للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِدَرَاهِمَ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ تَقَابَضَا ثُمَّ فَسَخَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ بِخِيَارِ الشَّرْطِ فَلَمْ يَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ حَتَّى اشْتَرَاهَا مِنْهُ شِرَاءً مُسْتَقْبَلًا صَحَّ وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ شِرَاءُ الْأَجْنَبِيِّ مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِ الْبَائِعِ فَلَوْ هَلَكَتْ الْجَارِيَةُ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَيْهَا يَدُ الْمُشْتَرِي بَطَلَ الشِّرَاءُ الثَّانِي وَانْفَسَخَ وَهَلَكَتْ بِحُكْمِ الشِّرَاءِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ بَعْدَ الْفَسْخِ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُشْتَرِي بِغَيْرِهِ وَهُوَ الثَّمَنُ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا صَحَّ الشِّرَاءُ الثَّانِي وَإِذَا هَلَكَتْ الْجَارِيَةُ هَلَكَتْ بِالشِّرَاءِ الثَّانِي وَالْجَوَابُ فِي الرَّدِّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَبِخِيَارِ الْعَيْبِ نَظِيرُ الْجَوَابِ فِيمَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ

الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ انْفَسَخَ الْبَيْعُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي الْمَنْقُولِ بِسَبَبٍ هُوَ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فِي حَقِّ النَّاسِ كَافَّةً فَبَاعَهُ الْبَائِعُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي يَصِحُّ بَيْعُهُ بَاعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ انْفَسَخَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا بِسَبَبِ هُوَ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ عَقْدٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا لَوْ بَاعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي يَصِحُّ وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لَا يَصِحُّ وَهَذَا أَصْلٌ كَبِيرٌ حَسَنٌ أَشَارَ إلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِي بُيُوعِ الْجَامِعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

اشْتَرَى إبْرِيقَ فِضَّةٍ بِإِبْرِيقِ فِضَّةٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ تَقَايَلَا ثُمَّ تَبَايَعَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا وَلَمْ يَتَقَابَضَا ثَانِيًا وَافْتَرَقَا بَطَلَ الْبَيْعُ الثَّانِي وَالْإِقَالَةُ وَعَادَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ فِي الْمُصَارَفَةِ كُلَّ بَدَلٍ مَضْمُونٌ بَعْدَ الْإِقَالَةِ بِصَاحِبِهِ لَا بِنَفْسِهِ اشْتَرَى إبْرِيقَ فِضَّةٍ بِدَنَانِيرَ وَتَقَابَضَا ثُمَّ أَنَّهُ زَادَ فِي الدَّنَانِيرِ صَحَّ إذَا قَبَضَهَا الْبَائِعُ فِي مَجْلِسِ الزِّيَادَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَجْدِيدُ قَبْضٍ فِيمَا يُقَابِلُ الزِّيَادَةَ وَلَوْ لَمْ يَزِدْ وَلَكِنْ جَدَّدَ الْبَيْعَ عَلَى الْإِبْرِيقِ بِزِيَادَةٍ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ يَجِبُ قَبْضُ الْإِبْرِيقِ وَالثَّمَنِ الثَّانِي وَإِنْ لَمْ يَقْبِضَا انْتَقَضَ وَعَادَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي خَلْطِ الْمَبِيعِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ]

فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ كُرَّ حِنْطَةٍ بِعَيْنِهِ وَكُرَّ شَعِيرٍ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَقْبِضْهُمَا الْمُشْتَرِي حَتَّى خَلَطَهُمَا الْبَائِعُ قَالَ يُقَوَّمُ كُرٌّ مِنْ هَذَا الْمَخْلُوطِ وَتُقَوَّمُ الْحِنْطَةُ قَبْلَ الْخَلْطِ ثُمَّ يُقْسَمُ ثَمَنُ الْحِنْطَةِ عَلَى ذَلِكَ وَيُحَطُّ عَنْ الْمُشْتَرِي مَا دَخَلَ الْحِنْطَةَ مِنْ النُّقْصَانِ وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي الْكُرَّ وَيَأْخُذُ الشَّعِيرَ بِثَمَنِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ رِطْلًا (١) مِنْ زَنْبَقٍ وَرِطْلًا مِنْ بَنَفْسَجٍ فَخَلَطَهُمَا وَلَوْ بَاعَ رِطْلًا مِنْ زَنْبَقٍ وَمِائَةَ رِطْلٍ مِنْ زَيْتٍ وَخَلَطَ الزَّنْبَقَ بِالزَّيْتِ فَقَدْ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الزَّنْبَقِ وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ الزَّيْتَ إنْ أَحَبَّ فَيَأْخُذَ مِنْهُ مِائَةَ رِطْلٍ وَلَهُ الْخِيَارُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ يُنْقِصْهُ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا كَالَ مِنْ خَابِيَةِ زَيْتٍ عَشَرَةَ أَرْطَالٍ فَاشْتَرَاهَا مِنْهُ رَجُلٌ فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى خَلَطَهَا الْبَائِعُ بِمَا فِي الْخَابِيَةِ كَانَ الْمُشْتَرِي فِي أَخْذِهِ بِالْخِيَارِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ

رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى رَهَنَهُ الْبَائِعُ بِمِائَةٍ أَوْ آجَرَهُ أَوْ أَوْدَعَهُ فَمَاتَ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَلَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَضْمَنَ أَحَدًا مِنْ هَؤُلَاءِ إلَّا أَنَّهُ إذَا ضَمِنَهُمْ رَجَعُوا عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ أَعَارَهُ أَوْ وَهَبَهُ فَمَاتَ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ أَوْدَعَهُ فَاسْتَعْمَلَهُ الْمُودِعُ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْضَى الْبَيْعَ وَضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ وَالْمُودِعُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ وَلَيْسَ لِلضَّامِنِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُسْتَوْدِعَ الْقِيمَةَ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُسْتَعِيرَ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ بِأَمْرِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ

رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى قَطَعَ الْبَائِعُ يَدَهُ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَبْدَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ فَإِنْ اخْتَارَ فَسْخَ

<<  <  ج: ص:  >  >>