافِ السَّتُّوقِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. .

لَوْ اسْتَقْرَضَ دَرَاهِمَ وَسَلَّمَ حِمَارَهُ إلَى الْمُقْرِضِ لِيَسْتَعْمِلَ إلَى شَهْرَيْنِ حَتَّى يُوَفِّيَهُ دَرَاهِمَهُ أَوْ دَارًا لِيَسْكُنَهَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ إنْ اسْتَعْمَلَهُ فَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِهِ وَلَا يَكُونُ رَهْنًا كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.

الْفُقَّاعِيِّ لَوْ أَخَذَ رَهْنًا بِالزِّنْبِيلِ وَالْكِيزَانِ لَمْ يَكُنْ رَهْنًا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

دَفَعَ إلَيْهِ رَهْنًا لِيَدْفَعَ لَهُ ثَمَانِمِائَةِ دِينَارٍ فَدَفَعَ إلَيْهِ ثَلَاثَمِائَةٍ، وَامْتَنَعَ عَنْ دَفْعِ الْبَاقِي فَهُوَ رَهْنٌ بِهَذَا الْقَدْرِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَجُوزُ الِارْتِهَانُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

(الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَجُوزُ الِارْتِهَانُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ) يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الرَّهْنَ إنَّمَا يَصِحُّ بِدَيْنٍ وَاجِبٍ أَوْ بِدَيْنٍ وُجِدَ سَبَبُ وُجُوبِهِ كَالرَّهْنِ بِالْأَجْرِ قَبْلَ وُجُوبِهِ أَمَّا الرَّهْنُ بِدَيْنٍ لَا يَجِبُ، وَلَمْ يُوجَدْ سَبَبُ وُجُوبِهِ كَالرَّهْنِ بِالدَّرْكِ لَا يَصِحُّ ثُمَّ لَا يُشْتَرَطُ وُجُوبُ الدَّيْنِ عَلَى الْحَقِيقَةِ لِصِحَّةِ الرَّهْنِ لَا مَحَالَةَ بَلْ يُكْتَفَى بِوُجُوبِهِ ظَاهِرًا بَيَانُهُ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرَهَا مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ مِنْ جُمْلَتِهَا: رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَجَحَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ ذَلِكَ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ، وَأَعْطَاهُ بِهَا رَهْنًا يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ فَهَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ لَا دَيْنَ فَإِنَّ عَلَى الْمُرْتَهِنِ قِيمَةَ الرَّهْنِ خَمْسَمِائَةٍ لِلرَّاهِنِ وَاعْلَمْ بِأَنَّ هَذَا الرَّهْنَ جَائِزٌ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِدَيْنٍ وَاجِبٍ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ، فَإِنَّ الصُّلْحَ عَنْ الْإِنْكَارِ جَائِزٌ عِنْدَنَا، وَبَدَلُ الصُّلْحِ وَاجِبٌ عِنْدَنَا، أَلَا يَرَى أَنَّهُمَا لَوْ رَفَعَا الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي وَقَصَّا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>