للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ إذَا لَمْ تَكُنْ لِقَاتِلِ الْخَطَأِ عَاقِلَةٌ]

(فَصْلٌ) إذَا لَمْ تَكُنْ لِقَاتِلِ الْخَطَأِ عَاقِلَةٌ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ، وَكَذَا الْعَمْدُ الْمَحْضُ إذَا أَوْجَبَ الدِّيَةَ يَجِبُ فِي مَالِهِ فِي النَّفْسِ، وَفِيمَا دُونَ النَّفْسِ، وَالْخَطَأُ فِيهِمَا عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَشِبْهُ الْعَمْدِ فِي النَّفْسِ يُوجِبُ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَفِيمَا دُونَ النَّفْسِ يَجِبُ عَلَى الْجَانِي، وَإِنْ بَلَغَ دِيَةً تَامَّةً كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.، وَلَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ، وَتَتَحَمَّلُ نِصْفَ الْعُشْرِ، فَصَاعِدًا كَذَا فِي الْكَافِي.

وَمَا وَجَبَ بِالْعَمْدِ الَّذِي تَمَكَّنَ فِيهِ شُبْهَةٌ أَوْ بِالصُّلْحِ مِنْ الْجِنَايَةِ عَلَى مَالٍ أَوْ بِالْإِقْرَارِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْقَتْلِ خَطَأً أَوْ مَا دُونَ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ أَوْ مَا يَجِبُ بِجِنَايَةِ الْعَبْدِ لَا يَكُونُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بَلْ يَجِبُ فِي مَالِ الْجَانِي، وَفِي الْعَبْدِ عَلَى الْمَوْلَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. .

وَلَا تَعْقِلُ عَاقِلَةُ الْمَوْلَى شَيْئًا مِنْ جِنَايَةِ الْعَبْدِ، وَالْمُدَبَّرِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ مَا لَزِمَ بِاعْتِرَافِ الْجَانِي إلَّا أَنْ يُصَدِّقُوا هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

، وَأَمَّا حُكُومَةُ الْعَدْلِ إنْ كَانَتْ دُونَ أَرْشٍ الْمُوضِحَةِ أَوْ مِثْلَ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ لَا تَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بِيَقِينٍ، فَلَا رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِيهِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: الصَّحِيحُ أَنْ لَا تَتَحَمَّلَهَا الْعَاقِلَةُ، وَأَمَّا الْمُفَصَّلُ، فَلَا تَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَكُلُّ دِيَةٍ وَجَبَتْ بِنَفْسِ الْقَتْلِ فِي الْخَطَأِ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ أَوْ عَمْدٍ دَخَلَهُ شُبْهَةٌ، فَهُوَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ الثُّلُثُ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَقَرَّ بِقَتْلٍ خَطَأٍ كَانَتْ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَلَوْ صُولِحَ مِنْ الْجِنَايَةِ عَلَى مَالٍ، فَهُوَ فِي مَالِ الْجَانِي حَالًّا إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ الْأَجَلُ قَالَ الْقُدُورِيُّ: وَكُلُّ جُزْءٍ مِنْ الدِّيَةِ وَجَبَ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَوْ فِي مَالِ الْجَانِي، فَذَلِكَ الْجُزْءُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ الثُّلُثُ، وَذَلِكَ كَعَشَرَةٍ قَتَلُوا رَجُلًا خَطَأً، فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عُشْرُ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَعَمَّدُوا، وَلَكِنَّ أَحَدَهُمْ أَبُو الْمَقْتُولِ، فَفِي مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ عُشْرُ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَإِذَا كَانَ الْوَاجِبُ بِالْفِعْلِ ثُلُثَ دِيَةِ النَّفْسِ أَوْ أَقَلَّ كَانَ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، وَمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ إلَى تَمَامِ الثُّلُثَيْنِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إلَى تَمَامِ الدِّيَةِ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]

(الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قُتِلَ، فَجَاءَ رَجُلٌ، وَادَّعَى أَنَّهُ عَبْدُهُ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ، فَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ كَانَ عَبْدَهُ، فَأَعْتَقَهُ، وَهُوَ حُرٌّ الْيَوْمَ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ قُضِيَ لِوَارِثِهِ بِالْقِصَاصِ فِي الْعَمْدِ، وَبِالدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ، فَلِمَوْلَاهُ قِيمَتُهُ فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَأِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

إذَا جَرَحَ الرَّجُلُ عَمْدًا ثُمَّ أَشْهَدَ الْمَجْرُوحُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّ فُلَانًا لَمْ يَجْرَحْهُ ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ مِنْ ذَلِكَ هَلْ يَصِحُّ هَذَا الْإِشْهَادُ قَالُوا: هَذَا عَلَى، وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ تَكُونَ جِرَاحَةُ فُلَانٍ مَعْلُومَةً عِنْدَ النَّاسِ وَالْقَاضِي، أَوْ لَمْ تَكُنْ مَعْلُومَةً، فَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةً، فَهَذَا الْإِشْهَادُ مِنْهُ لَا يَصِحُّ، فَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ جِرَاحَةُ فُلَانٍ مَعْلُومَةً مَعْرُوفَةً عِنْدَ الْقَاضِي، وَالنَّاسِ كَانَ الْإِشْهَادُ صَحِيحًا، فَإِنْ أَقَامَتْ الْوَرَثَةُ بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ فُلَانًا جَرَحَهُ لَمْ تُقْبَلْ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

رَجُلٌ جُرِحَ، فَقَالَ: قَتَلَنِي فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ، فَأَقَامَتْ وَرَثَتُهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ أَنَّهُ قَتَلَهُ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ رَجُلٌ جُرِحَ، فَقَالَ فُلَانٌ: جَرَحَنِي ثُمَّ مَاتَ، فَأَقَامَ ابْنُهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ابْنٍ لَهُ آخَرَ أَنَّهُ جَرَحَهُ خَطَأً تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَإِذَا اصْطَدَمَ الْفَارِسَانِ، وَقَتَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فَإِنْ كَانَا خَطَأً، فَإِنْ كَانَا حُرَّيْنِ يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِيَةُ صَاحِبِهِ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَإِنْ كَانَا عَبْدَيْنِ، فَلَا شَيْءَ لِأَحَدِ الْمَوْلَيَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا، وَالْآخَرُ عَبْدًا، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَقْتُولِ الْحُرِّ قِيمَةُ الْعَبْدِ، فَيَأْخُذُهَا وَرَثَةُ الْمَقْتُولِ الْحُرِّ، وَيَبْطُلُ حَقُّ الْحُرِّ الْمَقْتُولِ عَمَّا زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا، فَإِنْ كَانَا حُرَّيْنِ يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ صَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَا عَبْدَيْنِ هُدِرَتْ الْجِنَايَةُ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا، وَالْآخَرُ عَبْدًا، فَعَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَعَلَى الْعَبْدِ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ فِي رَقَبَتِهِ، فَإِذَا مَاتَ، فَقَدْ هَلَكَ، وَأَخْلَفَ بَدَلًا عَنْ نِصْفِهِ، وَهُوَ نِصْفُ قِيمَتِهِ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>