للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَالِبِ رَأْيِهِ أَنَّهُ يُقْتَلُ لِأَجْلِهِ وَلَا يَنْكِي فِيهِمْ نِكَايَةً بِضَرْبٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْإِقْدَامِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْعَزِيمَةُ وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَرَخَّصَ بِالسُّكُوتِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

لَا بَأْسَ بِتَعْلِيقِ الْأَجْرَاسِ عَلَى عُنُقِ الْفَرَسِ وَالثَّوْرِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي كَرَاهَةِ تَعْلِيقِ الْجَرَسِ عَلَى الدَّوَابِّ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِكَرَاهَتِهِ فِي الْأَسْفَارِ كُلِّهَا الْغَزْوُ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَهَذَا الْقَائِلُ يَقُولُ بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ فِي الْحَضَرِ كَمَا يَقُولُ بِكَرَاهَتِهِ فِي السَّفَرِ وَيَقُولُ أَيْضًا بِكَرَاهَةِ اتِّخَاذِ الْجَلَاجِلِ فِي رِجْلِ الصَّغِيرِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ إنَّمَا يُكْرَهُ اتِّخَاذُ الْجَرَسِ لِلْغُزَاةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْجَرَسِ عَلَى الدَّوَابِّ إنَّمَا يُكْرَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّ الْعَدُوَّ يَشْعُرُ بِمَكَانِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ قِلَّةٌ يَتَبَادَرُونَ إلَيْهِمْ فَيَقْتُلُونَهُمْ وَإِنْ كَانَ بِهِمْ كَثْرَةٌ فَالْكُفَّارُ يَتَحَرَّزُونَ عَنْهُمْ وَيَتَحَصَّنُونَ فَعَلَى هَذَا قَالُوا إذَا كَانَ الرَّكْبُ فِي الْمَفَازَةِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ يَخَافُونَ مِنْ اللُّصُوصِ يُكْرَهُ لَهُمْ تَعْلِيقُ الْجَرَسِ عَلَى الدَّوَابِّ أَيْضًا حَتَّى لَا يَشْعُرَ بِهِمْ اللُّصُوصُ فَلَا يَسْتَعِدُّونَ لِقَتْلِهِمْ وَأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ وَاَلَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ الْجَوَابِ فِي الْجَرَسِ فَهُوَ الْجَوَابُ فِي الْجَلَاجِلِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السَّيْرِ فَأَمَّا مَا كَانَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِصَاحِبِ الرَّاحِلَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ قَالَ وَفِي الْجَرَسِ مَنْفَعَةٌ جَمَّةٌ مِنْهَا إذَا ضَلَّ وَاحِدٌ مِنْ الْقَافِلَةِ يَلْحَقُ بِهَا بِصَوْتِ الْجَرَسِ وَمِنْهَا أَنَّ صَوْتَ الْجَرَسِ يُبْعِدُ هَوَامَّ اللَّيْلِ عَنْ الْقَافِلَةِ كَالذِّئْبِ وَغَيْرِهِ وَمِنْهَا أَنَّ صَوْتَ الْجَرَسِ يَزِيدُ فِي نَشَاطِ الدَّوَابِّ فَهُوَ نَظِيرُ الْحِدَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

الْمُحْتَسِبُ إذَا نَهَى قَطَّانًا عَنْ وَضْعِ الْقُطْنِ عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَلَمْ يَمْتَنِعْ فَأَوْقَدَ الْمُحْتَسِبُ النَّارَ فِي قُطْنِهِ وَأَحْرَقَهُ يَضْمَنُ إلَّا إذَا عَلِمَ فَسَادًا فِي ذَلِكَ وَرَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي إحْرَاقِهِ فَلَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي التَّدَاوِي وَالْمُعَالَجَاتِ]

(الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي التَّدَاوِي وَالْمُعَالَجَاتِ وَفِيهِ الْعَزْلُ وَإِسْقَاطُ الْوَلَدِ) الِاشْتِغَالُ بِالتَّدَاوِي لَا بَأْسَ بِهِ إذَا اعْتَقَدَ أَنَّ الشَّافِيَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَنَّهُ جَعَلَ الدَّوَاءَ سَبَبًا أَمَّا إذَا اعْتَقَدَ أَنَّ الشَّافِيَ هُوَ الدَّوَاءُ فَلَا. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا بَأْسَ بِالتَّدَاوِي بِالْعَظْمِ إذَا كَانَ عَظْمُ شَاةٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَوْ بَعِيرٍ أَوْ فَرَسٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الدَّوَابِّ إلَّا عَظْمَ الْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ التَّدَاوِي بِهِمَا فَقَدْ جَوَّزَ التَّدَاوِي بِعَظْمِ مَا سِوَى الْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَمَا إذَا كَانَ الْحَيَوَانُ ذَكِيًّا أَوْ مَيِّتًا وَبَيْنَمَا إذَا كَانَ الْعَظْمُ رَطْبًا أَوْ يَابِسًا وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ إذَا كَانَ الْحَيَوَانُ ذَكِيًّا لِأَنَّ عَظْمَهُ طَاهِرٌ رَطْبًا كَانَ أَوْ يَابِسًا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعَاتِ رَطْبًا كَانَ أَوْ يَابِسًا فَيَجُوزُ التَّدَاوِي بِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْحَيَوَانُ مَيِّتًا فَإِنَّمَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِعَظْمِهِ إذَا كَانَ يَابِسًا وَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ إذَا كَانَ رَطْبًا وَأَمَّا عَظْمُ الْكَلْبِ فَيَجُوزُ التَّدَاوِي بِهِ هَكَذَا قَالَ مَشَايِخُنَا وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ لَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

الِانْتِفَاعُ بِأَجْزَاءِ الْآدَمِيِّ لَمْ يَجُزْ قِيلَ لِلنَّجَاسَةِ وَقِيلَ لِلْكَرَامَةِ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يُنْتَفَعُ مِنْ الْخِنْزِيرِ بِجِلْدِهِ وَلَا غَيْرِهِ إلَّا الشَّعْرُ لِلْأَسَاكِفَةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُكْرَهُ الِانْتِفَاعُ أَيْضًا بِالشَّعْرِ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَظْهَرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِذَا كَانَ بِرَجُلٍ جِرَاحَةٌ يُكْرَهُ الْمُعَالَجَةُ بِعَظْمِ الْخِنْزِيرَ وَالْإِنْسَانِ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَذَا فِي الْكُبْرَى

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا ظَهَرَ بِهِ دَاءٌ فَقَالَ لَهُ الطَّبِيبُ قَدْ غَلَبَ عَلَيْك الدَّمُ فَأَخْرِجْهُ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَاتَ لَا يَكُونُ

<<  <  ج: ص:  >  >>